الكمون (cumin) ثاني أكثر البهاراتاستخداما على النطاق العالمي، يستخدم كإضافة إلى الطعام بعد الفلفل الأسود. والكمونمن مجموعة عشرة نباتات الأعلى استخداما كعلاجات طبية شعبية على مستوى العالم لعلاجطيف واسع من الأمراض والاضطرابات الصحية. ومنذ العصور القديمة، يجري الحديث عن الكمون وفوائدهالصحية في التراث الطبي والتراث الديني لشعوب وحضارات مختلفة في العالم. وتؤيد نتائجالبحوث العلمية الحديثة كثير من تلك الفوائد المنسوبة للكمون في أنواع مختلفة من طبالشعوب في العالم.
وبالبحث في الموقع الإلكتروني للمكتبة الطبية القومية (PubMed) التابعة لوزارة الصحة الأميركية، نجد أكثر من 330 دراسة علمية تناولتثمار الكمون بالبحث العلمي ومحتوياتها والمواد الكيميائية الفاعلة فيها وتأثيرات تلكالمواد على أجهزة جسم وخلايا حيوانات التجارب في المختبرات وعلى البشر أيضا.
وضمن عدد 20 مايو (أيار) الماضي من مجلة «بيوكيدسينترالللطب التكميلي والبديل»BMC Complementary and Alternative Medicine، عرض الباحثون من الهند نتائج دراستهم جول محتوىالكمون من المواد المضادة للأكسدة antioxidants.
مضادات الأكسدة الجذور الحرة (free radicals) مواد كيميائية تنتج كمخلفات جانبية للعمليات الكيميائية الحيوية التيتجري طوال الوقت في جميع خلايا الجسم. ويعتبر تراكمها السبب وراء نشوء حالة «توتر الأكسدة» Oxidative stress. وما يؤدي إلى تراكمها هو إما كثرة إنتاجها أو تباطؤ عمليات تنظيف الخلايامنها وإزالتها عن الجسم.
و«توتر الأكسدة» عامل مهم في عمليات نشوء الأمراضمثل ترسبات الكولسترول في جدران شرايين القلب كجزء من عمليات تصلب الشرايين (atherosclerosis)، وأمراض التلف الانحلاليلأجزاء متعددة من الجهاز العصبي (neural degenerative disease)، ونشوء الأورام السرطانية، وظهور علامات الشيخوخةعلى الجسم.
أما مواد مضادات الأكسدة فهي أحد أهم وسائل التخلصمن نشاط الأكسدة الذي تنفذه الجذور الحرة، وبالتالي تعطيل قدرتها على الإضرار بالجسم.ويمثل تناول المنتجات النباتية الغنية بالمواد المضادة للأكسدة أفضل ما يمكن لأحدنافعله كي يساعد جسمه على التخلص من التأثيرات الضارة للجذور الحرة.
وإضافة إلى فيتامين سي C وفيتامين إيه A وفيتامين إي E،كأمثلة للمواد المضادة للأكسدة، هناك المركبات الكيميائية التي تعطي للخضار والفواكهوالبقول والحبوب ألوانها المختلفة.
ولذا تتبنى النصيحة الطبية في جانب التغذية النصيحةبانتقاء تناول الخضار والفواكه ذات الألوان الغامقة من كل نوع منها، كوسيلة للحصولعلى أعلى كمية ممكنة من المواد المضادة للأكسدة.
ومن تلك المواد المضادة للأكسدة، مركبات فينول النباتية (phenol) التي تعتبر أحد أهم المواد الكيميائية النباتية المضادة للأكسدة والتيتتوفر بغزارة في بذور الكمون.
بذور الكتان وقام الباحثون الهنود من المعهد الهندي المركزيلأبحاث تكنولوجيا الأطعمة Central Food Technological Research Institute بإجراء الدراسات المختبرية لفحص محتوى الكمون من تلك المواد الصحية، وفحصمدى قوة فاعليتها في تحطيم نشاط الجذور الحرة الضارة.
وقال الباحثون في دراستهم: «أثبتت تجاربنا أن مستخلصاتبذور الكمون لديها بالفعل قدرات عالية في القوة المضادة للأكسدة، ما يجعلها قادرة علىتوفير حماية كاملة ضد حصول تلف في الحمض النووي (DNA) للخلايا وضد الأكسدةفي جدران الخلايا(cell membrane oxidation).
وكان الباحثون قد قالوا في مقدمة دراستهم إن «الكمونأحد النباتات الطبية المهمة. وفي دراسة سابقة أثبتنا توفر المواد الكيميائية في الكمونذات القدرات الخاصة بخفض نسبة السكر (anti – hyperglycemic) ومقاومة الميكروبات (antimicrobial). وفي دراستنا الحاليةأثبتنا أن الكمون مصدر جيد للحصول على المواد الطبيعية المضادة للأكسدة».
وفي عدد أغسطس/ سبتمبر (آب/ أيلول) 2010 من مجلةعلم كيمياء الأطعمة والسموم (Food Chem Toxicol)، عرض الباحثون التونسيون من كلية الصيدلة في مونستيرنتائج دراستهم محتوى الكمون التونسي من المواد الكيميائية ونشاطها الحيوي ضد ميكروباتفصيلة الكوليرا.
وقالوا ضمن ملخص الدراسة: «وعلى ضوء نتائجنا، تبينأن الكمون مصدر ملفت للنظر للمواد المضادة للميكروبات، والمضادة للفطريات، والمضادةللأكسدة».
وفي نفس الشهر، وضمن عدد سبتمبر 2010 من مجلة «Natural ProductCommunications»،نشر الباحثون الألمان دراستهم حول المواد الكيميائية في بذور الكمون ذات الخصائص المضادةللميكروبات. وقالوا إن «كل المواد الكيميائية في بذور الكمون التي تم اختبارها أثبتتأن لديها قدرات كبيرة على منع نمو طيف واسع من الميكروبات».
