على النقيض تماما من البداية جاءت نهاية كأس الأمم الأفريقية السابعة والعشرين لكرة القدم والتي اختتمت الأحد في أنجولا حافلة بالفرحة والاحتفالات،فقبل يومين فقط من انطلاق فعاليات البطولة شهدت مقاطعة كابينداالأنجولية واقعة الاعتداء الغاشم والمسلح على حافلة المنتخب التوجولي لكرة القدم أثناء توجهه إلى مدينة كابيندا استعدادا للمشاركة في البطولة. وأسفر الاعتداء عن مقتل المدرب المساعد للفريق والمسئول الصحفي المرافق له بالإضافة إلى سائق الحافلة وإصابة عدد من أفراد البعثة ومنهم حارس المرمى البديل كودجيوفي أوبيلالي الذي نقل لأحد مسشفيات جنوب أفريقياحيث تلقى العلاج هناك نظر لخطورة حالته. ولكن النهاية كانت سعيدة من خلال فوز المنتخب المصري (أحفاد الفراعنة)على نظيره الغاني (النجوم السوداء) /1صفر وتتويجه باللقب للمرة الثالثة على التوالي والسابعة في تاريخه ولم تكن كذلك للمنتخب المصري فحسب بل أيضا للمنتخب الغاني. وأصبح المنتخب المصري أول فريق في القارة السمراء يحرز هذا اللقب ثلاث مرات متتالية كما عزز أحفاد الفراعنة رقمهم القياسي في عدد مرات الفوز باللقب حيث كان اللقب هو السابع في تاريخه بعد أعوام 1957 و1959 و1986و1998 و2006 و2008 و2010 متفوقا بذلك على باقي منافسيه في القارة ولا يقترب منه سوى المنتخبين الغاني والكاميروني برصيد أربعة ألقاب لكل منهما. كما عزز الفريق رقمه القياسي في عدد المباريات التي يحافظ فيها أي فريق على سجله خاليا من الهزائم في نهائيات البطولة إلى 19 مباراة متتالية كما كان الفوز في مباراة الأمس هو التاسع له على التوالي في النهائيات. وأنهى اللاعب المصري البديل محمد ناجي (جدو) البطولة متربعا على قمة قائمة الهدافين برصيد خمسة أهداف معادلا بذلك عدد الأهداف التي أحرز بها الكاميروني صامويل إيتو لقب الهداف في كل من البطولتين الماضيتين في عامي 2006 بمصر و2008 بغانا،وسجل جدو أهدافه فرادى في خمس من ست مباريات شارك فيها خلال البطولة رغم أنه كان بديلا في جميع هذه المباريات الست. كما حطم زميله أحمد حسن (الصقر) الرقم القياسي في عدد المباريات الدولية التي يخوضها أي لاعب مع المنتخب المصري عبر تاريخه ورفع رصيده إلى 172 مباراة دولية بفارق ثلاث مباريات أكثر من الرقم القياسي السابق الذي كان مسجلا باسم المهاجم الشهير المعتزل حسام حسن. كما فاز أحمد حسن بلقب أفضل لاعب في البطولة وأصبح أول لاعب يحرز لقب البطولة أربع مرات في تاريخ مشاركاته ويعادله في هذا الإنجاز زميله حارس المرمى عصام الحضري الذي فاز أيضا بلقب أفضل حارس مرمى في البطولة. أما المنتخب الغاني فشعر بالحزن للهزيمة لكنه كان سعيدا بالتأكيد لبلوغه المباراة النهائية في البطولة بفريق يعتمد على مجموعة من اللاعبين الشبان الذين تحملوا الضغوط في غياب العديد من العناصر الكبيرة الأساسية بسبب موجة الإصابات التي اجتاحت صفوف الفريق قبل وأثناء البطولة. وبين البداية الحزينة للاعتداء على حافلة المنتخب التوجولي والنهايةالسعيدة والتاريخية للبطولة شهدت فعاليات كأس الأمم الأفريقية 2010بأنجولا الكثير من الإثارة. وبدأت الإثارة