دون إعطاء أسباب مفصلة عن كيفية وفاته، أعلن حسين كمال، مساعد عمر سليمان، وفاة نائب رئيس الجمهورية ومدير المخابرات السابق ، دون أن يوضح سبب الوفاة، قائلا:"كان بخير. حدث الأمر فجأة. كان يخضع لفحوصات طبية". منذ فترة لا تتعدى العامين، وتحديدًا بعد توليه منصب نائب رئيس الجمهورية، كتب مجموعة من الصحفيين تقارير عن الدور الحاسم الذي لعبه مدير المخابرات ونائب رئيس الجمهورية السابق، عمر سليمان في عمليات التعذيب بالوكالة؛ حيث كان مسئولاً عن نظام كامل من التعذيب أرهب المصريين أنفسهم طوال فترة حكم مبارك، التي امتدت ل 30 عامًا، بالإضافة إلى دوره في التسبب في تشدد الإسلاميين الذين أسسوا تنظيم القاعدة فيما بعد. وكتب ممدوح حبيب، معتقل سابق بجوانتانامو، في مقال له بجريدة أسترالية، عن ملابسات كشفه للعالم عن أسباب معارضته تولي عمر سليمان منصب نائب رئيس الجمهورية؛ حيث أكد أنه لا يجب على الشباب الذي خرج ليطالب بالحرية والكرامة أن يعود دون تحقيق كامل حقوقه، ومحو أي جانب من جوانب نظام مبارك من القاع إلى القمة. يقول أندي وورزنجتون، محلل صحفي وكاتب وخبير في شؤون معتقل جوانتانامو، "كما قلت من قبل في عدة مقالات سابقة شرحت فيها تاريخ سليمان مع عمليات التعذيب، لعب سليمان دورًا حاسمًا في التحالف "اللعين" بين مصر وأمريكا خلال "الحرب على الإرهاب"، حسبما يسمونها، حيث تم ضبط ونقل عدد من المعتقلين إلى مصر ليتم تعذيبهم تحت إشراف مدير المخابرات المصرية". ويشير وورزنجتون إلى أن ويكيليكس سبق، وسربت عدة رسائل بهذا الشأن، حيث جاء نصًا، "في إطار التعاون الوثيق والمستمر بين ممثلي الحكومتين المصرية والأمريكية في مكافحة الإرهاب، فإن الحكومة الأمريكية ترى أن الالتزام المصري بعودة ثلاثة معتقلين مصريين هو التزامًا راسخًا من قبل الحكومة المصرية لتنفيذ المبادئ المطلوبة". وأضافت الوثيقة، أن "التزام اللواء عمر سليمان مضمون ونافذ، حيث إنه ممثل الحكومة المصرية والمسئول عن سجل التعاون في قضايا مكافحة الإرهاب". بروتوكول التعاون المشترك.. برنامج التعذيب الأمريكي اختُطف ممدوح حبيب من حافلة في باكستان في أكتوبر 2001، واتُهم بالتورط في الأنشطة الإرهابية بسبب مزاعم أنه على اتصال بمؤيدي الإرهابي المصري المعتقل حتى الآن "الشيخ عمر عبد الرحمن" أو "الشيخ الكفيف" كما يسمونه. تعرض حبيب لأبشع أنواع التعذيب، بدايةً من الصعق بالكهرباء، إلى الضرب، إلى التعليق في خطافات معدنية، إلى الغرق في المياه، حتى اعترف كذبًا بأنه قام بتدريب بعض من منفذي عملية 11 سبتمبر. ورغم أن الاعتراف كان غير صحيح تمامًا، إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش، كانت على استعداد تام لتقديمه للمحاكمة في جوانتانامو حتى قام صحافيان ب "واشنطن بوست" بكشف قصة تعذيبه، فأُفرج عنه فورًا. وفي حديث لصحيفة "استراليان" يقول حبيب، إنه "سيكون من العار أن يصبح سليمان رئيسًا لمصر؛ نظرًا لماضيه في تعذيب من يتم اتهامهم بالإرهاب، بعد أن بدأ الرئيس الأمريكي كلينتون في إرسال المعتقلين لمصر ليتم تعذيبهم تحت اشراف سليمان شخصيًا. وتشرح جاين ماير في كتابها، "الجانب المظلم"، كيف بدأت عمليات نقل المعتقلين لمصر لتعذيبهم- وكيف كان سليمان عاملًا حاسمًا في تطويره؛ فتقول: كان يُصرح بكل عملية ترحيل على أعلى المستويات في الحكومتين، وقد فاوض رئيس المخابرات المصرية- عمر سليمان- مسئولي المخابرات الأمريكية بشكل مباشر. ويصف إدوارد والكر- السفير الأمريكي الأسبق بالقاهرة- كيف أن النظير المصري- أي سليمان- "ذكي جدًا، وواقعي بشكل كبير"، مضيفًا أنه كان مُدركًا بأنه كان هناك جانب سلبي "بعض التأثيرات السلبية لتورط مصر في عمليات التعذيب وما إلى ذلك. ولكنه لم يكن شديد الحساسية تجاه ذلك الأمر". وبشكل آلي، يُلزم القانون الأمريكي المخابرات