أكد أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية إحدي الفصائل المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الدكتور واصل أبو يوسف أن ما قامت به حركة حماس مؤخرا في قطاع غزة يمس جوهر القضية الفلسطينية وقضاياها الرئيسية. وقال في حوار في العاصمة الأردنية إن كافة الفصائل الفلسطينية ترفض كافة ممارسات حركة حماس وتدعوها لإعادة الوضع الي ما كان عليه قبل الانقلاب. وأضاف أن جميع الفصائل ترفض الدولة الفلسطينية المؤقتة التي يدعو لها مستشار حماس السياسي العراب أحمد يوسف. وفيما يلي نص الحوار: ما الذي يجري في الداخل وما موقف الفصائل؟ - ما يجري في الداخل خطير جدا ويمس جوهر القضية والقضايا الرئيسية، وخاصة بعد انقلاب حماس الدموي وحسمها العسكري في القطاع، ذلك أن الاحتلال كان يحلم بفصل الضفة عن قطاع غزة وتحقق ذلك الآن بفضل حماس. وقد حددت الفصائل بمجملها مواقفها بشكل واضح حول ضرورة إنهاء هذا الوضع الشاذ وما يمثله من مخاطر جدية علي صعيد قضايا شعبنا. وفي ظل ذلك تكثيف وتواصل العدوان الإسرائيلي علي شعبنا في كافة أنحاء فلسطين استغلالا للوضع القائم. ولا تزال الفصائل تكثف من جهودها للخروج من هذا الوضع وضرورة حماية المشروع الوطني والحفاظ علي المنجزات والمكتسبات الوطنية. وقد بلورت موقفا واضحا في اجتماعي المجلس المركزي لمنظمة التحرير في يونيو ويوليو الماضيين من خلال التأكيد علي أن مدخل الحل يكمن في تراجع حماس عما قامت به من انقلاب علي الشرعية والديمقراطية الفلسطينية وضرورة عودة الأمور الي ما قبل الانقلاب، وأن يتم تشكيل لجنة تحقيق قضائية وطنية لمتابعة وكشف من ارتكب الجرائم ضد المواطنين الذين قضوا خلال انقلاب حماس. كما نطالب بتسليم المقرات والمؤسسات التي تم الاستيلاء عليها للسلطة حتي يتهيأ المناخ الملائم للدعوة الي حوار وطني شامل بعيدا عن المحاصصة والتجاذبات الحزبية لترتيب البيت الفلسطيني الداخلي ووضع خطة وطنية جدية ترتقي لمستوي مواجهة التحديات والمخاطر. لقد تم التأكد من قبل الفصائل علي آليتين رئيسيتين الأولي لابد أن يتمخض عنهما الحوار وهما ضرورة العودة للشعب من خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية المبكرة التي يتوجب بموجبها حسم الخلاف من خلال نتائجها، ولا بد من التزام الجميع بنتائجها حتي لا تتفاقم الأزمة أما الآلية الثانية فهي ضرورة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية علي قاعدة انتخابات المجلس الوطني في الوطن وحيث ما أمكن في الشتات علي قاعدة التمثيل النسبي الكامل وكذلك تفعيل مؤسسات المنظمة لترتقي بوضعها كممثل شرعي وحيد ومرجعية للشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية. إلي أين تسير الأمور؟ - أمام ما يجري من تكريس لحالة الانقسام الجيوسياسي القائم علي الأرض نتيجة ما قامت به حماس فإن ذلك يشكل مدخلا حقيقيا لاستغلال الوضع القائم من قبل كافة أعداء الشعب الفلسطيني والمتربصين به. ومن هنا، لا بد من الإدراك أن تكثيف العدوان والحواجز العسكرية الاسرائيلية ومواصلة اعتقال واحتجاز الاسري واستخدامهم ورقة مساومة وابتزاز وكذلك تهويد القدس، كل ذلك بسبب انقسام الصف الفلسطيني. وتأتي دعوة الرئيس الأمريكي بوش لعقد مؤتمر في الخريف المقبل لمناقشة القضية الفلسطينية بعيدا عما هو مطلوب لايجاد حل حقيقي في المنطقة يعتمد علي الدعوة الي مؤتمر دولي حقيقي تكون مرجعيته الأممالمتحدة ومجلس الأمن ويطبق قرارات الشرعية الدولية ويفرض علي الاحتلال سحب قواته من كافة الأراضي العربية المحتلة عام 1967، وهذا بطبيعة الحال يتطلب حضور كافة الأطراف والاتفاق علي سقف زمني للتنفيذ وليس العمل علي ادارة الأزمة. ماذا يعني فصل قطاع غزة عن الضفة الفلسطينية؟ - أحد أهم المخاطر المتعلقة بالوضع هو تكريس هذا الفصل الذي يشكل انقساما واضحا علي الصعيدين السياسي والجغرافي، مما يحدث خللا في المعادلة الفلسطينية التي تحتاج الي توحيد الجهود وتضافر الطاقات لمواجهة الاحتلال للحفاظ علي المكتسبات. دولة طالبان في غزة هل نحن أمام دولة طالبان في غزة؟ - ما تقوم به ميليشيات حماس والقوة التنفيذية التابعة لها من قمع للحريات في القطاع والاستدعاءات واعتقالات المواطنين والتعدي علي المستشفيات والمؤسسات العامة، وكذلك منع المواطنين من التعبير عن آرائهم، كل ذلك محاولات لتكميم الأفواه وفرض سياسة الأمر الواقع وتسييد القمع الذي تحاول من خلاله السيطرة علي الوضع في القطاع 0 لكن الوضع ليس بهذه السهوله، فهو يتفاقم ساعة بعد ساعة وبمشاركة الجميع، ونحن بدورنا كفصائل نرفض هذه الممارسات جملة وتفصيلا وندعو حماس الي تحكيم العقل. لقد خرج المواطنون قبل أيام للتعبير عن مواقفهم إزاء ممارسات حماس وقوتها التنفيذية وميليشياتها، ذلك أنهم لا يقبلون بوجود قوة قمعية تتحكم فيهم. ما نسبة ما تبقي من الحلم الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة بعد انقلاب حماس؟ - أهم ما يطرح الآن من مخاطر هو القبول بدولة مؤقتة، وهي التي يدعو لها مستشار حماس السياسي الدكتور أحمد يوسف، ومجمل القول إن القبول بذلك يعود لفائدة ومصلحة الاحتلال لتكريس الوضع القائم، وأن ما يقوم به الاحتلال من وضع شعبنا في معازل وتحقيق حلمه بدولة فلسطينية متواصلة عن طريق الجسور والأنفاق ضمن كانتونات ثلاثة في الشمال والوسط والجنوب، دون الحديث عن ضرورة تحقيق انسحاب جدي تنفيذا لقرارات الشرعية الدولية للانسحاب من المناطق المحتلة عام 1967. ما قامت به اسرائيل طوال السنوات الماضية من خلال تكثيف الاستعمار الاستيطاني وتوسيع المستعمرات الكبري ما هو إلا محاولة لقطع الطريق علي قيام دولة مستقلة متصلة وها هي اسرائيل تحاول أيضا الاستفادة من وجود الكتل الاستعمارية الكبري والعمل علي إضفاء الشرعية عليها واستغلال ورقة بوش لشارون التي حاولت الترويج للقبول بالأمر الواقع من خلال الاعتراف بعدم القدرة علي إزالة هذه الكتل وبذلك فإن أخطر ما نواجهه هو القبول بدولة المستشار أحمد يوسف المؤقتة علي جزء صغير من الأرض خارج حدود جدار الضم والسلب والنهب ولا تتجاوز مساحتها 40% من الضفة، ودون القدس عاصمة وهي في نهاية المطاف محاولة لشطب حق العودة. ما تفسيركم لدعم إسرائيل وأمريكا لرئاسة السلطة بالسلاح والمال؟ - ما تقوم به اسرائيل هو محاولة استغلال للوضع القائم، والحديث عن دعم أمريكي واسرائيلي للرئيس محمود عباس هراء ذلك أن ما تقوم به اسرائيل علي الأرض من الإمعان في تنفيذ المزيد من القتل والتصفية والعقوبات الجماعية ورفض الأجهزة الأمنية وحكومة الاحتلال رفع الحواجز العسكرية التي وصلت الي 500 حاجز ناهيك عن مواصلة احتجاز المعتقلين الذين وصل عددهم الي أكثر من أحد عشر ألف معتقل من ضمنهم نساء وأطفال وشيوخ ومرضي مضي علي اعتقال بعضهم أكثر من 30 عاما مثل الأسير سعيد العتبة الذي دخل مؤخرا عامه الحادي والثلاثين وكذلك الأسير اللبناني سمير القنطار الذي مضي علي اعتقاله 29 عاما، واستخدامهم ورقة ضغط علي الوضع الفلسطيني كل ذلك يهدف الي إحراج السلطة بكل مكوناتها. كيف تنظرون إلي لقاءات أولمرت - عباس؟ - هذه اللقاءات التي تتم بين الفينة والأخري تحاول حكومة الاحتلال استغلالها للترويج بأن هناك لفتات انسانية تقدمها للرئيس عباس، وهي في حقيقة أمرها محاولات لخداع الرأي العام، ذلك أن هذه الحكومة الضعيفة لم تقدم شيئاً جدياً علي كافة الصعد للفلسطينيين. وفي ذات السياق تقوم ادارة الرئيس بوش بفرض ذات السياسة التي تنحاز كليا لحكومة الاحتلال وتبني مواقفها وتحاول مساعدة حكومة الاحتلال علي الابتعاد عن جوهر القضية المتمثل بضرورة إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من تحقيق حلم العودة وإقامة الدولة المستقلة. تحت الطاولة يبدو أن أموراً ما تجري تحت الطاولة ماذا لديكم بهذا الخصوص؟ - ما يتم الحديث عنه عشية التحضيرات لمؤتمر بوش الدولي وكذلك الحديث حول ضرورة وضع أجندة جدية لحل قضايا الوضع الفلسطيني الرئيسية، وقد تحدث الجانب الفلسطيني عن ضرورة عقد مؤتمر دولي جدي يعمل علي تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني وأهمها العودة والدولة المستقلة عاصمتها القدس والانسحاب علي قاعدة الشرعية الدولية. وما يجري هذه الأيام وفي مقدمته الحديث عن الاتفاق علي إعلان مباديء جدية، إنما يؤكد مرة أخري أن هناك تهربا من تنفيذ استحقاقات رئيسية متعلقة بالشان الفلسطيني، ونحن نؤكد أنه بدون ايجاد حلول جدية وحقيقية لن يكتب النجاح لأي نتائج لهذا المؤتمر، ذلك أن شعبنا لا يحتاج لمداخل أمنية وإنسانية بل هو بحاجة ماسة الي العمل الجاد من قبل المجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال. ما قراءتكم لحركة الإقليم تجاه القضية الفلسطينية؟ - هناك توجه عام بضرورة التوصل الي حل حقيقي للقضية وخاصة في ظل استمرار العدوان الشامل وما تقوم به اسرائيل من ممارسات لا انسانية ضد شعبنا. كما أن هناك توجها عاما وهو ضرورة التأكيد علي ضرورة أن جوهر الأزمة هو الاحتلال وعدوانه المتواصل. المشهد الإسرائيلي كيف تقرأون المشهد السياسي الإسرائيلي؟ - عندما يتم الحديث عن تقديم استحقاقات من الاحتلال للوصول الي تمكين الشعب الفلسطيني من تحقيق حقوقه، لا نعتقد أن حكومة أولمرت التي تتعرض الي تداعيات هزيمة جيشها في لبنان العام المنصرم وتقرير لجنة فينوغراد بهذا الخصوص ناهيك عن قضايا الفساد والقضاء والتحرش الجنسي التي رفعت ضد العديد من رموزها، إضافة الي استراتيجيتها القائمة علي الاستعمار الاستيطاني والعدوان، وبالتالي فإنها غير قادرة علي تنفيذ أي استحقاق يمكن الاتفاق عليه، وهي من الضعف بمكان من خلال التغييرات التي تجري علي الأرض والتي لا تستطيع من خلالها تحقيق ما نتحدث عنه ويتمثل بالانسحاب ورفع الحواجز وإطلاق سراح الأسري، بل نجد أن اسرائيل تتهرب من تنفيذ أي قضية لها علاقة بالانفراج او الأفق السياسي الجدي الذي يفضي الي حل حقيقي للقضايا الرئيسية، وهي لا تنفذ البنود الفرعية، فما بالك بالقضايا الرئيسية من حدود ولاجئين ومستعمرات وقدس ومياه؟ هل تتوقعون عدوانا اسرائيليا جديدا علي غزة وسوريا ولبنان؟ - هذا العدوان متوقع دائما، لأن اسرائيل أصلا قامت علي العدوان، ناهيك عن وضع حكومة أولمرت وما تتعرض له من هزات ونحن إزاء ذلك نتوقع أن تنفذ اسرائيل عملية الهروب الي الأمام من خلال شنها هذا العدوان، ولكن السؤال المطروح، ما النتائج التي ستترتب علي هذا العدوان استنادا الي ما جري في حرب يوليو 2006 وصمود حزب الله 33 يوما وما فعله في اسرائيل.