شبكة الانترنت وموقع فايس بوك للتواصل الاجتماعي تحديدا مفيدة للعراقيين في الخارج للتواصل مع اهلهم داخل العراق لكن احدا لم يكن يتخيل يوما ان يتحول هذا الموقع الى ساحة جديدة للتنافس الانتخابي بين السياسيين العراقيين بهدف كسب اكبر عدد ممكن من الاصوات. وما ان بدأت الحملة الانتخابية حتى انتشرت على موقع فيسبوك صفحات وصور ابرز المرشحين الى الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد الماضي وفقرات عن برامجهم الانتخابية ومقاطع فيديو لمؤتمراتهم ولقاءاتهم الصحفية ونبذات مختصرة عن سيرهم الذاتية وبعض تلك الصفحات اطلقها على ما يبدو مناصرو ومعجبو هؤلاء المرشحين. والمرشحون الحاليون هم مسؤولون سابقون وحاليون وبرلمانيون او رؤساء بلديات في مدن كبرى وقد احيوا سؤالا قديما في السياسة العراقية: ما هي افضل المؤهلات العلمية والمهنية لاختيار النواب؟ وابرز الذين احتلت صفحاتهم وصورهم وبرامجهم وملصقاتهم موقع فيسبوك رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي زعيم «ائتلاف دولة القانون». وتقول وصال العزاوي مديرة المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية ان الثورة المعلوماتية بدأت تؤدي دورها وبشكل كبير في الانتخابات العراقية هذه المرة». واضافت ان «هناك مرشحين يملكون اموالا لتوظيف شركات عالمية وغربية ذات قدرات متطورة تقوم بالترويج لهم عبر شبكة الانترنت للوصول الى ابعد ناخب سواء داخل العراق او خارجه». وتابعت العزاوي ان «اللجوء الى الانترنت امر شرعي لكن يبقى السؤال: هل يتم استخدام المال العام او المال الخاص او ميزانية الحزب في تمويل هذه الحملات؟. بغض النظر عن الفائز في الانتخابات العراقية التي جرت الأحد الماضي فإن تلك العملية على الرغم مما شابها من تلاعب وتزوير كبيرين فإنها سجلت العديد من المؤشرات التي لا بد للمراقب أن يأخذها بالاعتبار. لعل أول المؤشرات تراجع للقوائم الدينية التي كانت تعرف تلك الحقيقة ما دفعها قبل الانتخابات إلى الدخول في تحالفات هنا وأخرى هناك أملا منها في إقناع الناخب العراقي بأنها تحالفات وكتل ذات صبغة وطنية وليست دينية كما حصل في انتخابات عام 2005 لقد عرف العراقيون طيلة السنوات السبع الماضية مرارة حكم رجال الدين وعرفوا أن مشاكلهم الأبرز بعد الاحتلال جاءت من تحت رأس تلك العمائم التي وجدت في السلطة طريقها للانتقام والثراء على حساب الشعب المظلوم ناهيك عن قلة خبرة هؤلاء الدينيين الساسة فلقد أشارت النتائج الأولية إلى أن قائمة الائتلاف الوطني بزعامة عمار الحكيم باتت خارج المنافسة الحقيقية . المؤشر الآخر الذي يجب التوقف عنده هو أن العرب السنة في العراق كانوا مدنيين إلى حد كبير وتمكنوا من نزع رداء الطائفية سريعا فاختاروا الشيعي العلماني إياد علاوي وفضلوه حتى على أحزابهم السنية وشخصياتهم الأخرى لأنهم يعتقدون أن الحكم المدني وليس الديني هو السبيل الوحيد لإخراج العراق من مأزقه في الشمال العراقي وتحديداً فيما يعرف بكردستان العراق جاءت نتائج التصويت لتبرهن مرة أخرى على أن العراقيين يتشابهون في همومهم وتطلعاتهم كما حازت الجماعة الإسلامية في كردستان العراق على أصوات عدد كبير من الناخبين مما يعني أن الأكراد لم يعودوا كما كانوا في الانتخابات الماضية حالة أخرى أفرزتها الانتخابات العراقية الأخيرة وهي ما يعرف باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فلقد كشفت المنظمات التي راقبت هذه الانتخابات أن هناك تواطؤاً كبيراً من قبل موظفي هذه المفوضية وائتلاف دولة القانون وكان الحديث عن عمليات التزوير التي حصلت كبيراً وكبيراً جداً مما يستوجب على أي حكومة عراقية مقبلة أن تسعى أول ما تسعى إلى حل تلك المفوضية وتشكيل مفوضية جديدة على أسس مهنية واعتماد التكنوقراط، خاصة إذا علمنا أن هذه المفوضية شكلت قبل نحو ستة أعوام في وقت كان العراق يعيش أتون الصراع المحاصصي والطائفي وحكم المعممين. اوردت جريدة اليوم السابع مقال لتوماس فريدمان نشر في صحيفة نيويرك تايمزعن الانتخابات العراقية واشاد فيها بتجربة الانتخابات العراقية وقال إن نشر الديمقراطية فى الشرق الأوسط والعالم العربى يعتمد على العرب والمسلمين أنفسهم وليس على الولاياتالمتحدةالأمريكية. ورأى الكاتب أن اعتبار أن هذه الانتخابات ستجعل من العراق قصة نجاح لم يسبق لها مثيل أمر خاطئ فالسياسيون العراقيون ينبغى عليهم إثبات أنهم قادرون على تولى مقاليد الحكم وبناء الدولة والالتزام بحكم القانون. العراقيون تغلبوا على سلسلة من النزاعات الطائفية التى هددت بفشل هذه الانتخابات وبالفعل تمكنوا من الخروج للتصويت باختلاف أطيافهم الشيعة والسنة والأكراد متحدين التفجيرات التى شنتها القاعدة ومساعى البعثيين بإفشال مشروع الديمقراطية فى العراق. ورغم أن الإطاحة بنظام صدام حسين ساعدت إيران على توسيع نطاق نفوذها فى العالم العربى إلا أنه إذا أسفرت هذه الانتخابات عن نتيجة جيدة فسيصبح العراق حينها قوة ديمقراطية تشكل ضغطا دائما على النظام الإيرانى.