وحدة النسيج الوطني المصري هي أهم القضايا المطروحة على الساحة فهي قضية أمن قومي بالدرجة الأولى هذا ما جعل الاهتمام بها لا يخبو على مدار الأيام منذ حادث نجع حمادي د. طه عبد العليم في مقاله بالأهرام دعا أصحاب الفكر من مسلمي وأقباط مصر بواجبهم في إعادة الوعي بأصول الوحدة الوطنية للمصريين. ويقول أن الوعي الوطني الشعبي والسياسي والمواقف المسئولة والبناءة لمسلمي وأقباط مصر استطاعت التصدي لكل مخططات فسخ هذة الوحدة منذ زمن بعيد ويستشهد بما خلص اليه الراحل جمال حمدان صاحب "شخصية مصر" من أن الوحدة الطبيعية إن تكن أخص خصائص الوطن السياسي المصري كقطعة من الأرض, فإن الوحدة الوطنية هي بلا ريب أبرز ملامح المجتمع السياسي الذي احتواه ذلك الوطن عبر العصور كقطعة من الإنسانية. ومن جماع الوحدة الطبيعية والوطنية بالدقة والضبط, جاءت وحدة مصر السياسية, بلا زيادة ولا نقصان! وأن وحدة اللغة مع التسامح الديني تمثلان ركيزة الوحدة الثقافية, التي هي تراث الوطن وطابع الأمة. ويصنع كل ما سبق الوحدة السيكولوجية, أي وحدة المزاج والطبع والنفسية والعقلية والسلوك والعادات وطريقة الحياة.. الخ. ويذهب الكاتب الى تعديد المواقف التي تجلت فيها وحدة الوطن أمام التدخلات الخارجية والحملات الاستعمارية ويضيف.. لم تنقسم مصر داخليا قط ولا عرفت التقسيم ولا هي قابلة للقسمة تحت أية ظروف أو ضغوط, مهما انفلتت الانفعالات واختلطت الأمور وتاهت الحقائق في ظل احتقان طائفي عابر. وحتي مثل هذا الاحتقان علي علاته له بعض الفضل في نزح وتصريف المستنقعات الفكرية الضحلة الآسنة والمفاهيم الخاطئة المنحرفة, الموروثة أو المكتسبة, التي عششت بعض الوقت في عقول البعض من الجانبيين. ولكن أجيال المسلمين والأقباط التي كافحت معا من أجل حرية الوطن ومساواة المواطنين بروح من الاحترام المتبادل, وحققت تفاهما عميقا وراسخا, كما سجل شارل عيسوي, حلت محلها أجيال نشأت تحت حراب التعصب والتطرف الديني وفتور الولاء والانتماء وأحداث الفتنة الطائفية ونزعات الاستقواء بالخارج والانتساب إلي غير الوطنية المصرية..إلخ. ويعود ليؤكد على أهمية اسهام الفكر في إعادة الوعي بالوطنية المصرية، فقد أثبت أقباط مصر أنهم إذا كانوا لا يزيدون عن معظم المسلمين' مصرية' بالأصل العرقي, فإنهم لا يقلون عنهم' مصرية' بالحس الوطني. فهم من صميم الكيان الوطني المصري, وكتلة رصينة رصيفة من جسم الأمة المصرية شديدة التماسك فيه والالتحام به.