منذ بداية فترة رئاسة كالديرون للمكسيك عام 6002 واعلانه الحرب الشاملة علي كارتلات المخدرات والتي حشد لها 05 ألفا من الجيش والشرطة الفيدرالية وبضع مئات من قوات مكافحة المخدرات الأمريكية، قتل ما لا يقل عن 91 ألف شخص في حرب لا يبدو ان لها نهاية في الأفق الغريب. هذه الحرب اتخذت منحي جديدا الأسبوع الماضي باغتيال ثلاثة دبلوماسيين عاملين في القنصلية الأمريكية بمدينة سويداد خواريز، ومن قبل حذر خبراء الأمن من أن المعارك الشرسة الدائرة الآن في المكسيك للسيطرة علي طرق تهريب المخدرات للولايات المتحدة ستنتقل تدريجيا إلي أمريكا. ففي أواخر الثمانينات أوقف رجال مكافحة المخدرات الأمريكان طرق التهريب عبر دول الكاريبي والتي كان يستخدمها مهربو المخدرات من كولومبيا فهربوه عبر المكسيك ومنه إلي الولاياتالمتحدة، وبمرور الوقت سيطرت كارتلات المخدرات المكسيكية الخمس علي عمليات ترويج المخدرات في العديد من المدن الأمريكية وأصبح لهم اليد العليا علي تجار كولومبيا. وفي عام 7002 وقع الرئيس الأمريكي السابق چورچ بوش علي مبادرة ميريدا Merida مع الرئيس كالديرون وتتلقي بموجبها المكسيك معونات فاقت المليار دولار في صورة طائرات عمودية وأجهزة أشعة للجمارك ولتدريب القضاة وإنشاء أكاديمية جديدة لتدريب قوات الشرطة الفيدرالية. وتتسلم أيضا حكومة رئيس كولومبيا الڤارو أوريبي دعما بالمليارات للمساهمة في الحرب التي تخوضها قواته ضد تجارة المخدرات، فأوريبي وكالديرون هما أهم حلفاء أمريكا في قارة تدير معظم دولها حكومات يسارية. عمليات القتل والاغتيال التي يرتكبها تجار المخدرات في حربهم للسيطرة علي طرق نقل المخدرات انتقلت إلي الأماكن السياحية وإلي شمال الحدود الأمريكية وفي العام الماضي اطلق اسم عاصمة جرائم الاختطاف علي مدينة فينيكس بولاية أريزونا الأمريكية. وفي البداية اعتبرت أمريكا عمليات القتل المتبادل بين العصابات وقتل المدنيين شأنا داخليا خاصا بالمكسيك وان أسوأ ما قد يصيبها هو نقل المخدرات والمهاجرين غير الشرعيين عبر الحدود مع المكسيك. وتعاملت واشنطن مع المشكلة علي انها مسألة اجرامية لا علاقة لها بحربها المعلنة علي ما تطلق عليه الارهاب الاسلامي وأهملت ما يحدث علي حدودها المشتركة مع المكسيك يوميا وتأثيره علي أمنها الداخلي، كما ان السور الاليكتروني بين الدولتين لن يكتمل قبل عام 7102. اغتيال الدبلوماسيين الأمريكان قد يكون رسالة من عصابات المخدرات وحكومتي أمريكا والمكسيك ومفادها انه لم يعد أحد آمنا في هذه الحرب التي تشنها الدولتان. والعصابة المسئولة عن اغتيال الدبلوماسيين هي عصابة لوس أزتيكاس التي تعمل لصالح كارتل مخدرات لالينيا ومنطقة نفوذه مدينة سويداد خواريز أخطر مدن العالم علي الاطلاق بعد ان تحولت شوارعها إلي ساحات حرب وفي نهاية الأسبوع الماضي قتل ما لا يقل عن 05 شخصا. هذا الوضع المأساوي انعكس علي اقتصاد المكسيك الذي تقلص بنسبة 01٪ العام الماضي لكنه مازال رقم 31 بين أكبر اقتصاديات العالم ومازالت المكسيك ثالث أكبر شريك اقتصادي مع الولاياتالمتحدة بعد كندا والصين. العنف المتزايد والمتصاعد جعل واشنطن تصنف المكسيك مع باكستان علي انهما دولتان تواجهان خطر الانهيار. ورغم الصورة العامة القاتمة فالمكسيك لا تواجه خطر الوقوع في هوة الاضطرابات الاجتماعية أو حتي خطر الحرب الأهلية مع اعتراف المسئولين بأن الحرب ضد الجريمة المنظمة قد تستمر لعشرين عاما قادمة. عن موقف أمريكا مما يحدث علي حدودها تقول المحللة السياسية برونوين مادوكس من التايمز أن الرئيس الأمريكي أوباما ليس في حاجة لينظر بعيدا إلي أفغانستان ليري حرب المخدرات وعنفا يهدد استقرار الولاياتالمتحدة وكل ما عليه أن يفعله ان يدير رأسه بإتجاه الجنوب إلي المكسيك. والضغوط تتزايد الآن علي الحكومة الأمريكية من عدد غير قليل من جماعات الضغط ومن الجالية الاسبانية القوية حتي تركز أكثر علي مشكلة المخدرات القادمة من المكسيك لكن مع تشتت القوات الأمريكية في أنحاء مختلفة من العالم قد تواجه واشنطن في السنوات القادمة مشكلة في توفير المال والرجال.