مع المباراة الافتتاحية التي تقدم فيها المنتخب الأنجولي بأربعة أهداف نظيفة لكنه ترك الفرصة أمام منافسه منتخب مالي ليحقق التعادل 4/4 في آخر 11 دقيقة من الوقت الأصلي للمباراة بالإضافة لست دقائق احتسبها الحكم كوقت بدل ضائع. وكان المنتخب المصري هو الفريق الوحيد في هذه البطولة الذي حقق الفوز في جميع مبارياته بالبطولة وهو الذي ترك البصمة الأفضل والأكبر في البطولة. أما الفريق الآخر الذي لم يتعرض لأي هزيمة في البطولة فهو المنتخب التونسي (نسور قرطاج) الذي خرج من الدور الأول بعدما تعادل في جميع المباريات الثلاث بالبطولة. وتغلب المنتخب المصري خلال مسيرته في البطولة على أربع من خمس منتخبات تأهلت عبر التصفيات الأفريقية إلى نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا حيث تغلب على منتخبات نيجيريا 1/3 والكاميرون بنفس النتيجة والجزائر /4صفر وغانا /1صفر حيث نجح بذلك في هز شباك هذه الفرق 11 مرة مقابل هدفين في مرماه. ولم يفلت منه سوى أفيال كوت ديفوار التي خرجت من الدور الثاني (دورالثمانية) اثر هزيمتها أمام الجزائر 3/2 كما لم يشارك منتخب جنوب أفريقيا في البطولة الحالية لإخفاقه في التصفيات لكنه سيشارك في نهائيات كأس العالم بصفته ممثل الدولة المضيفة. وقال الحضري إن هذا الجيل الذي صنع تاريخا جديدا للكرة المصرية بإحرازاللقب الأفريقي ثلاث مرات ربما يكون الأفضل في تاريخ الكرة المصرية. وشارك الحضري في نهائيات البطولتين الماضيتين عامي 2006 و2008 ولعب دورا بارزا في الفوز بلقبيهما. والجانب الآخر هو أن البلد الذي تخلص في السنوات القليلة الماضية من الحرب الأهلية التي سيطرت عليه لسنوات طويلة وراح ضحيتها نحو مليون نسمة نجح في استضافة البطولة التي يتنافس فيها 16 منتخبا. وكانت الاستادات بالتأكيد على نفس مستوى نظيراتها في كل مكان بالعالم كما كان الحضور الجماهيري في المباريات معقولا وإن لم يكن هائلا حيث كان أفضل منه في بلدان أفريقية أخرى. ولكن الأمر المخيب للآمال هو قلة أعداد المشجعين الذين حضروا إلى أنجولا لتشجيع منتخباتهم في النهائيات. وجاء رد فعل الكاف بطيئا للغاية إزاء واقعة الاعتداء على المنتخب التوجولي كما لم يعلن الكاف عن تطورات الأحداث بشكل مستمر مما دفع وسائل الإعلام للاجتهاد كثيرا من أجل التوصل لما يحدث وما بلغته الأمور. وكان قرار الكاف بإيقاف المنتخب التوجولي عن المشاركة في البطولتين المقبلتين هو قمة وذروة الإخفاق في الكاف. وبمجرد بدء فعاليات البطولة وضح لمتابعيها أن الكاف لم يتعلم من الأخطاء السابقة حيث واصل وضع العقبات والعراقيل في طريق وسائل الإعلام العالمية التي تحاول تغطية أحداث البطولة. وكانت كأس الأمم الأفريقية 2010 فرصة لأنجولا حتى تظهر للعالم قدرتها على استقبال الزائرين ولكنها كانت بالنسبة للكاف فرصة لعرض كرة القدم الافريقية والاتحاد الأفريقي للعبة نفسه ولسوء الحظ أن الطرفين فشلا في ذلك خلال هذه البطولة. ولكن إذا كانت أنجولا قد فقدت الفرصة فإنها لا تزال سانحة أمام الكاف لتحقيق هدفه في البطولة القادمة التي تستضيفها الجابون وغينيا الاستوائية.