بات مصير لوحة "زهرة الخشخاش" للفنان الهولندي فنسنت فان جوخ مجهولا بعد ان تضاربت الاقوال حول حقيقة العثور عليها من عدمه. كان قد كشف عن سرقة اللوحة صباح السبت من متحف محمد محمود خليل و الذي كانت تقبع فيه منذ سنوات طويلة فيما تعد السرقة الثانية التي تتعرض لها هذة اللوحة من نفس المتحف. و قد رسمت لوحة "زهرة الخشخاش" بالألوان الزيتية على القماش في عام 1886، و تحمل توقيع الفنان فنسنت فان جوخ، وهي بحجم 64 سنتيمتر × 53 سنتيمتر. وقد وضعت في متحف محمد محمود خليل وحرمه في غرفة منفصلة، وأمامها صفان من المقاعد كي يجلس الزائرون لتأملها، وهي اللوحة الوحيدة مع لوحة "المستحمات" لبول جوجان اللتان خصص لهما المتحف قاعة خاصة للعرض. وفي حين حاول البعض تقدير قيمة اللوحة المادية بأكثر من 50 مليون دولار إلا أن متخصصين أكدوا أنها تنتمي إلى تلك الإبداعات التي لا تقدر بثمن في التراث العالمي، حيث يعتقد أن فان جوخ (1853- 1890) رسمها عام 1887 قبل 3 سنوات من مقتله بطلق ناري. وصدر بيان رسمي في وقت متأخر من السبت يؤكد القبض على اللص واستعادة اللوحة إلا أن وزير الثقافة فاروق حسني قال بعد أقل من ساعة من صدور البيان إن المعلومات التي أفادت بأنه قد تم استعادة اللوحة "غير دقيقة ولم تتأكد من الجهات المختصة" على حد تعبيره. وشهد مساء السبت صدور 4 بيانات رسمية أصدرتها وزارة الثقافة المصرية في أقل من 5 ساعات حول مصير اللوحة التي كان متحف محمد محمود خليل يضمها إلى جانب عدد من اللوحات الأخرى تعد "زهرة الخشخاش" أبرزها فيما يثير الكثير من الشكوك حول إمكانية إيجادها ويلقي الكثير من المسئولية على الحكومة المصرية فيما يخص عمليات تأمين المتاحف. وقد أصدر وزير الثقافة المصري قرارا عاجلا بإجراء تحقيق إداري مع كل المسئولين بالمتحف وقيادات قطاع الفنون التشكيلية حول سرقة اللوحة قبل أن يحيل الجميع إلى النيابة الإدارية لتحديد المسئولية مع إبلاغ المسئولين عن المنافذ الجوية والبحرية والبرية لعدم تهريب اللوحة إلى الخارج. وفي الثامنة من مساء السبت أصدر فاروق حسني بيانا ثانيا ضم قرارا بوقف الزيارة بمتحف محمد محمود خليل لحين انتهاء التحقيقات كما قرر تشكيل لجنة فنية للتفتيش ومراجعة منظومة الأمن الداخلي للمتحف بشكل عام. وبعدها بساعة واحدة وفي التاسعة مساء أعلن حسني في بيان رسمي ثالث أن أجهزة الأمن المصرية تمكنت من استعادة اللوحة بعدما أحبطت محاولة لتهريبها من مطار القاهرة بحوزة شاب إيطالي. وقال محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية المصري في البيان إن عدد زوار متحف محمد محمود خليل منذ الصباح وحتى اكتشاف حادثة السرقة يوم السبت لم يتجاوز 11 فردا من جنسيات مختلفة وكان الشاب الإيطالي الذي ضبطت معه اللوحة من بين الزائرين وبصحبته فتاة إيطالية غادرا المتحف قبل اكتشاف السرقة بينما باقي الزائرين كانوا من الأسبان وتم تفتيشهم قبل خروجهم من المتحف عقب اكتشاف السرقة. ولم يكد المهتمون بالأمر يتنفسون الصعداء حتى فوجئوا ببيان رسمي رابع في الحادية عشرة من مساء السبت يكذب البيان الذي سبقه