العدالة البطيئة = الظلم هذه مقولة شهيرة وهي صادقة الي أبعد مدي.. في هذا الاطار أسوق قضية القرن - من وجهة نظري - وهي قضية الشقيقين اللذين اتهما بالقتل وحكم عليهما بالاعدام وقضيا في انتظار النقض 8 سنوات حتي استطاع المحامي النابغة اسامة أبوالنيل ان يلغي حكم الاعدام. والمحامي اسامة أبوالنيل لم يستخدم السحر حتي ينقض حكما بهذا المستوي وانما اعتمد علي المعرفة الدقيقة والعميقة والواعية بالقانون واعتمد اكثر علي الشفافية العظيمة لقضاة النقض المصريين الذين يؤكدون لنا في كل يوم ان العدالة في مصر بخير وانهم وبلا أدني شك اصبحوا الحصن الشامخ للعدالة في مصر.. فهم بمستواهم العلمي الرفيع وبمستواهم الاخلاقي الشديد الرفعة وبحيدتهم الفذة التي تؤكد لنا ان مصر بخير ليس هذا دفاعا عن المتهمين اللذين برئا وقد كانا علي بعد خطوات من منصة الاعدام فأنا لا اعرفهما وانما الذي اعرفه ويهمني هو كيف امكن الحكم بالاعدام علي اثنين مع ان احتمالات نجاتهما موجودة وقد ظهرت في النقض.. هذا سؤال محير. والسؤال المحير أكثر هو انهما قضيا في السجن 8 سنوات بينما كان كل ما عليهما قضاؤه هو سنة واحدة فمن سوف يدفع ثمن 7 سنوات ضائعة؟ وسط خوف مهول ليلا ونهارا من يد عشماوي المنتظر.. النقض سد منيع ضد بعض ما يحدث في المحاكم .. وقضاة النقض اكدوا لنا كما قلت ان العدالة بخير. ولكن هل من العدالة ان ينتظر شخص يحتمل انه بريء سنوات طوالا داخل زنزانة حتي يأتي دوره في النقض.. قضاة النقض قليلون والقضايا كثيرة ومكدسة ووزير العدل لا يفتأ يعلن لنا عن جهوده في تقصير زمن التقاضي ولكن الزمن بدل ان يقصر يطول.. كم من اناس فقدوا وظائفهم في انتظار النقض.. كم من أسر دمرت بالكامل لأن واليها سجين في انتظار نقض قد يستغرق سنوات.. ان الحل الكامل صعب نظرا لعدد القضايا ولكن الحل الجزئي ممكن وهو المبادرة بالاسراع في نظر الشق المستعجل الذي يبحث وقف التنفيذ والاسراع به شرط الا يتجاوز نظره الاسبوع كحد اقصي.. وهذا كما قلت أمر ممكن.. اما ان ينتظر بريء محتمل سنوات قد تنتهي ببراءته بعد ان تضيع منه سنوات عمره فهو أمر لا يمكن وصفه الا بأنه ظلم بين وما أطالب به هنا من ضرورة ايقاف التنفيذ حتي يتم البت في النقض ليس اجتهادا شخصيا أو مطلبا مني ولست من خبراء القانون .. وانما هو حكم قضت به المحكمة الدستورية في الحكم رقم 52 لسنة 61 دستورية ويقول الحكم »يجب وقف تنفيذ العقوبة حتي يصير الحكم الجنائي باتا غير قابل للطعن«. وقد جاء ذلك الحكم في جلسة عقدت في 3 يوليو سنة 5991 برئاسة المستشار الدكتور عوض المر.. هذا النص أو هذا الحكم لا يعمل به إلا في اضيق الحدود مع ان الواقع المصري سواء في تكدس القضايا أو الانتظار الطويل جدا لنظر النقض هذا الواقع يفرض التوسع في هذا الحكم الدستوري ابتغاء لتحقيق العدالة.. آنني اتوجه بهذا الكلام للمستشار عادل عبدالحميد رئيس محكمة النقض ورئيس المجلس الاعلي للقضاء وهو رجل عبقري عادل ونزيه ووطني مخلص ويؤكد لنا في كل يوم ان السنهوري لم يمت.. هذا الرجل الفذ قادر علي صنع الكثير بعد ان جعل من محكمة النقض وبحق حصنا شامخا للعدالة في مصر. ولله الأمر.