تحرك بنظير بوتو رئيسة الوزراء السابقة السياسة الباكستانية بمفاوضات تجري بعيدا عن الاضواء عبر وسطاء بشأن صفقة لتقاسم السلطة مع الرئيس الباكستاني برويز مشرف، وبالاشارة في مقابلة مع «نيويورك تايمز» الى انها قد تعود الى باكستان قبل نهاية العام. وامضت بوتو التي تواجه مخاطر الاعتقال واتهامات بالفساد السنوات الثماني الماضية في منفى اختياري بين لندن ودبي بينما تقود ما يمكن المجادلة بانه اكبر حزب معارض في البلاد. وفي ذلك الوقت شهدت الجنرال مشرف رئيس الاركان السابق يصعد الى السلطة في انقلاب عسكري، كما تراقب التوتر السياسي الذي تصاعد مؤخرا مع اقصاء رئيس المحكمة العليا افتخار محمد شودري. وكان حزبها ممثلا بكثافة في مظاهرة سلمية تأييدا لشودري في ابوتاباد بعد اسابيع من مقتل 40 في مظاهرة مماثلة في كراتشي. ومع دخول باكستان المنتظر الى الانتخابات هذا العام يواجه الرئيس مشرف معارضة متزايدة لخططه من اجل فترة رئاسة ثانية. ومرة اخرى تقدم بوتو، 53 عاما، نفسها كمنقذ محتمل للامة وكشخصية يمكن ان تقود باكستان مجددا نحو الديمقراطية، وكحليف يمكن الوثوق به اكثر من مشرف الذي واجه انتقادات في ادائه بمكافحة الارهاب. وتقول بنظير انه تحت حكم مشرف استخدمت القاعدة وطالبان المناطق الخارجية على القانون في شمال باكستان لاعادة التجمع ولاحداث الفوضى في افغانستان، وفي باكستان نفسها. ورغم اصرار الرئيس مشرف على انه لن يسمح لبنظير في المشاركة في الانتخابات الا ان مساعدين ودبلوماسيين قالوا انه منخرط في مفاوضات سرية من اجل صفقة ما تسمح لها بالعودة وببقائه رئيسا، وفي هذه الحالة فان اتهامات الفساد التي تقول بنظير انها سياسية قد تسقط. وقالت بنظير ان الرئيس مشرف يقول انه لن يسمح بعودتي وانا افسر ذلك بانه سيقوم باعتقالي او منعي من الحركة وحرية الكلام وعقد الاجتماعات، ولكن في كل الاحوال فانا اريد العودة وانظر الى نافذة بين سبتمبر وديسمبر المقبلين لعودتي الى باكستان. واجريت المقابلة مع بنظير في احد منازلها خارج باكستان حديثا. وقد استولى الجنرال مشرف على السلطة في انقلاب في اكتوبر (تشرين الاول) 1999 واطاح بخليفة بنظير نواز شريف الذي يعيش ايضا في الخارج لتفادي اتهامات بالفساد، وحظي مشرف وقتها بشعبية من قبل معظم السكان بعد سنوات مضطربة لحكومات مدنية قصيرة العمر. واليوم تعد بنظير التي تأتي من عائلة سياسية اكثر السياسيين الباكستانيين شعبية مع قبول عام لها، واذا سمح لها بالعودة قد تكون في وضع يمكنها فيه من تشكيل الحكومة المقبلة وتخدم كرئيسة وزراء مرة اخرى حتى لو بقي مشرف في حال وافق الاثنان على ذلك. واستطاعت بنظير وهي ابنة سياسي اعدم على يد الجيش وتعلمت في هارفادر واكسفورد وكانت اول امرأة عمرها 35 عاما تمسك بالسلطة في بلد اسلامي ان تحصل على تأييد من الغرب اضافة الى الكثير من الباكستانيين في ايامها الاولى. وكانت رئيسة وزراء لمرتين الاولى بين 1988 و1990 ثم من 1993 الى 1996. وغادرت