الأمريكية بأن تطلب "ضمانات" من مصر بأنه المشتبه بهم الذين تُسلمهم أمريكا لمصر لن يتعرضون لأي عمليات تعذيب، إلا أنه خلال فترة تولي سليمان رئاسة المخابرات المصرية، كانت تعتبر مثل تلك الضمانات بالية ولا حاجة لها. ومما يؤكد تلك الإدعاءات، قال حبيب ل "استراليان"، "هذا الرجل عميل للمخابرات الأمريكية وللولايات المتحدة. وإن دعمت أستراليا سليمان، فإنهم سيكونون يدعمون التعذيب والجريمة". وأضاف حبيب أنه بعد تسليمه إلى مصر "شارك سليمان بنفسه في عملية تعذيبه"، وقال حبيب في كتابه، "لقد كان سليمان حاضرًا في أغلب جلسات استجوابي". دعوى قضائية ضد سليمان بتهمة التعذيب "ربما لا تعرفني.. ولكنني أنا من يتحكم في حياتك الآن"، بهذه الكلمات بدأ حبيب وصف إحدى جلسات استجوابه، حيث اقتبست "استراليان" نقلًا عنه، "كنت أجلس على كرسي، مغمى العينين، ويداي مقيدتان خلف ظهري. اقترب مني سليمان، كان صوته عميقًا وقويًا، وحدثني باللهجة المصرية والإنجليزية، قائلا "ربما لا تعرفني.. ولكنني من يتحكم في حياتك الآن". وأضافت الصحيفة الإسترالية نقلا عن حبيب، "قال لي سليمان إنه يريد أن يراني أموت ببطء، لا أريدك أن تموت الآن، وقتي ثمين جدًا لأقضيه معك. ليس لديك سواي لأنقذك. أنا مخلصك. يجب أن تخبرني بكل شئ إن أردت أن تكون آمنًا". وعندما رد حبيب بأنه لا يعرف شيئًا، قال سليمان "هل تظن أنني لا أستطيع أن أدمرك تمامًا؟". وأضافت الصحيفة الاسترالية أنه بعد أن انتزع رجال سليمان الاعترافات من حبيب، تم نقله إلى عهدة الولاياتالمتحدةالأمريكية مرة أخرى، حيث تقرر إيداعه معتقل جوانتانامو. وبعد ذلك تم ارسال "اعترافه" كدليل إلى محكمة جوانتانامو. ويقول الكاتب جيف كاي، "إن ممدوح حبيب قد أقام دعوى قضائية ضد رئيس المخابرات المصرية السابق، يتهمه فيها بتعذيبه للحصول على اعترافات كاذبة بشأن أحداث تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، حيث اعترف حبيب تحت التعذيب بعلاقته بأفراد تنظيم القاعدة، وهو ما أدى إلى نقله بعد ذلك إلى جوانتانامو لمحاكمته استنادًا على الاعتراف الذي أدلى به تحت التعذيب". "خدعة الحرب" ضد الإرهاب ولا يمكن المبالغة في أهمية هذا الأمر، فقد وصف مسئول سابق بالمخابرات الأمريكية سليمان بأنه "مُقرب" من المخابرات الأمريكية، وهو ما يجعله متورطًا في خدعة "الحرب ضد الإرهاب"، والتي كان يحدث فيها عمليات تعذيب سواء أكانت عمدًا أو بالصدفة، ليس لحماية الولاياتالمتحدة أو حلفائها، وإنما للبحث عن تبريرات للاعتداء غير الشرعي على العراق في 2003. وذكر موقع "دارك بوليتيكرز" أن هناك العديد من الاتهامات الموجهة ل "سليمان" بشأن تعذيب المشتبه بهم من أفراد تنظيم القاعدة، حيث تم استخدام المعلومات المنتزعة من المشتبه بهم إثر تعذيبهم في الاستعداد الأمريكي لغزو العراق، كدليل على الاتصالات بين صدام حسين وتنظيم القاعدة. ويقول الكاتب أنتوني لوينستين على موقعه الإلكتروني، "لسنوات طويلة عانى ممدوح حبيب من التعذيب وتشويه السمعة، بسبب ما أسمته أمريكا ب "الحرب على الإرهاب"، ولكن العام الماضي استطاع حبيب تحقيق النصر أخيرًا في محكمة أسترالية قضت بتعويضه جراء تسليمه للولايات المتحدة على إثر تفجيرات 11 سبتمبر". "إن حبيب هو الشاهد الأساسي القادر على التأكيد على دور سليمان في مصر حاليًا. ويجب على نظام باراك أوباما وحلفائه أن يدينون انتهاكات نظام مبارك، ويطالبون بمحاكمات دولية على الجرائم التي اقترفوها". ونقل لوينستين عن حبيب "لا يمكن لسليمان أن يقود مصر لمستقبل أفضل بينما تتلطخ يداه بالدم". ويؤكد الموقع أن وثائق ويكيليكس تثبت أن سليمان تمتع بعلاقات قوية مع المخابرات الأمريكية. وجاء في نص الوثيقة "ربما تكون علاقاتنا الاستخبارية مع عمر سليمان من أقوى عناصر العلاقة مع مصر". نقلا عن الوطن المصرية