في ترجمة »فيتز جيرالد« لرباعيات الخيام إلي الإنجليزية يقول أحد أبيات تلك الرباعيات الخالدة ما ترجمته بالعربية: »شئ واحد مؤكد.. وهو أن الحياة تطير وتتبدد.. شئ واحد مؤكد.. وكل ما عداه كذب وخداع« ومن الغرابة انني تذكرت تلك الأبيات، وبدون أي ارتباط أو مناسبة، عند قراءتي أمس الأول لخبر نقلته وكالات الأنباء العالمية مفاده ان نائب رئيس الوزراء البريطاني السابق اللورد بريسكوت، أعلن أمام لجنة التحقيق في حرب العراق ان معلومات المخابرات البريطانية حول هذه الحرب لم تكن مبنية علي أسس متينة وسليمة، الأمر الذي اثار أعصابه! بالإضافة إلي ان بعض تلك المعلومات المخابراتية كان مبنيا علي التكهنات والقيل والقال«. أما عن ارتباط أشعار الخيام بسياسات وواقع القرن الحادي والعشرين، فإنه يتمثل في أن الشئ الوحيد المؤكد هو ان الحقيقة تطير وتتبدد وأن كل ما عدا ذلك هو كذب وخداع، سواء جاء من مصادر مخابراتية أو علي لسان اللورد بريسكوت! والحقيقة هنا أو الواقع الذي ساد يتمثل في سقوط وخراب دولة عربية كبري، وإعدام صدام حسين وزمرته، ونهب أموال وموارد هذه الدولة العربية ذات الاحتياطي البترولي الفلكي، والزج بهذه الدولة التي كانت واعدة إلي هامش التاريخ، ومعها إلي حد ما الأمة العربية بأكملها، ثم أخطر من كل هذا وذاك ان الحقيقة طارت وتبددت بلا رجعة، وبلا أي أمل في إصلاح ما أفسدته ودمرته قوات التحالف بزعامة واشنطن! وكما لو كانت الأمة العربية تعاني من ميول انتحارية كامنة تنشط بين الحين والحين، فإنه مازال بيننا من يخرج علينا شاهرا سيفه وممتطيا حصانه ومازال بيننا للأسف الشديد من يصدقون انه الناصر صلاح الدين!