دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأثنين، لزيارة ألمانيا لتدعيم أواصر التعاون بين البلدين والإرتقاء بها إلى مستوى أكثر تميزا. توقيت يبدو غريب للبعض ولكن فى ضوء المتغيرات الدولية والإقليمية له أسبابه التى دفعت الغرب الى التنازل والبدء فى دعوة الرئيس المصرى المنتخب لزيارة بلادهم، وهو أمر يمثل إعتراف ضمنى بثورة 30 يونيو والتغييرات السياسية التى لحقت به. ألمانيا ترضخ عقب ثورة 30 يونيو، أعتبر وزير الخارجية الألماني جيدو فسترفيلي، إزاحة الرئيس الأسبق محمد مرسي عن الحكم من قبل الجيش المصري، إثر تظاهرات حاشدة، "فشلا كبيرا للديمقراطية فى مصر". وأضاف الوزير الألماني: "أن عودة مصر في أسرع وقت ممكن إلى النظام الدستوري أمر ملح، وهناك خطر حقيقي من تأثر عملية الانتقال الديموقراطي في مصر". الأمر الذى يشير الى مدى اتساق الموقف الأمانى مع الموقف الغربى الغاضب (الولاياتالمتحدة) من التغيير الحادث فى مصر. وظلت ألمانيا هكذا تترقب الأوضاع حتى قامت ميركل بدعوة السيسي اليوم. السيسي يتجاهل الغرب منذ تولى السيسي السلطة، إقتصرت زياراته الخارجية على دول ومنظمات بعينها لا تنتمى الى الدول الغربية على الإطلاق. بل على العكس، قام السيسي بزيارة الى روسيا، التى تمثل العدو الحقيقى، للدول الغربية الآن ومن بينها المانيا التى تفرض عليها عقوبات اقتصادية، على خلفية الازمة الأوكرانية. وهنا تجدر الاشارة الى إن زيارة السيسي الى ألمانيا ستكون هي الأولى له على جدول زياراته للدول الغربية بصفة عامة والاتحاد الأوروبي بصفة خاصة. لماذا الآن؟ من ضمن ما جاء فى الإتصال الهاتفى الذى اجرى اليوم مع الرئيس السيسي، إشادة ميركل بالجهود المصرية الدؤوبة التي تم بذلها من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار وتحقيق التهدئة في قطاع غزة، وهو الأمر الذى أكد للغرب ان مصر قادرة على المساهمة بدور فى إستقرار المنطقة المليئة بالازمات المتفجرة فى نفس الوقت، التى اعترف الغرب انها تؤثر على اأنه بصورة مباشرة، وإدراكه على قدرة مصر على المساهمة الإيجابية فى تسوية النزاعات التى تحتاج الى تسوية فى المنطقة العربية بطبيعة الحال. تأتى هذة الدعوة للزيارة بعد إجراء السيسي بزيارة الى روسيا، وهو أمر بطبيعة الحال لا يرقى قبول الدول الغربية أن تصبح اكبر دولة عربية، مهما كان الإختلاف معها، أن تتنقل من التحالف الغربى فى عهدى مبارك ومرسي الى التحالف مع الكتلة الشرقية فى ظل عهد السيسي. مصلحة مشتركة جاء فى الإتصال الهاتفى، إن الجانبان سيناقشان الملف المتعلق بمكافحة الإرهاب ومواجهة إنتشار التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة، فى إشارة الى تنظيم الدولة الاسلامية فى العراق والشام "داعش". ويأتى هذا فى ضوء، الاستراتيجية العالمية الموحدة التى تقوضها الولاياتالمتحدة بغرض تشكيل حلف دولى لمكافحة التنظيم، تقوم على تتضافر جهود المجتمع الدولي لدحر الإرهاب والعمل على اجتثاث جذوره. وهو أمر يتفق مع الموقف المصرى فى ضرورة مكافحة الإرهاب الذى يسيطر على دول المنطقة بالإضافة الى الإستفادة من الخبرة والقدرات المصرية فى هذا المجال.