البحث عن الوطن التائه!

بقلم /محمد هارون
فى ظلمات الليل الأليلْ
تتسللْ
لتفتشَ عن وطنٍ
تاهَ ..
من المستقبلْ
وتظلُّ تدورُ
تفتشُ
فى الطرقاتِ
الخرساءْ
هل مرَّ هُنَا
وطنٌ .. أعزلْ ؟!
عيناهُ صفاءٌ
وضياءٌ
وبه كالشامةِ
فى يمناهْ
من أَثرِ المِعْوَلْ...
جيهتُه صَخْرٌ ..
حطَّمَها ..
نَحَّاتٌ
أهزلْ
يحملُ مطرقةً
عمياءَ ..
يُكَسِّرُ كل بريقٍ
للحُبِّ
ويَرْحَلْ ..
* * *
وتواصلُ سيرَكَ
فى الطُّرُقَات
تنادى
هل مرَّ هنا ..
وطنٌ .. أعزلْ ؟!
وتسيرُ على قدم
حافيةٍ
عرجاءَ
تنادى
يا وطنى ،
فَيُجِيبُكَ
صوتٌ تنكرُه
لا .. بل تَعْرِفُهُ
يا هذا ،
خُذْ حُلْمَكَ
وارْحَلْ
فتقولُ :
أُفَتِّشُ عن وطنى ..
قد كان معى
نتسَامرُ ...
نلهو ...
حتى الفجرْ
نحكى عن شجرةِصِفْصَافٍ
وعصافيرَ تُغَنِّى
نحكى عن
حِفْنَةِ صِبْيَانٍ
يَلْهُونَ معًا
يَقْتسَمُونَ الحُلْمَ
وبعضَ التَّمْرْ ..
نحكى عن ..
كُتَّابِ الْقَرْيَةِ..
كان يُجلْجِلُ
صوتُ الشَّيِخ
يُعلِّمُنا ..
آياتِ القرآنِ
وبعضَ الذكرْ
يتلو ...
وعصاهُ تُشيرُ
تطاردُ أبناءَالشَّيْطَانِ
وتَطْردُ ...
زَيْغَ الْفِكْرْ
نحكى ..
عن مئذنةِ الْمَسْجِدِ
والطُّرُقَاتْ
عن صوتِ الشَّيْخ
يُسَبِّحُ ...
يتلو ..
للكونِ النَّاعِس
قرآنَ الْفَجْرْ
وغفونا
وحلُمْتُ بأنىَ
أثناءَ النومْ
قد جاء اللِّصُّ
وغافلنى
قد سَرَقَ الْحُلْمْ
وصَحَوْتُ
ولكن يا أَسَفِى ..
قد تاهتْ عينى
عن وطنى
فَخَرَجْتُ
بقَلْبٍ ملهُوفٍ
ودموعٍ حَيْرَى
تسبقُنى ..
تَفْتَرِشُ الخَدْ
تسأل من تَلْقىُ
من بَشَرِ
هل منكم
من رجُلٍ أوحدْ
يُخْبِرُنى ...
من أين طريقى
للوطن المكدودِ
المُجْهَدْ ؟!
فرأيتُكَ ...
يا صاحبَ صوتٍ
أعرفُهُ .
بل أنكرُهُ
تأمرنى ..
خذ حلمك
وارحلْ
أَوَ لَسْتَ صديقطفولتنا ؟!
ورفيق الدرس بقريتنا ؟!
وجهك ليس غريبًا عنَّا؟!
قال : اسمع
يا هذا الغِرّ
أَوَ لم تدرك بعدُ
بأنى ...
سارق هذا العلم المُرّْ؟!
أو لم تدركْ ؟!
قد بعتُ الوطن
لنخاسٍ
زِنْجِىٍّ
ذَهَبِىِّ الشَّعْرْ
ماذا قد تنفع أوطانٌ
تغرسُ بين بنيها الفقر؟!
وتعربِدُ فى الليلِ
وتلهو ...
وتبيع الشَّرَفَ
بكأسَىْ خَمْرْ ؟!
ماذا قد تنفعُ أوطانٌ
ترمى الأحلام
ببطنِ البَحْرْ ؟!
تَقْتُلُ ...
فى المَهْدِ ..
براءَتَنَا ..
وطهارَتَنَا
تُرْضِعُنًا
كُلَّ صُنوفِ
الغَدْرْ
ماذا قد تنفعُ أوطانٌ
تعطى السلطانَ ..
لجلادٍ ..
يقتلنا ..
باسم
ولاة الأمر ؟!
قلتُ له :
قد ينتحلُ ..
الباطلُ ..
يومًا
ثوبَ الحقْ
ويجيءُ
بوجهِ كَذَّابٍ ..
يَتَزَيَّا ..
فى زِىِّ مَلاكٍ ..
يدعو الناسَ
لقول الصدقْ
قد تولَدُ يومًا
أحقادٌ..
غرستْهَا ..
كفٌّ ظالمةٌ
فى سنواتِ ..
الخوفْ
قد يزرع
فينا الجلادُ
حنينًا
للأمن ..
بحدِّ السيفْ
فنقومُ ..
نُفَتِّشُ ..
فى أعماقِ ..
ضمائِرِنَا ..
عن شيءٍ
يُوقِفُ
هذا النَّزْفْ
عن شيءٍ ..
يَنْزِعُ ..
مِنْ حَنْجَرَةِ
الأيَّامِ
مَرَارَ الزَّيْفْ
عن شيءٍ
يغرسُ
فى أرض ..
الأحقادِ
بُذُورَ ..
الخيرْ ..
يُبقى ..
التاريخ السيىءَ
مصلوبًا ..
يتدلى ..
فى مشنقة ..
البرْ
عن شيء ..
يُنهِضُ ..
فينا ..
الوطنَ ..
القابعَ ..
فى أحضانِ ..
الشرّْ ..
عن شيءٍ ..
يُصلحُ ..
طعْمَ ..
الزمنِ ..
المُرّْ .
ويعيدُ ..
إلينا الوطنَ
التائِهَ
فى ظلماتِ ..
القهرْ ..
* *