وبدأت هوجة انتخابات مجلس الشعب. إنها دائما ما تنحصر بين المرشحين وبعيدا عن الناخبين الذين تعودوا علي عدم الحماس للمشاركة بأصواتهم في هذه العملية السياسية التشريعية التي من المفروض أن تكون محورا لاهتمامهم وإقبالهم. وسط هذا التناقض يدور الجدل العقيم عن سلبية المجتمع تجاه الممارسة السياسية وهو ما يعكس عدم المبالاة بكل ما يجري. وكأن الأمر لا يتعلق بحياتهم ومستقبلهم. هنا يثور التساؤل عن السبب وراء ذلك وهل هذه الظاهرة المؤسفة تعود إلي فقدان الإيمان بأهمية وفاعلية المشاركة في رسم حقيقي للحياة السياسية أم أن مشاكل الحياة والمعاناة تقف وراء انشغال الناس عن هذه القضايا. من المؤكد ان هذه السلوكيات السلبية تعكس بداية نقص التوعية وغياب الحافز الذي يدفع المواطن إلي أن يكون عنصرا ايجابيا في توجيه الحياة السياسية من خلال صندوق الانتخاب ولا يمكن هنا التغاضي عما هو سائد من معتقدات باعتباره يمثل عنصرا مؤثرا وأساسيا يقوم علي ان التصويت في الانتخابات لن يغير شيئا من النتيجة رغم ان الصوت الانتخابي مع الاصرار وحيوية المشاركة السياسية يعد الوسيلة الفعالة لإحداث التغيير الواجب ووضع نهاية لمثل هذا الاعتقاد. ان ما تتطلع إليه الأغلبية الصامتة ان تكون الانتخابات التشريعية القادمة فرصة لافراز عناصر تمثل صفوة المجتمع علي كل المستويات وأن تفتح الأبواب أمام الصالح منها ممن يتمتعون بالسمعة الطيبة وموهبة الخدمة العامة وكذلك من تتسم مواقفهم وسلوكياتهم بالأمانة والشفافية.. لابد ان يكون المتقدمون للترشيح قادرين علي أن يرفعوا اصواتهم بابداء الرأي بصراحة ودون مواربة في كل شئون الوطن. لا نريد نوابا مُصابون بالصمت والخرس طوال الدورة البرلمانية ولا هم لهم سوي الحصول علي المكاسب وتقديم الخدمات لجماهير الناخبين مقابل أتاوات معلومة. وحتي تتوافر الشفافية لهذه الانتخابات فإنه لابد من قيام اللجنة المختصة بمتابعة العملية الانتخابية بكل الحيدة والشرف بالتصدي لكل الأساليب غير الأخلاقية وكل الممارسات التي تتسم بالارهاب الفكري واستخدام سطوة المال والنفوذ. علينا ان ندرك جميعا انه لن تكون هناك فرصة لحياة ديمقراطية سليمة وحقيقية إذا لم يكن لدينا نواب علي مستوي المواطنة الحقة ولديهم ملكة اثراء الحياة السياسية وان يشكلوا بأدائهم اضافة جديدة للعمل الوطني الذي يساهم في بناء المستقبل. لابد ان ندرك جميعا ان المشاركة الواسعة في الحياة السياسية هي الطريق الصحيح لبناء مجتمع يؤمن بالحرية والديمقراطية ويحكمه مبدأ ان الوطن للجميع والدين لله. ان ما نحتاج إليه في هذه المرحلة هو الضمير والانتماء لهذا البلد وتعظيم الايمان علي كل المستويات بأن السبيل الوحيد للتقدم هو ان تتاح للشعب الفرصة ليقول كلمته بكل الحرية وهو الأمر الذي لا يمكن تحقيقه دون توافر الثقة الكاملة. ان ما يدعو إلي التفاؤل في امكانية ان تكون هذه الانتخابات معبرا إلي مرحلة جديدة في حياتنا السياسية هو نمو الاحساس بأننا تأخرنا كثيرا وان الوقت قد حان للتحرك بايجابية. صحيح اننا نجحنا في تحقيق الكثير من الانجازات ولكن لابد ان نعترف بأن ما حققناه لا يتوافق مع طموحاتنا ولا مع ما نتطلع إليه. *نقلا عن صحيفة الاخبار المصرية