ويؤكد أن المعلومات الواردة به عن استعادة اللوحة غير دقيقة وغير مؤكدة. وقال وزير الثقافة المصري في البيان الأخير إن المعلومات التي ذكرت عن استعادة لوحة "زهرة الخشخاش" وردته من رئيس قطاع الفنون التشكيلية محسن شعلان في اتصال هاتفي أكد فيه استعادة اللوحة. وأضاف: "إلا أنه اتضح أن هذه المعلومات غير دقيقة ولم تتأكد من الجهات المختصة حيث ما زالت الإجراءات مستمرة لمعرفة ملابسات الحادث لاستعادة اللوحة المسروقة". وكانت اللوحة نفسها قد تعرضت لعملية سرقة غامضة عام 1978 على يد لص يدعى حسن العسال ثم أعيدت بعدها بقليل إلى المتحف بطريقة أكثر غموضا وهو ما جعل البعض يردد أن الغرض من السرقة كان نسخ اللوحة وأن الموجودة في المتحف "المسروقة" هي النسخة المقلدة بينما اللوحة الأصلية هربت إلى الخارج وقد تأكد بعد ذلك عدم صحة هذا الاعتقاد؛ لأن قطاع الفنون التشكيلية يمتلك أجهزة فحص دقيقة تأكدت من أن اللوحة الموجودة بالمتحف هي الأصلية. وأثيرت حول "زهرة الخشخاش" ضجة كبيرة عام 1988 حين أعلن الكاتب المصري الراحل يوسف إدريس في صحيفة "الأهرام" الرسمية أن اللوحة الموجودة بالمتحف نسخة مزيفة وأن الأصلية بيعت في إحدى أكبر صالات المزادات بلندن بمبلغ 43 مليون دولار. وفي الأعوام الثلاث الأخيرة تعرضت لوحتان للفنان التشكيلي المصري حامد ندا للسرقة من دار الأوبرا المصرية بالقاهرة قبل إعادتهما عن طريق مدير أتيلييه جدة بالسعودية وبعدها سرقت 9 لوحات أثرية من قصر محمد علي في شبرا الخيمة شمال القاهرة قبل أن يعثر عليها بعد 10 أيام. و تتضائل احتمالات العثور علي اللوحة مع مرور الوقت و ذلك بالرغم من تكثيف التواجد الامني بالمطارات و استدعاء رجال الاثار لفحص جميع اللوحات و الاعمال الفنية التي يتم الاشتباة فيها و كان قد عثر علي عدة رسومات بحوزة امريكيين الاحد الاول كان متجها الى نيويورك والثاني كان في طريقه الى واشنطن وتم فك البراويز للوحات المصاحبة لهما وتفتيشها الا انة لم يتم العثور على شيء . و اثيرت الكثير من التساؤلات حول امكانية تكرار سرقة هذة اللوحات و عن الاجراءات الامنية الموجودة بالمتاحف و قد اكد مسئول امني ان كاميرات المراقبة وجهاز الانذار في المتحف الذي سرقت منه لوحة فان جوخ كانت معطلة منذ مدة طويلة وقال هذا المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه "الكاميرات لا تعمل منذ وقت طويل, وكذلك جهاز الانذار" مؤكدا بالتالي عدم التقاط اي صورة للمشتبه بهم . و بذلك يثار تساؤل حول مدي امكانية حماية ما تبقي من التحف الموجودة بالمتحف حيث يضم هذا المتحف اهم مجموعات الاعمال الفنية الاوروبية في القرنين التاسع عشر والعشرين في الشرق الاوسط. ويحمل المتحف اسم محمد محمود خليل وهو نائب مصري راحل اشتهر في ثلاثينات القرن الماضي بامتلاكه مجموعة كبيرة من الاعمال الفنية وقد اختير قصره لاستضافة المتحف. كانت اعمال اخرى لفان جوخ قد تعرضت للسرقة في متاحف مختلفة ففي عام 2008 سرقت اربع لوحات فنية من ضمنها واحدة لفان جوخ من متحف زيوريخ وقدرت قيمة هذه اللوحات الاربع حين ذاك بحوالى 112 مليون يورو.