كتب ناتان براون أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن وزميل معهد كارنيجي للسلام أنه على الرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها مصر، يرجح استكمال عملية استعادة النظام الدستوري، ويرى أن المنطق السياسي وراء "خارطة الطريق" يظل متماسكا. وفي مقاله على موقع مجلة الفورين بوليسي، قال الكاتب إن فكرة رقابة حقيقية للمجتمع على مؤسسات الدولة من المرجح ألا تتحقق عبر التعديلات القائمة بل عن طريق دستور آخر على مصر أن تنتظره. وأضاف "في مصر عدد القتلى أصبح من أربعة أرقام، ومناخ سياسي يبدو فيه الإسلاميون وقوات الأمن طرفين في معركة مميتة، واحتقان الجو العام الذي يبدو فيه المتخاصمون مأخوذين بدوامة من نظريات المؤامرة المتطرفة والتجريد من الإنسانية، ويتعرض الصحفيون الأجانب للتحرش والشتائم، ويتعرض المسيحيون لما هو أسوأ من ذلك. ويضيف "في ظل كل ذلك ما جدوى الحديث عن إصلاح دستوري؟ ....يبدو إطار المستقبل السياسي لمصر شديد الوضوح؛ دولة بوليسية تعمل (على الأقل على المدى القصير) في جو من قبول جماهيري ناشئ عن الذعر، ومعارضة إسلامية يتم إقصاؤها باضطراد من العملية السياسية وترغب في استخدام قوة البلطجة، واحتراب أهلي مستمر". لكن الكاتب رغم كل ما سبق يرجح استمرار هذه العملية لاستعادة النظام الدستوري، ويرى أن المنطق السياسي وراء "خارطة الطريق" يظل متماسكا لأنه يمنح طريقة لمركزة ومأسسة الترتيبات السياسية الجارية، "سيكون لمصر دستور من جديد لكنه سيعبر عن إرادة النظام الحالي مثله مثل كل دساتير مصر السابقة". ويوضح أن كل الحوافز للتقدم للأمام تتوفر لدى مؤسسات الدولة المنتصرة (الجيش وجهاز الأمن والقضاء) التي سترسخ مصالحها وتضع واجهة مدنية للنظام، وكذلك لدى القوى السياسية (من غير التيار الإسلامي على الأغلب) التي ستتجنب الهزيمة الانتخابية الثقيلة التي لاقتها على يد الإسلاميين، والبقاء في المعارضة. ويرى الكاتب أن هناك شيئين يبدوان كعاملين معيقين، أولهما السلفيون الذين لا يبدو أن هناك أي اتفاق سيكون مرضيا لهم وللقوي غير الإسلامية في نفس الوقت، وعلى الأخص بشأن مواد الدستور الخاصة بالشريعة الإسلامية المفضلة لدى الأولين. والثاني هو احتمال ترشح الفريق السيسي للرئاسة الذي يصفه بأمر محل تخمين لا توجد إلا دلائل قليلة عليه، الذي سيجعل ظهور النظام كحكم مدني أمر صعب. ويشير الكاتب لانتهاء لجنة من الخبراء القضائيين والقانونيين من إعداد مقترحات تعديل الدستور، ويقول إن اللجنة حرصت على جعل عملها سريا معلنة أنها "أرادت تجنب بلبلة الجماهير" التي سيحكمها هذا الدستور. ويشير لإعلان معايير تشكيل لجنة الخمسين التي لم يسم أعضاؤها بعد، والتي ستقر التعديلات، وإلى أنها لن تعتمد على أي أغلبية انتخابية مسبقة، وبها 6 مقاعد لقادة الأحزاب السياسية منها اثنان فقط للأحزاب الإسلامية. ويقول إن المعايير ستمنح 11 مقعدا على الأقل في لجنة الخمسين لمسؤولين من مؤسسات حكومية، وأكثر من ذلك لممثلي نقابات واتحادات. ويقول إن لجنة الخبراء التي ستستمر معاونة لجنة الخمسين تبدو وكأنها صاحبة الكلمة الأخيرة في صياغة التعديلات، وإن الأمر يبدو وكأن مؤسسات الدولة –وبدرجة أكبر من دستور 2012- تدستر أوضاعها بدلا من أن تكون خاضعة لرقابة المجتمع الدستورية. ويضيف "يبدو أن العملية برمتها تتم على أساس افتراض أن صياغة الدستور هي في المقام الأول أمر تقني وكونها عملية سياسية شئ ثانوي، ومثل هذه الفكرة تبدو غريبة بشكل عام، ولكنها ربما تبدو فكرة خرقاء بالنسبة إلى من تابعوا عملية صياغة دستور مصر في عام 2012". ويقول إنه من الصعب التنبؤ بنتيجة الانتخابات التي ستعقب تعديل الدستور حسب خارطة الطريق ، وإن الأداء الأقوي من المرجح أن يكون للسلفيين الذين لا يوجد حتى الآن من هو قادر على تحديهم بشكل واضح حسب قوله، وإن البرلمان المقبل سيكون مفتتا بين قوى عديدة. ويقول إن الرئيس المنتخب الجديد سيلاقي مصير سلفه محمد مرسي، الذي لم يستطع فرض سيطرته على الجيش وأجهزة الأمن، إلا لو كان آتيا من هذه المؤسسات، وإن هناك احتمال لنشوء نظام برلماني عمليا. رابط المقال الكامل على موقع مجلة "الفورين بوليسي" بتاريخ 20 أغسطس 2013