للوهلة الاولى يبدو هذا الشيء وكأنه لوحة اعلانية ضخمة على غرار اللوحات المترامية على جانبي الطريق الذي يصل العاصمة ليما بالمنتجعات السياحية الساحلية، الا انه في حقيقة الامر جهاز لتحويل الهواء الى مياه تروي سكان قرية ضائعة في صحراء البيرو. تقع بوخاما على بعد حوالى 90 كيلومترا شمال العاصمة ليما، في منطقة قاحلة تفصل الساحل عن جبال الانديس. وفي هذه القرية لا يجد السكان سوى مياه آسنة توفرها لهم آبار بسيطة حفروها بايديهم. لكن مصدرا جديدا للحصول على مياه الشرب بات بمتناولهم في الآونة الاخيرة، اذ بات بامكانهم ان يملأوا الماء من صنبور خزان يتسع لمئة ليتر، من اسفل لوحة اعلانية ضخمة تمتد بارتفاع 15 مترا. وفي داخل هذه اللوحة، تعمل خمسة مولدات على التقاط المياه المتوفرة في الجو شديد الرطوبة، وتنقيها وتحويلها الى هذا الخزان بتيرة مئة ليتر يوميا . ويقول فرانسيسكو كويلكا وهو حارس في الثانية والخمسين من عمره "المياه التي نحصل عليها في بيوتنا هي غالبا ما تكون ملوثة، اما هنا فنحن نحصل على مياه جيدة، يمكننا ان نشربها دون قلق". وتقول زوجته فيلما فلوريس "نحن نعلم ان هذه المياه منقاة، يمكننا ان نشربها وان نغسل بها الخضار". ويعيش في ليما وفي جوارها اكثر من مليون شخص ليس لديهم مورد للحصول على مياه، بل يعتمدون في ذلك على صهاريج تؤمن لهم ستين ليترا من المياه مقابل دولار ونصف الدولار تقريبا. وهذه المبادرة الفريدة من نوعها في بوخوما اطلقتها وكالة "مايو درافت" بالتعاون مع كلية الهندسة والتكنولوجيا في ليما. ويقول اليخاندرو ابونتي مدير قسم الابتكارات في "مايو درافت" في حديث لوكالة فرانس برس "لقد لاحظنا في هذا الموقع، وعلى غرار مناطق اخرى في ليما ومحيطها، ان العديد من السكان ليس لديهم امكانية الحصول على مياه الشرب، لذلك قلنا +اذا كان الوصول الى المياه هو المشلكة فلنقم نحن بانتاج المياه". ويكلف هذا الجهاز الذي يشبه اللوحة الاعلانية بين ثلاثين الف دولار واربعين الفا، وهو يعمل على الطاقة الكهربائية. ويقول ابونتي "كانت الفكرة في الاساس ان تستخدم الالواح الشمسية لتوليد الطاقة بدلا من الكهرباء، وكان من شأن ذلك أن يجعل الجهاز اكثر فعالية وكفاءة اقتصادية على المدى الطويل، لكن الوقت لم يسعفنا في ذلك". ويتطلب هذا الجهاز ان تكون نسبة الرطوبة في الجو اعلى من 30 %، وهو شرط بسيط في هذه المنطقة التي تجاور نسبة الرطوبة فيها 98 %. وهذه الفكرة هي الاولى من نوعها في العالم، وقد تلقى القيمون عليها طلبات من الهند وغانا والمكسيك وسوريا لصناعة اجهزة مماثلة، بحسب ابونتي.