من واقع التجارب فإنني لايمكنني التخلي عن إيماني بأن لا أمل في التعامل مع »البلطجي« نتنياهو من أجل التوصل الي سلام شامل وعادل مع الفلسطينيين والعرب. لم يعد خافيا أنه وفي سبيل الاستمرار في مخططه الاستيطاني التوسعي الاحتلالي للارض الفلسطينية والعربية يسعي الي التسويف وتضييع الوقت باللف والدوران والمناورة واختلاق قضايا فرعية تعطل اي اقتراب من القضايا الاساسية في عملية السلام والتي في مقدمتها الانسحاب من الاراضي المحتلة بعد حرب 76 وفقا لقرارات الاممالمتحدة وحق عودة اللاجئين وتعويض من لايريد العودة منهم بالاضافة الي تطبيق هذه القرارات علي القدسالشرقية باعتبارها أرضا محتلة. ولأن الرئيس مبارك يدرك كل هذه الحقائق ويعي تماما استراتيجية نتنياهو تجاه السلام والقائمة علي فرض الامر الواقع وعدم القبول بقيام دولة فلسطينية فقد كان عليه أن يؤكد له ما سبق ان اوضحه مرات عديدة بان هذا التوجه غير مقبول مصريا وعربيا وأن السلام يعني الانسحاب من الاراضي المحتلة ليتم بعد ذلك التطبيع لوضع نهاية للصراع الذي استمر مايقرب من 06 عاما، ورغم أن نتنياهو يعلم تماما وجهة النظر المصرية التي تستند الي مواقف ثابتة ومسئولية قومية تجاه القضية الفلسطينية والحقوق العربية إلا أنه ولإدراكه بأهمية الدور المصري وثقله اقليميا ودوليا خاصة بالنسبة لاسرائيل فإنه ومثل كل المسئولين في اسرائيل يحرصون علي تكرار زياراتهم لمصر لاعطاء احساس للرأي العام الاسرائيلي اساسا بأن هناك سلام مع أكبر دولة عربية. الشيء الذي يجب أن يعلمه هذا النتنياهو أن هذا السلام لايمكن- علي المدي الطويل- أن يكون بديلا لاقامة السلام العادل والشامل مع كل الدول العربية.. فلسطين وسوريا.. ولبنان. من ناحية أخري فإنه يبدو أن الجهود الامريكية التي بدأتها إدارة اوباما تتعرض لعملية خداع من خلال المفاوضات التي يجريها مبعوثها جورج ميتشيل بين أطراف منظومة تحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط. أحد مظاهر وقوع هذه الجهود في شرك الغش والتضليل تتجسد في تبني جورج ميتشيل لوجهة نظر نتنياهو حينما يطالب الدول العربية بإبداء حسن نية تجاه اسرائيل علي اساس الموافقة علي خطوات للتطبيع في مقابل ما تعرضه من وقف مؤقت للاستيطان الذي هو غير مشروع ويتعارض تماما مع القرارات والقوانين الدولية. إن موافقة عربية علي هذا المطلب الامريكي المريب يعني الاعتراف بحق اسرائيل في الاستيطان وهو أمر يؤدي ضمنيا الي الغاء ماتضمنته القرارات الدولية متعلقا بهذا النشاط. إن اسرائيل تخطط من وراء القبول بهذا المطلب تحويل قضية قيام الدولة الفلسطينية والانسحاب من الاراضي العربية المحتلة الي قضية استيطان وهذا ماتريده تماما. انها تستهدف من وراء ذلك الخلاص من الضغوط العربية والدولية الرامية للتوصل الي تسوية عادلة للصراع العربي الاسرائيلي. *الاخبار