في الوقت الذي أبطأ فيه التراجع الاقتصادي العالمي تدفق المهاجرين الشرعيين اذ تقلصت فرص الحياة الافضل التي قد توفرها دول كانت جاذبة في السابق يفضل غالبية الغرباء البقاء على العودة الى أوطانهم آملين في تحسن الامور. وأظهرت دراسة مسحية أن معدل الهجرة من المكسيك للولايات المتحدة بلغ نحو ربع المعدل المسجل منذ 4 أعوام كما أن قرابة نصف الاوروبيين الشرقيين الذين هاجروا الى بريطانيا بعد توسعة الاتحاد الاوروبي البالغ عددهم مليون و400 ألف عام 2004 قد عادوا لبلادهم. وعبر الحدود المكسيكية، تراجع عدد المهاجرين الى 175 ألفا خلال 12 شهرا تنتهي في مارس/ اذار 2009 من 653 ألفا في الفترة المقابلة من عام 2004-2005. وأشار التقرير الذي شارك في اعداده معهد سياسات الهجرة بواشنطن وبي.بي.سي وورلد سيرفس الى أنه بالاضافة الى تباطؤ معدل الهجرة فان التراجع قلص أيضا من نسبة التحويلات النقدية التي يرسلها المهاجرون الى ذويهم. وتمثل تحويلات المغتربين عنصرا مهما في عدد من الاقتصادات، فتوازي نحو ثلث الناتج المحلي الاجمالي في مولدوفا أفقر البلدان الاوروبية. وفي المقابل، ذكرت الدراسة الصادرة تحت عنوان "الهجرة والتراجع العالمي" أن بنجلادش شهدت اتجاها معاكسا اذ ارتفعت قيمة تحويلات المغتربين 16 % مقابل مستواها في عام 2008. ومع انفجار فتيل الازمة، اعلنت استراليا عزمها تخفيض اعداد المهاجرين اليها لتنهي 10 سنوات من الازدهار بسبب تباطؤ الاقتصاد وضعف الطلب على الأيدي العاملة. وعربيا، أظهرت دراسة أن العمّال الموجودين خارج نطاق أوطانهم كانوا أكثرعرضةً لفقدان الوظائف، وتحديداً أولئك العاملين في قطاعات تأثرت على نحو كبير بالكساد مثل قطاعي الإنشاءات والضيافة. وكشف مسئولو توظيف بدبي - التي تجذب عمالة كبيرة ويبلغ عدد الاجانب 70 % من سكانها- ان الشركات مازالت تسرح موظفيها لكن بدرجة أقل من بداية عام 2009 ، وتوقعوا استمرار بطء عمليات التوظيف حتى يتأكد ارباب العمل من إجتيازهم أسوأ فترات التراجع الاقتصادي. وافادت شركات توظيف ان بعض شركات التنمية العقارية خفضت عدد العاملين، بينما أغلقت شركات أخرى اقسام دعم للمساعدة في المبيعات العقارية مع تنحية عشرات المشروعات جانبا وانخفاض المبيعات. ورغم حدها من الهجرة الشرعية توقعت المنظمة الدولية للهجرة ازدياد الهجرة غير الشرعية جراء الازمة الاقتصادية مما دفع حكومات الدول الغنية بالاتفاق على سياسة حقيقية لإدارة الأزمة. ورغم تأكيد ريشار شولوفينسكي الباحث بالمنظمة ان ازدياد الهجرات غير الشرعية احتمال حقيقي في هذا الوقت الذي يشهد ازمة مالية. ونفى قدرة المنظمة على تقدير حجم هذا النوع من الهجرة نظرا لطبيعتها، لكن يمكن القول ان بين 10 و15% من المهاجرين في العالم غير شرعيين، بما يتراوح بين 20 و30 مليون شخص. وكشفت المنظمة الدولية للهجرة ان عشرات الاف الاشخاص في البلدان النامية يفرون من شدة الحاجة، وغالبا ما يتعرضون للعنف وسرقة اموالهم والقتل على ايدي مهربيهم.