في حين كان الآباء والأجداد يتفاخرون بإضافة اسم الأم أو الأخت إليهم وأولهم موحد البلاد الملك عبدالعزيز آل سعود حيث لم يجد عيباً من "انتخائه بأخته نوره" حتى لقب بذلك، بات من الصعوبة البالغة في عصرنا الحاضر أن يذكر بعض الشباب اسم أمه أو شقيقته أمام الآخرين. وقد امتد هذا الفهم الخاطئ للعيب والحفاظ على عفة الأنثى حتى لدى بعض الزوجات والبنات، اللواتي بتن يجزمن أو يعتقدن بقوة أن ذكر أسمائهن أو التعريف به يشكل عيباً وخطأ وحرجاً كبيراً. تقول فاطمه العلوني (ربة منزل) إن ابنها عاد إليها في إحدى المرات وصوته مرتفع لدرجة شعرت فيها أن أمراً سيئاً قد وقع له، وعند سؤاله ما به، أجابها أن زميله وجد بطاقتها الخاصة بمراجعة المستشفى والتي تحمل اسمها ثلاثياً على الطريق أمام منزلهم وأنه عرف اسمها بسبب تلك البطاقة التي عثر عليها، وأنه يخشى أن يناديه في المستقبل ب "يا ولد فاطمة" أو أن يخبر بقية زملائه بالاسم، وهذا برأيه قد يجعل منه محلاً للتندر بين زملائه في المدرسة وفي الحي. عادل الحربي (موظف بالقطاع العسكري) أشار إلى أن التحرج من ذكر اسم الأنثى في هذا العصر أمر طبيعي، على الرغم من أنه يعترف بقرارة نفسه أنه ليس هناك ما يبعث على ذلك الحرج، لكنه يشير إلى أن السبب في ذلك الحرج لا يقتصر على خشية البعض من التعليقات الجانبية فقط إنما يرجع إلى عادة مترسخة في الأذهان بسبب أعراف وعادات الكثير من القبائل والأسر. وأشار الحربي إلى أنه وفي إحدى المرات كان يجلس مع زملائه في العمل والذين اعتادوا على ندائه ب "أبو رهف" قبل أن يرزقه الله بطفل فناداه أحد زملائه في تلك الجلسة والتي كانت بعد قدوم مولوده الذكر باسم ابنته لكونه اعتاد على مناداته بذلك سابقاً، إلاّ أنه وكما أشار الحربي تدارك الأمر وكأنه ارتكب خطأ فادحاًَ وقام بتقبيل رأسه من أجل العفو عن خطئه وأنه لم يقصد ذلك. نوره الخيبري (ربة منزل) ذكرت أن تحفظ بعض الشباب في بعض الأحيان وامتناعهم عن ذكر أسماء أمهاتهم أو قريباتهم أو أخواتهم أو زوجاتهم يكون خوفاً من التعليقات والمشاكسات الجانبية بينهم، مشيرة إلى أن أحد أبنائها طلبت منه إدارة المدرسة إحضار صورة لهوية العائلة فقام بمسح اسمها وأسماء أخواته البنات من القائمة خشية أن يعرف الأسماء معلموه أو يطلع عليها زملاؤه أو أي أحد آخر، إلاّ أن المدير رفض الصورة وطلب منه إحضار النسخة الأصلية من هوية العائلة ليصورها بنفسه خشية أن يكرر ابنها ما فعله. أم سعد (ربة منزل) في العقد السادس من عمرها أشارت إلى أنه في الماضي كان الرجل لا يخجل من ذكر اسم أمه أو أخته بل إنه كان يعتز به، وإنه في الفترات التي كانت فيها القبائل تعيش حالة من الصراع والغزو، كان الكثير من الرجال يفخر باسم أخته أو أمه ويقول عند لقاء العدو "أنا أخو ..." حيث يشير إلى اسم أخته بفخر وشجاعة. وأشارت إلى أنه عندما يقول تلك العبارة يدرك الطرف المقابل أن المواجهة بينهما بدأت وأن ذلك الرجل أعلن بدء المقاومة والحرب دون تراجع. وأضافت أم سعد أنه يقصد من وراء إطلاق ذلك القول تأكيد الشخص على أنه لن يسمح لأي أحد أن يمس سمعة شقيقته، وفي اللقاءات والمنازلات كان الأخ يقول: "إن لم أعيد لها اعتبارها وحقها فأنا ليس أخوها". كما أشارت أم سعد إلى أن الرجل في القبيلة يصر بالفعل على مهاجمة من أخطأ بحق أخته حتى يعيد لها اعتبارها.