دخل ثوار ليبيا مرحلة مطاردة فلول كتائب القذافي في أنحاء متفرقة من البلاد وسط اشتباكات عنيفة بين الطرفين في بعض أحياء طرابلس، ومحاصرة الكتائب الموالية للعقيد مدينة زوارة غرب البلاد وقصفها. يأتي ذلك، فيما اعلن وزير الدفاع البريطاني ليان فوكس الخميس، في تصريحات لمحطة لتلفزيون بريطانية خاصة، ان الحلف الاطلسي يساهم في تعقب العقيد معمر القذافي عبر توفير «معلومات ومعدات استطلاع». واضحت وزارة الدفاع ان الامر كناية عن معدات عسكرية على غرار «طائرات ومعدات ارضية». وردا على سؤال حول امكانية ان تشتمل «المعلومات والمعدات» على قوات خاصة على غرار فرق كوماندوس اس ايه اس البريطانية الخاصة، قال المتحدث «لا يمكننا التعليق على القوات الخاصة في الوقت الراهن». وافادت صحيفة ديلي تليغراف ان عناصر في «القوة الجوية الخاصة» (اس ايه اس) منتشرين في ليبيا. وقالت الصحيفة «للمرة الاولى اكدت مصادر في وزارة الدفاع ان قوات اي ايه اي الخاصة نشرت في ليبيا قبل اسابيع ولعبت دورا محوريا في تنسيق معركة طرابلس». وهذه القوات الخاصة التي يرتدي عناصرها الملابس المدنية ويحملون الاسلحة نفسها التي يحملها الثوار، تلقت اوامر بالتركيز على العثور على القذافي، بحسب الصحيفة. فرنسيون وبريطانيون وينتشر فرنسيون وبريطانيون بالزي المدني منذ عدة اسابيع على الجبهة الشرقية الى جانب الثوار الليبيين، على ما افاد مراسل وكالة فرانس برس. واضاف المراسل ان تلك العناصر متواجدة في حرم مصفاة الزويتينة المتوقفة، حيث مركز قيادة الثوار للجبهة الشرقية على بعد حوالى 150 كلم جنوب غرب بنغازي، حيث مقر المجلس الوطني الانتقالي. والمصفاة الممتدة في رمال الصحراء على عدة كيلومترات مربعة على طول ساحل المتوسط، تضم مقر فوزي بوقطيف قائد الثوار لكل الجبهة. وانتشر فرنسيون وبريطانيون في مستوعبين قرب البحر. وهم يملكون وسائل اتصالات واستقروا قرب مقر فوزي بوقطيف، القاعة الشاسعة التي تغطي جدرانها خرائط قيادة الاركان وصور ملتقطة بالاقمار الاصطناعية. ويحاول الثوار السيطرة على اخر جيوب مقاومة النظام في طرابلس، والاقتراب من سرت مسقط رأس العقيد معمر القذافي ومعقله، فيما رصدت مكافاة لمن يعثر على «القائد» حيا او ميتا. وأعلن المتحدث باسم اللجنة العسكرية لتوحيد الجبهات العقيد عبد الله أبو عفارة سيطرتهم على %90 إلى %95 من الأراضي الليبية. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن معظم شوارع طرابلس كانت خالية من المارة، وأقام الثوار عددا من نقاط التفتيش كل بضع مئات من الأمتار. في حين ذكر مراسل «رويترز» أن أصوات الرصاص سمعت بمحيط فندق كرنيثيا وسط طرابلس، حيث يقيم الصحافيون الأجانب حاليا. وأضاف أن النيران سمعت بعد وصول مجموعة مسلحة من الثوار إلى الفندق لتفتيش إحدى غرفه، بعد أن تردد أن الساعدي وهو أحد أبناء العقيد معمر القذافي كان بداخلها. وتمكنت بقايا كتائب القذافي من قصف معسكر باب العزيزية وشارع الجمهورية وسط العاصمة بقذائف الهاون انطلاقا من حي بوسليم. وشهدت منطقة بوسليم قتالا ضاريا الاربعاء بين الثوار وعناصر من كتائب القذافي التي لجأت إليها بعد اقتحام الثوار مقر العقيد معمر القذافي في باب العزيزية. وتناثرت عشرات الجثث في ميادين وطرق المنطقة وسط تأكيد السكان أن بعض هذه الجثث لثوار أعدمتهم قوات القذافي بعد أن ألقت القبض عليهم في وقت سابق. وأشارت بيانات لثوار ليبيا إلى وجود معارك عنيفة دارت الليلة قبل الماضية في المنطقة القريبة من مطار طرابلس العاصمة. وتم استخدام أسلحة مختلفة خلال هذه المعارك، من بينها صواريخ غراد، وفقا لهذه البيانات. وكانت قناة سي ان ان الأميركية أعلنت أن أحد هذه الصواريخ أصاب طائرة في المطار فاندلعت فيها النيران. محاصرة زوارة في هذه الأثناء، قالت وكالة الصحافة الفرنسية إن القوات الموالية للقذافي تحاصر وتقصف مدينة زوارة (غرب ليبيا)، التي يسيطر على وسطها الثوار، مع العلم أن هؤلاء طلبوا مساعدة المقاتلين في جبل نفوسة. وقال منسق التحركات العسكرية لمنطقة الزنتان العقيد عبدو سالم إن «الثوار يسيطرون على وسط زوارة وهي بلدة ساحلية تربط طرابلس بالحدود التونسية منذ ثلاثة أيام»، ومنذ ذلك الوقت «تقصف القوات الموالية للقذافي المدينة». وفي الشرق، واصل الثوار الليبيون تضييق الخناق على سرت، مسقط رأس القذافي ومعقله، حيث بدأت محادثات مع القبائل المحلية للاتفاق على دخول المدينة بشكل سلمي. الا ان الثوار واجهوا الاربعاء مقاومة غير متوقعة من القوات الموالية للقذافي في بن جواد (شرق) تعرقل زحفهم نحو سرت. الساعدي يعرض التفاوض a في غضون ذلك، قال نجل القذافي، رجل الأعمال والرياضي السابق، الساعدي القذافي، امس، إنه يرغب بالتفاوض من أجل وقف إطلاق النار في ليبيا لتجنيب طرابلس «بحراً من الدماء». وذكرت شبكة «سي ان ان» ان كبير المراسلين الدوليين فيها، نيك روبرتسون تلقى رسالة بالبريد الإلكتروني من الساعدي قال فيها إن لديه السلطة للتفاوض، وإنه يريد مناقشة وقف إطلاق النار مع المسؤولين الأميركيين ومسؤولي حلف شمال الأطلسي. وقال الساعدي في رسالته «سأحاول إنقاذ مدينة طرابلس ومليوني نسمة يعيشون فيها.. وإلاّ ستضيع طرابلس إلى الأبد، مثل الصومال». وأضاف أنه من دون وقف إطلاق النار سوف تتحول المدينة قريباً إلى «بحر من الدماء». وكانت قيادة الثوار الليبيين أعلنت عن اعتقال الساعدي، إلى جانب الأخ غير الشقيق، محمد، الذي تمكن من الفرار بمساعدة كتائب القذافي، وكذلك سيف الإسلام، الذي ظهر الثلاثاء أمام الصحافيين بصورة مفاجئة في فندق ريكسوس نافياً بذلك اعتقاله. ولم يعلق المسؤولون بالمجلس الوطني الانتقالي في ليبيا على وضع الساعدي القذافي، ولا على العرض الذي قدمه، الذي جاء بعد يوم من سيطرة الثوار على مقر إقامة والده في باب العزيزية.