"دارت عقارب الساعة للخلف، وتجمع المتظاهرون في ميدان التحرير .. فالحكم على مبارك لم يحقق العدالة"، بهذه العبارة استهل الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي "ستيفين كوك" خبير دراسات الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي تعليقه على صدور الأحكام في قضية مبارك ونجليه ووزير الداخلية ومساعديه. وقال "كوك" في مجلة "مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي":"إن العدالة مطلب أساسي..المصريون في واقع الأمر لم يقوموا بثورة ولم يسقطوا النظام السياسي أو يغيرونه. كل ما حدث هو عزل رئيس الجمهورية وبعض مساعديه، ونتيجة لذلك تمت محاكمتهم في إطار نفس القوانين الفاسدة والمتغيرة التي خدمت مصالح النظام وأعوانه، ورغم إدانة القاضي أحمد رفعت لمبارك إلا أن رفعت معروف بتعاطفه مع الرئيس السابق لأنه يدين له بمنصبه ومكانته، ولذلك ليس من الغريب أن تكون الأحكام ضد مبارك ومعاونيه أقل بكثير مما توقعه المصريون.
وتساءل الباحث السياسي الأمريكي،"لماذا كانت المحاكمة من البداية؟ وأجاب:"لأن المصريين طالبوا بالقصاص، بينما كان المجلس العسكري معنيا أكثر باستعادة الاستقرار، فقدم للمصريين محاكمة مسرحية مثيرة ووضع مبارك في قفص الاتهام،وبث المحاكمة على الهواء".
ورأى كوك أن كل ما حدث في مصر خلال الشهور الماضية من شأنه أن يذكي نار الرغبة في الانتقام ولا يدع مجالاً للمنطق، فالثوار والأولتراس هيأوا البيئة السياسية كي يصدر القضاة حكم بالإعدام على مبارك، لكن غالبية المصريين كانوا أكثر اهتماما بالعدالة أكثر من الانتقام، ولهذا تم تعجيل إجراءات مثول مبارك للمحاكمة لتهدئة الاحتجاجات، ولو تم تشكيل لجنة للمصالحة بين المصريين لكان الأمر أفضل من المحاكمة التي قد لا ترضي رغبة المصريين في القصاص، ولكن أحيانا ما يكون اللجوء لحل وسط ضروريًا، وربما استبعدت تلك اللجنة عقوبة الإعدام عن مبارك لكنها كانت سترسي دعائم بناء نظام سياسي عادل، ولكن مادام المصريون قد سلكوا طريق المحاكمة يتعين عليهم قبول العواقب التي قد تشمل عدم تحقيق العدالة والقصاص، ومن المثير للسخرية في مرحلة ما بعد مبارك أن تكون تبرئته هي الحدث الأكبر.