أهمية الكمون الصحية وغزارة توفر المواد المضادة للأكسدة، وفاعليتهاالعالية، وبالتالي منافعها الصحية المتعددة، هي الجانب الأول في القيمة الغذائية الصحيةللكمون. والجانب الثاني هو محتويات الكمون من العناصر الغذائية المفيدة، والجانب الثالثهو التأثيرات الصحية لمزيج كل تلك العناصر على اضطرابات وأمراض الجسم.
وتشير إصدارات وزارة الزراعة الأميركية من أقسامعلم الغذاء والأطعمة إلى أن كل 100 غرام من بذور الكمون تحتوي من الطاقة بمقدار نحو370 كلورى (سعر حراري). ومصدر هذه الطاقة هو وجود نحو 44.5 غرام من السكريات الكربوهيدراتفي كل 100 غرام من الكمون.
ووجود 22.5 غرام من الدهون، و18 غراما من البروتينات.وفي شأن دهون الكمون والزيوت الطيارة فيه، تبلغ نسبة الدهون غير المشبعة، والشبيهةبما في زيت الزيتون، نحو 95 في المائة.
ومع هذا المزيج من البروتينات والسكريات والدهونوالمواد المضادة للأكسدة، يحتوي كل 100 غرام من الكمون على نسبة حاجة الجسم اليومية (the percent Daily Value DV في المائة) من 17 نوعا من العناصر الغذائية المهمة بالنسب التالية: الحديدبنسبة 531 في المائة، ومن المنغنيز بنسبة 99 في المائة، ومن الكالسيوم بنسبة 93 فيالمائة، ومن الفسفور بنسبة 71 في المائة، ومن فيتامين بي - 1 بنسبة 48 في المائة، ومنالزنك بنسبة 48 في المائة، ومن البوتاسيوم بنسبة 38 في المائة، ومن فيتامين بي - 6بنسبة 33 في المائة، ومن فيتامين نياسين بنسبة 31 في المائة، ومن فيتامين إي E بنسبة 22 في المائة، ومن فيتامين ريبوفلافين بنسبة 22 في المائة، ومنفيتامين سي C بنسبة 13 في المائة، ومن فيتامين إيه A بنسبة 7 في المائة،ومن فيتامين كيهK بنسبة 5 في المائة، ومن فيتامين فولييت بنسبة 3في المائة. وما يُكسب الكمون نكهته العطرية المميزة هو محتواه من الزيوت العطرية الطيّارة،وخاصة مركب «كمون ألدهايد» cuminaldehyde.
كما أن تحميص بذور الكمون قبل طحنها، أو حال إضافةبذور الكمون إلى الخبز ووضعه في الفرن لينضج، فإن ثلاثة مركبات كيميائية من مشتقاتمركبات «بايرازين»pyrazines، من الزيوت الطيارة،تظهر وتعطي للكمون نكهة مضافة جديدة.
ولذا فإن تناول الكمون يزود الجسم بكميات عاليةوصحية من الدهون الأحادية غير المشبعة، ومن الألياف، ومن الكثير من الفيتامينات والمعادن.كما يعطي الجسم كمية من الدهون الأحادية غير المشبعة المفيدة في ضبط نسبة الكولسترولالضار ووقاية الشرايين القلبية والدماغية.
وتفيد الألياف الغذائية في خفض سرعة امتصاص السكرمن الطعام وإعاقة امتصاص الكولسترول وتسهيل مرور فضلات الطعام إلى خارج الجسم خلالعملية التبرز.
والزنك والفسفور من المعادن المفيدة في تنشيط عملالأعضاء الجنسية لدى الرجال. كما أن الكالسيوم مهم في زيادة متانة العظم، والحديد مهملقوة الدم وإنتاج الهيموغلوبين، والبوتاسيوم وفيتامين إي E من المواد الطبيعيةالمفيدة في تقليل احتمالات حصول اضطرابات في القلب والأوعية الدموية.
ومجموعات فيتامينات بي B، مفيدة للأعصاب ولتسهيل النوم وغيره من الوظائفالعصبية. وثمت من الباحثين من يقول بأن الزيوت العطرية في الكمون لها تأثيرات مخففةللقلق ومسهلة للنوم.
الكمون والجهاز الهضمي وبالنسبة للتأثيرات الصحية الإيجابية للكمون علىتحسين هضم الطعام وتقليل فرص تكوين غازات البطن، تذكر نتائج بعض الدراسات الطبية أنللزيوت الطيارة ولمادة «ثايمول» Thymol في الكمون تأثيرات إيجابية على تسهيل الهضم،من نواحي تحريك الأمعاء وزيادة إفراز البنكرياس والمرارة والمعدة وغيرها للعصارات الهاضمة.
وثمة مؤشرات علمية غير مؤكدة على جدواه في تخفيفإنتاج الغازات(Carminative) في الأمعاء الغليظة. ولمواد مركبات «بايرازين»العطرية تأثير كملين طبيعي (natural laxative).
وهناك من الباحثين من يستخلص نتيجة مفادها أن الكمونيحتوي على مواد مفيدة لعلاج البواسير، نظرا لاحتوائه على الألياف والمواد العطرية الملينة،وعلى الزيوت الطيارة ذات الخصائص المقاومة للميكروبات والمسهلة لالتئام الجروح.
كما يعلل بعض الباحثين جدوى شرب شاي الكمون المغليفي تخفيف أعراض التهابات الصدر، بأن الزيوت العطرية فيه لها تأثيرات مسهلة لقشع البلغموتوسيع الشعب الهوائية. إضافة إلى تأثيراتها المقاومة للميكروبات.