ما يعرف باسم جماعة جيش الرب التى يتزعمها القس جوزيف كوني هي واحدة من أبرز الحركات المتطرفة دينيا والمعارضة للرئيس موسيفيني في أوغندا ، وهى حركة مسلحة ظهرت فى البداية كطائفة صغيرة فى منتصف الثمانينات من القرن الماضى تقريبا بزعامة شقيقته، وتدعى أليس لاكوينا التى ادعت أنها على اتصال بالروح القدس الذى أمرها بإزاحة موسيفينى من الحكم وتنصيب نفسها مكانه، وزعمت أن إعجازها يتمثل فى نوع من الزيت المغلى من قبل روح القدس الذى أخبرها بأنه من يتمسح به فلن تخترق جسده طلقات الرصاص فى ميدان المعركة ، وقد تزايد أتباعها شيئا فشيئا، خاصة من معارضى النظام ، وعرفت هذه الطائفة باسم طائفة الروح القدس، وتركز نشاطها فى شمال البلاد لاعتبارين أساسيين هما: 1- أن الشمال الأوغندى فقير اقتصاديا مقارنة بالجنوب، ومن ثم يمكن استغلال هذا الوضع الاقتصادى السيئ فى عملية التبشير التى توظف عمليا فى جذب أنصار جدد من الصغار فى مواجهة النظام، خاصة وأن الشمال يمكن أن يحصل بسهولة على قدرات تسليحية عالية مهربة مقارنة بالجنوب. 2-اقتراب هذه المنطقة من جنوب السودان، وهى منطقة تنتشر فيها عمليات التبشير بصورة كبيرة تمثل بيئة حاضنة، فكل المنظمات التى تتخذ الطابع التبشيرى أو الدينى العنيف تعمل فيها، لدرجة أن نسبة المسلمين قد تضاءلت هناك لتصبح 1%، بالرغم من أن الشمال كان أحد المعاقل الرئيسية للرئيس الأوغندى المسلم الراحل عيدى أمين. كما أن هذه المنطقة الواقعة جنوب السودان ، يمكن أن تشكل فناء خلفيا للحركة فى عمليات الكر والفر، خاصة وأن الجنوب السودانى ظل لفترات طويلة غير خاضع للحكومة المركزية فى الخرطوم. ولقد بدأت طائفة الروح القدس فى شن هجماتها ضد نظام موسيفينى فى الشمال، إلا أنها منيت بهزائم منكرة، وظهر كذب زعيمة الطائفة بعد وفاة عدد كبير من أتباعها برصاص القوات الحكومية، مما دفع الكثيرين من أتباعها إلى الانصراف عنها ، كما اضطرت هى إلى الفرار إلى كينيا المجاورة . هنا برز دور شقيقها القس جوزيف كونى الذى نجح فى جمع فلول جماعة شقيقته، ونزح بهم أولا إلى جنوب السودان ، حيث تلقى الدعم من الزعيم الجنوبي الراحل جارانج ، وتزامن ذلك مع توتر العلاقات بين الخرطوم وكمبالا منذ منتصف تسعينات القرن الماضى بسبب اتهام الخرطوم لموسيفينى بدعم جارانج ، مما دفع الحكومة السودانية -فى المقابل- إلى دعم كونى بالرغم من التوجهات الإسلامية لحكومة الإنقاذ فى ذلك الوقت، وهنا قام كونى بتغيير اسم حركته من طائفة الروح القدس إلى جيش الرب للمقاومة. الإرهاب المقدس ويطالب كونى -شأنه فى ذلك شأن شقيقته- بإزاحة موسيفينى عن الحكم وإقامة دولة مسيحية كنسية تقوم على احترام وتطبيق الوصايا العشر للكتاب المقدس ( العهد القديم). ويدعى كوني أنه إله ، وهو معبود من قبل أتباعه الذين يرتدون مسابح حول أعناقهم اعتقادا منهم بأن ذلك سيوفر لهم الحماية أثناء الحرب .ويعتمد كونى بالأساس على اختطاف الأطفال وتجنيدهم فى صفوف حركته، حيث يقوم بتعميد هؤلاء بالماء المقدس، لأن ذلك سيحميهم من الرصاص، ووفقا لأحد التقارير الحديثة الصادرة عن منظمة اليونيسيف( صندوق الأممالمتحدة لرعاية الطفولة)، فإن قوام جيش كونى أربعة آلاف شخص يشكل الأطفال 80% منهم . ويلاحظ أن كونى وأتباعه لا يطبقون حتى تعاليم الكنيسة فيما يتعلق بالتعامل مع المدنيين، فهم يقومون بأعمال تتنافى مع حقوق الإنسان الأساسية، ومن ذلك أن كونى أجبر نساء إحدى القرى التى أغار عليها بإلقاء أنفسهن داخل ماء مغلي، وطلب من أقاربهن أكل لحومهن، ونفس الأمر يفعله مع الأطفال الذين يتم اختطافهم ، حيث يأمر هؤلاء بقتل ذويهم كدليل على الانتماء للحركة، وإلا فإن مصيرهم القتل . وكان من نتيجة هذه الممارسات سريان حالة من الرعب في نفوس سكان الشمال الأوغندي ، مما دفع قرابة مليون ونصف مليون نسمة إلى الفرار إلى المناطق الجنوبية والوسطى ، ومن اضطرته الظروف للبقاء فعليه مغادرة منزله ليلا، والسير مسافة تقدر بخمسة كيلو مترات لأقرب مأوى( مستشفي-نقطة شرطة) حتى لا يتعرض لإغارة قوات كونى التى تفضل العمل ليلا بعيدا عن أعين القوات الحكومية، وبعد طلوع الشمس يعود هؤلاء إلى ديارهم. وكان عدد المختطفين من المدنيين الأبرياء خلال العام والنصف الماضيين قرابة عشرة آلاف شخص، معظمهم من الأطفال الذين يحملون السلاح بعد ذلك ، والنساء اللاتى يتم إجبارهن على الزواج من أتباع الحركة. التمويل تعد أعمال السلب والنهب أحد أبرز مصادر التمويل للحركة ، فضلا عن الدعم- خاصة العسكري-الذى كانت تحصل عليه من الحكومة السودانية. كما قررت الولاياتالمتحدة هى الأخرى وضع هذه الحركة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية بعد أحداث سبتمبر. و أصدرت محكمة جرائم الحرب أمرا دوليا باعتقال ست من كبار قادة "جماعة جيش الرب " الأوغندية المعارضة .