قادة حماس يظهرون وكأن كل شيء على ما يرام في غزة، ولا يحتاج الأمر منهم سوى الاستعراض أمام العالم عبر مواقع التواصل الاجتماعي للرد على بعض الأسئلة الساذجة، والعمل على تقديم الحركة بثوب جميل، فيما أفعالها على الأرض تختلف تماما عن تلك الصورة. غزة - حماس التي تطارد الجميع في الفضاء الافتراضي، تتنصت وتقمع، وتصادر الحريات، ضمن ما يعرف ب"شرطة الإنترنت" التي تلاحق الشباب الغزاوي، الرافض لحمسنة غزة، تمتلك أكبر ترسانة إعلامية موجهة للجمهور، من قنوات فضائية وصحف ومواقع إلكترونية، وكثير من وسائل الإعلام المؤثرة لا تلقى رواجا خارج القطاع. وبعيدا عن هذه الأساليب الترهيبية والإقناعية فقد تفتقت "بنات أفكار" حماس مؤخرا عن طريقة جديدة ل"إعادة إنتاج خطاب المظلومية الذي لم يعد ينطلي على أحد"، وفق ناشطين. وقررت الحركة أن تنفتح أكثر على العالم الخارجي مستخدمة الإنترنت، وحسابات رسمية متعددة اللغات على مواقع التواصل الاجتماعي. يصف مغردون الأمر بأنه "تحوّل في خطاب الحركة التي انطلقت عام 1988 من المساجد". وفي هذا السياق، دشنت الحركة موقعها الرسمي "حماس أون لاين" الأحد، من منزل مؤسس الحركة الراحل أحمد ياسين. وقالت الحركة عبر صفحتها على فيسبوك إن القيادي بالحركة إسماعيل هنية سيعطي إشارة البدء لانطلاق موقع الحركة على شبكة الإنترنت. وأضافت أن الموقع الرسمي للحركة سيكون بمثابة وثيقة رسمية لكل ما يصدر عن حماس من بيانات وتصريحات ومواقف وأخبار، ويعتبر أرشيف الحركة الإعلامي، إذ يحتوي على بيانات الحركة منذ انطلاقتها. وقال هنية خلال افتتاحه الموقع الجديد إن "الموقع يعزز التواصل مع الجمهور، ويجدد الحيوية والتفاعلية". هنية، سبق أن أجاب عن أسئلة الجمهور الغربي، متحملا أسئلة ساخرة ومنتقدة ضمن حملة "اسأل حماس"، التي أطلقتها الحركة على تويتر، وأجاب فيها عدد من قادتها عن أسئلة المغردين التي تنوعت بين السؤال والاستفسار والدعم والهجوم والسخرية. وبموازاة ذلك، أطلقت حماس حسابات رسمية على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر وإنستغرام، وقناة خاصة على يوتيوب، بعضها باللغة الإنكليزية. واستقطبت صفحتا الحركة بالعربية والإنكليزية على تويتر 11 ألف متابع. إلى جانب ذلك، دشّن عدد من قيادات الحركة، حسابات رسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، أبرزها القيادي في الحركة خليل الحية الذي دخل عالم تويتر للمرة الأولى. فيما استعادت صفحة خالد مشعل نشاطها في فيسبوك. ويرجح أن الحملات تسعى إلى تقوية موقف الحركة بالتزامن مع الجدل الذي أثاره رفع المحكمة الأوروبية لحركة حماس من قائمة الإرهاب. يقول ناشطون إن "الهبة الإعلامية" لحماس على الشبكات الإعلامية هو قرار من داخل الحركة يسعى إلى كسر الحصار الإعلامي المفروض على الحركة عربيا ودوليا، إضافة إلى محاولات الحركة التسويق لنفسها عبر الفضاء الرقمي. وكانت هاشتاغات عديدة منها "حماس مش إرهاب"، مشطت في المدة الأخيرة في محاولة لدحض الأحكام القضائية في مصر التي تعتبر حركة حماس منظمة إرهابية. ويقول مغردون "حماس تخوض معركة إعلامية، جديدة عليها، ساحتها الفضاء الرقمي وقوامها إعادة إنتاج خطاب المظلومية وترويجه". ويبدو أن الحملات الحمساوية لم تقنع الفلسطنيين الذين، جابهوا خطابها بخطاب محلي مضاد، يتخذ نفس الوسائط الاجتماعية ويتصدى لإعادة إنتاج المظلومية، ويفنده بالسخرية. وأطلق فلسطينوين هاشتاغا يحمل اسم (اسأل غزة) #AskGaza، للمطالبة بسؤال غزة بدلا من حماس، لأنها تستحق أن يسلّط الضوء عليها أكثر من الحركة". ويقول ناشط "لم يعد خطاب المظلومية ينطلي على الغزاويين الذين سئموا إرهاب حماس، خسرت حماس مصداقيتها محليا تماما". وأكد ناشطون أنه من الأفضل بدء العمل على إنهاء المشاكل الداخلية، والإجابة على الأسئلة الكبيرة التي يطرحها الغزاويون دون أي إجابة، بدلا من ترك كل ذلك خلف ظهرها، والاستعراض على وسائل التواصل الاجتماعي. وتفرض حماس عمليا سيطرتها على قطاع غزة، متجاهلة معاناة أهالي قطاع غزة. وقال مغرد إن "قادة حماس يظهرون وكأن كل شيء على ما يرام في غزة، ولا يحتاج الأمر منهم سوى الاستعراض أمام العالم عبر مواقع التواصل الاجتماعي للرد على بعض الأسئلة الساذجة، والعمل على تقديم الحركة في ثوب جميل، فيما أفعالها على الأرض تختلف تماما عن تلك الصورة". وأضاف "لا أفهم كيف قرر قادة حماس الحديث للعالم واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي في هذا الوقت بالذات، حيث يعيش أهالي غزة معاناة غير مسبوقة، وتغرق غالبيتهم في الفقر والبطالة، وتتحمل حماس الجزء الأكبر من هذا الوضع البائس". كما ظهر على تويتر حساب ساخر يحمل اسم حكومة غزة يعيد صياغة الأخبار التي تتعلق بالأزمات المتواصلة بطريقة ساخرة. وتعليقا على حادثة باردو في تونس ورد في الحساب "22 قتيلا في تونس الآن على إثر أعمال إرهابية، عليكم أن تشكروا حكومة غزة على توفير الأمن والأمان لكم، فلولاها لكان هناك الكثير من القتلى منكم". إلى جانب ظهور حساب آخر يحمل اسم "شركة توزيع كهرباء غزة يتخذ من عبارة "نوركم كفاية" شعارا. ويسخر الحساب من أزمة الكهرباء المتفاقمة منذ سنوات. وفي هذا السياق يسخر الحساب "إن الكهرباء قد اكتشفها الفرنجة الكفار.. فهي بذلك رجسٌ من عمل الشيطان شركتنا تقطع الكهرباء لتخفيف الإثم عنكم".