برزت أخيراً مخاوف السعوديين من «انفلونزا الخنازير» بشكل كبير متمثلة في اللثام للنساء واللطمة للرجال اللذين سجلا حضورا في صفوف المصلين والمصليات وفي الأزقة والشوارع الضيقة والأسواق أحياناً والأماكن العامة. ووسط تزايد أعداد حالات الإصابة بمرض إنفلونزا الخنازير في السعودية عن طريق المخالطة برزت مخاوف في صفوف مرتادي ومرتادات المساجد الذين يحرصون على أداء صلاة التراويح والقيام وبخاصة مع رشح أنوف المصلين بسبب «القنوت» ما جعل الأمر ملتبسا على البعض حول ما إذا كان هذا الأمر يعود لمرض أحدهم. وفي الجانب الآخر عادت بعد غياب «اللثمة» أو «اللطمة» في كثير من الأزقة والشوارع المزدحمة، خاصةً مع احتدام مرض إنفلونزا الخنازير وارتفاع أعداد المصابين به ففي مكةالمكرمة حين تقترب أكثر من ساحات المسجد الحرام وشوارع المنطقة المركزية، ترى عن قرب كيف شكلت «فوبيا الخنازير» ومشاكل انتقال العدوى الزي السعودي، وأصبحت اللثمة والنظارات علامتين فارقتين وعنواناً يكتسي حلة الهندام السعودي. علق الدكتور طلال الثمالي رئيس قسم العيون بالشؤون الصحية بالطائف «أن نظافة اليدين مهمة جداً في هذه الأوقات ناهيك عن الابتعاد عن أماكن التجمعات وبؤر العدوى بمسافةٍ لا تقل عن متر، وينبغي عدم تهويل الأمور عن واقعها الأصلي والحقيقي، على الرغم من الانتشار المهول للمرض، مقللاً في نفس السياق من جدوى وضع الشماغ على الفم والوجه وأنه لن يقوم بعملية الحماية الكافية. وأضاف «أن المرض يمكن أن ينتقل من خلال العيون، حيث تحتوي على أغشية تنقل حال إصابتها العدوى إلى الدم مباشرة، وهي من أكثر أعضاء الجسد حساسيةً في انتقال المرض وتنقله بشكلٍ سريع، بالإضافة إلى أن العدوى تنتقل عن طريق التنفس وكل الأعضاء المساعدة في عملية التنفس، وكل أجساد الجسد إذا لامست العدوى وحين اتصالها بأعضاء الجهاز التنفسي تكون نواة لاتحاد المرض ومداهمته لجسم الإنسان». وعن عودة اللثام أو اللطمة، سواء للرجال أو النساء يعلق الدكتور محمد سعيد الزهراني، المتخصص في علم الاجتماع، أن «اللثمة» كانطباع يسود السلوك المجتمعي من باب الحماية شأنه شأن الكمامات الطبية ويعتمد لبس «اللثمة» على حيثيات الموقف، خاصةً لدى الشباب، الذي نراه في سياقات مشابهة يستخدم «اللثمة» في الرقص، في المناسبات والأفراح، ومثل هذه المواقف نشهدها أثناء مرورنا إلى جوار روائح كريهة في حلقات الخضار، إذ نتهيأ نفسياً لتغطية أنوفنا المزكمة ب«اللثمة». وأشار الزهراني إلى أن في الأماكن المزدحمة منطقياً أن يحتمي الناس من الأمراض بتغطية وجوههم بسبب «الفوبيا»، التي تجتاح الصحف والإعلام والراديو، وتعتمد الظاهرة على تشكيل الشخصية لدى الأفراد والجماعات، وينظر إليها إلى أنها باب جمالي وقد ينضوي عليه في ما بعد التبعية والتقليد. من جهته يرى مسؤول بوزارة الشؤون الإسلامية في السعودية، جواز ضرب اللثام على وجه المرأة إذا خشيت من انتقال الإصابة بالأمراض لها. وأكد الدكتور توفيق السديري، وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لشؤون المساجد في حديثه مع «الشرق الأوسط»، أن لا حرج على النساء من المبادرة في حال خوفهن من خطر الإصابة بإنفلونزا الخنازير، بضرب اللثام أثناء أداة صلاة التراويح وقيام الليل في شهر رمضان الحالي بغرض الوقاية من خطر انتقال المرض والإصابة بالفيروس. ويأتي ذلك بعد أن شهدت مساجد العاصمة السعودية الرياض خوف مرتاداتها من خطر الإصابة بالمرض إثر اختلاط الأمر على المصليات ما بين المسببات الحقيقية لزكام أنوف المصليات، سواء أكان بأثر فيروس الخنازير أو هي دموع الوقوف بين يدي الله عز وجل والتأثر بدعاء القيام. وتقول نورة العمر، التي تحرص على أداء صلاة التراويح في أحد مساجد شرق العاصمة الرياض، ل«الشرق الأوسط» ضاحكة، إنها لم تكن لتتوقع أن تثير دموعها التي فاضت جراء الروحانيات الرمضانية متسببة في أزكام انفها من إثارة رعب المصليات، مفيدة بأنها وعقب انتهاء القيام عزمت على إرشاد النسوة المجاورات على عدم جواز تغطية الوجه أثناء الصلاة في حال عدم وجود الأجانب، لتفاجأ برد من تلتصق بها أنهن خشين من إصابتها بإنفلونزا الخنازير جراء زكامها الشديد بالإضافة إلى ارتفاع درجة حرارة جسدها التي ما زالت تتعجب عن كيفية استشعاره أثناء أدائهن للصلاة. وعاد الدكتور توفيق السديري ليؤكد أنه من حق المصلين وعامة الناس حماية أنفسهم بالأقنعة أو ضرب اللثام خشية التعرض للأمراض، مشترطا في ذلك عدم اهانة الآخرين ومراعاة مشاعرهم بعدم التعالي عليهم. وأكد وكيل وزارة الشؤون الإسلامية، على وجود تعاون بين وزارته ووزارة الصحة بهدف توعية المصلين من خلال خطب الجمعة ودروس الأئمة بالإضافة إلى سعي وزارة الشؤون الإسلامية إلى توزيع وإعادة طبع المنشورات التوعوية بسبل الوقاية من مرض إنفلونزا الخنازير. وفي الجانب الطبي ومدى قدرة الكمامات أو ضرب اللثام من منع وصول والتقاط الأمراض، أكد الطبيب يعقوب المزروع اختصاصي وبائيات ل«الشرق الأوسط» ضعف تأثير دور الكمامات الاعتيادية من منع نقل الفيروسات، منوها إلى أن دورها بسيط ومحدود للغاية باعتباره حاجزاً غير مثالي. وأشار المزروع إلى وجود كمامات طبية خاصة تتمتع بقوة عالية بمنع انتقال الفيروسات، وهي خاصة بأمراض معينة كمرض الدرن، مشيراً إلى أنه لا يمكن استعمالها بصورة يومية لإعاقتها عملية التنفس.