قد يخيل للسائر في شوارع العاصمة البريطانية لندن أنه لم يبتعد كثيرا عن بعض العواصم العربية مثل بيروت وتونس ودمشق حيث الحجاب والسفور متلازمان وإن كان الأول ليس طاغيا كما هو الحال في القاهرة مثلا. قلما يخلو شارع في لندن من محجبات.. ليس ذلك مقصورا علي مناطق مثل اكسفورد ستريت وريجنت وبيكاديللي سيركوس حيث مناطق التسوق التقليدية للزائرين من العرب خصوصا واغلب من يترددن علي هذه المناطق علي كل حال يكن قد خلعن النقاب والحجاب بمجرد اقلاع طائراتهن. إنما الحديث عن الاحياء والضواحي السكنية ليس فقط تلك التي يغلب علي سكانها وافدون من دول أسيوية وإفريقية وعربية وانما غيرها كذلك. وحتي الأن علي الأقل فليس هناك مضايقات واضحة للمحجبات وإن كان ذلك لا يعني أنه ليس هناك شعور معاد للمسلمين خاصة والمهاجرين عامة من قبل أنصار الحزب القومي البريطاني وهو حزب لم يفز بأي مقعد في الانتخابات البرلمانية الأخيرة لكن المراقبين يتوقعون ألا يطول به الأمر كثيرا قبل أن يحظي بالتمثيل. لكن ذلك ليس ما يستوقف النظر علي أي حال. ما يثير الانتباه ودون حاجة الي مزيد من تحديق البصر هو ملاحظة السائر أن هناك فرقا واضحا بين الحجاب في مدينة مثل لندن والحجاب في القاهرة او للدقة بعض الحجاب في القاهرة. المحجبة في شوارع لندن تعطيك احساسا من الوهلة الأولي بأن ما تفعله أمر متعلق بقناعاتها الدينية وليس أمرا مقصودا منه لفت الأنظار أو جذب الانتباه. غطاء الرأس ليس مدندشا والبلوزة طويلة سابغة غير ضيقة أو مكسمة والبنطلون في الاغلب واسع وحتي إن كان ضيقا فإن طول البلوزة من شأنه أن يخفي ما قد يجسده ضيق البنطلون. ولأن الأمر متعلق بقناعات دينية فإن المحجبات حتي داخل حدائق منازلهن لا تخلعن حجابهن لأن هذه الحدائق بعضها مشترك مع جيران المسكن وبعضها الأخر سهل رؤية من فيه. بعض المحجبات في القاهرة يبدين أكثر مما تبديه غير المحجبات وبشكل أكثر إثارة وأحيانا استفزازا بحيث يصعب الاقتناع أن الهدف منه هو الالتزام بتعاليم الدين أو أنه صادر عن قناعات دينية لدي من يرتدينه والله أعلم بالسرائر. البعض من هؤلاء يرتدين بنطلونا ضيقا ملتصقا بالجسد يكاد "يطرشق" من شدة ضيقه من ناحية ويحدد بشكل مجسد ما تحته. فوق هذا البنطلون الفضيحة في حد ذاته بلوزة ضيقة مكسمة قصيرة حدها الأدني ينتهي "يا دوب" عند الكمر الأعلي للبنطلون حتي لا يحرم المشاهد من شيء. هل الأمر ثقافة مجتمعية تقنع من الأمر بمجرد مجاراة تيار سائد ولا أقول "موضة" دون التوقف أمام المعني الذي تتضمنه كلمة الحجاب والهدف المرجومنه وهو ألا يتحول جسد المرأة الي مجرد سلعة تعرض في الشارع وإنما أن تصان كرامتها وأن يجري التعامل معها ككائن بشري مساو للرجل. هل هذه الثقافة حاضرة لدي المحجبات في لندن وغائبة عن بعض المحجبات في القاهرة.. سؤال لم أجد له جوابا.