باكستان منذ 8 سنوات وسط غبار سياسي، حيث كانت منخرطة في نزاع عائلي حينما حاول اخيها مرتضى ان يصبح زعيما لحزب الشعب الذي اسسه والدها. وقتل اخيها بالرصاص في 1996 وسجن زوج بنظير آصف علي زرداري بشبهة القتل ولم تثبت التهمة ابدا، وقالت بنظير ان الاغتيال كان مؤامرة من الاستخبارات الباكستانية لشق واضعاف عائلتها. وفي نفس العام صرفت حكومة بنظير وسط اتهامات بسوء الادارة والفساد، وبعد 3 اشهر منيت بهزيمة في صناديق الاقتراع ، وهي تقول ان النتائج زورت، ولكن نتائج التصويت عكست غضب الباكستانيين من تدهور الاقتصاد وتصاعد العنف وقيادة اهتمامها منحصر في نفسها. ولم يحدد تاريخ بعد للانتخابات الباكستانية لكنها يجب ان تجري قبل نهاية العام، وتقول انه لكي تكون الانتخابات ذات مصداقية فانه لا يجب حرمان المشاركين من زعيم لحزب، خاصة اذا كان اكثر الاحزاب شعبية في البلاد حسب قولها. وبالنسبة الى مشرف فانه بعد خطوات سياسية غير محسوبة في الاشهر الاخيرة بما في ذلك طرد رئيس المحكمة العليا فانه يجد نفسه في حاجة الى حلفاء اكثر من أي وقت مضى اذا اراد اعادة انتخابه من قبل البرلمان. ويرى بعض انصاره في بنظير شريك مفضل معتدل. وبعد احداث العنف في كراتشي ومقتل 40 قالت بنظير ان كل المفاوضات مع مشرف قطعت، لكنها في المقابلة اوضحت بجلاء انها تريد تحولا هادئا نحو الديمقراطية. وقالت ان حقيقة انه كان مستعدا للتفاوض مع حزب الشعب مسألة ايجابية. وتقدم بوتو نفسها الان ليس فقط كزعيمة سياسية تستطيع مساعدة باكستان على العودة الى الحكم المدني، ولكن ايضا تستطيع الوقوف امام موجة التطرف، وهو زعم يقول معارضوها انها تضخمه بهدف كسب تأييد الغرب. وقالت بنظير ان هناك جبهتين للمعركة في باكستان الاولى الديكتاتورية في مواجهة الديمقراطية والثانية الاعتدال في مواجهة التطرف، ورغم ان مشرف هو خصمها الطبيعي الا انها ترى ان الانتخابات قد تكون اخر فرصة امام باكستان لاخذ مسار معتدل. وتضيف ان ما تخشاه هو اننا اذا لم نتحرك في هذه الانتخابات، سيكون الوقت تأخر بحلول الانتخابات التالية. وتابعت قائلة أي احد عاش في باكستان يعرف ان هناك مجموعة من الناس يؤمنون بالحرب ضد الغرب مشيرة الى المتطرفين في وكالات الاستخبارات الحكومية وفي جماعات الجهاديين وقالت انه ليس ذلك فقط ولكن الكراهية التي يعلمونها. وهي تعتبر ان التفاوض على الانتقال الى الديمقراطية هو خيارها المفضل لان المواجهة العنيفة قد يستغلها المتطرفون. واشارت الى ايران قائلة انه عندما حدثت الثورة هناك لا احد توقع انتصار الاحزاب الدينية. لكن بنظير بوتو حذرت من ان مشرف رغم حديثه عن الاسلام المعتدل فان المستشارين المتطرفين في الجيش والاستخبارات حوله يعملون ضده. واشارت الى ان القاعدة وطالبان يستخدمان شمال باكستان كقاعدة وانتقدت ما اعتبرته سماح الحكومة لمقاتلين اجانب بالبقاء في اجزاء من البلاد، كما اشارت الى زيادة بناء المدارس الدينية التي اصبحت مراكز لتجنيد المتطرفين.