اهتمام الرأي العام، وأحزابه السياسية، وأجهزة إعلامه، بالبرنامج النووي المصري هو ظاهرة صحية.. خاصة بعدما ساهم الخبراء والعلماء في طرح أفكارهم واقتراحاتهم وخبراتهم من أجل إنجاح تنفيذ هذا البرنامج الذي سينهي عقوداً طويلة من التأخير والتجميد لمشروع هائل كانت مصر سباقة في البدء فيه. حزب الخضر المصري أبدي ويبدي حرصاً شديداً علي استقطاب أكبر عدد ممكن من آراء الخبراء والعلماء في استئناف مصر برنامجها النووي لتوليد الكهرباء كطاقة بديلة ستزداد حاجتها إليها يوماً بعد يوم. وأعجبني في تغطية حزب الخضر المصري أنها تضمنت آراء من يتفق مع أهداف وبرامج الحزب خاصة فيما يتصل بحماية البيئة وبين آراء من لا يتفقون معها. في تحقيق علمي متشعب، ومهم، خصصت صحيفة »الوطن« لسان حال حزب الخضر المصري مساحة كبيرة لنشر آراء كوكبة من العلماء والخبراء المصريين، بدأتها بمقدمة طريفة تقول: »يبدو أن قضية مشروع الضبعة النووي في صحراء مصر الغربية وتحويله إلي منتجع سياحي قد أثار جدلاً واسعاً بين المهتمين وغير المهتمين في بلد المعز! فالكل أصبح يتحدث عن المشروع باعتبار أنه يملك القدرة علي الفهم، وإبداء الرأي، مستنداً في طرحه لرأيه إلي الأنباء التي تسربت مؤخراً حول نية الحكومة تحويل الموقع المخصص بالقرار الجمهوري رقم309لسنة1981 لإنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر بمدينة الضبعة بمحافظة مرسي مطروح إلي منتجع سياحي استثماري، وهو ما لقي اعتراضاً من العديد من المختصين والقائمين علي هذا المشروع واعتبروا حدوث ذلك بمثابة إغلاق ملف المحطات النووية في مصر إلي الأبد«. مدير مشروع محطة الضبعة د. منير مجاهد قال إن مصر تأخرت كثيراً عن دول بدأت معها نفس المشوار. الهند كمثال لديها 14محطة نووية إلي جانب 8 محطات تحت الإنشاء. والصين تملك 9محطات نووية بالإضافة إلي محطتين تحت الإنشاء. أما مصر فلم يكن لديها سوي 3محطات نووية أغلقت بسبب الضغوط الخارجية (..). وفي تأييده لأرض الضبعة كموقع للمحطة المنتظرة يقول الدكتور منير مجاهد:»هذا الموقع أختير من بين 23 موقعاً لتوافر جميع شروط تشييد مفاعل نووي. أهم هذه الشروط الموقع المتميز من حيث قربه من البحر المتوسط بما يفيد استخدام مياه البحر في تبريد درجة حرارة المفاعل علاوة علي خصائص التربة والمياه الجوفية وغيرها. وقد قامت إحدي الشركات الفرنسية بالتعاون مع مركز البحوث المصرية بدراسة علمية شاملة، تكلفت150مليون جنيه علي مدار 5سنوات استغرقتها الدراسة، وبالتالي فإن إلغاء مشروع بهذه الضخامة يعني إهدار ملايين كثيرة تم إنفاقها بالفعل«. ويتحدث الدكتور مصطفي كمال صبري وزير الكهرباء الأسبق فيوضح أنواع الطاقات المستخدمة في العالم من طاقة ناضبة كالوقود الحفري البترول والفحم والغاز الطبيعي الذي تعتمد عليه مصر بنسبة95٪ ثم الطاقة المائية وتعتمد عليها مصر بنسبة5٪ ثم الطاقات النووية ويعتمد عليها17٪من دول العالم، وأخيراً الطاقة المتجددة المتمثلة في استغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتوليد الكهرباء وإن كان هذا النوع مكلفاً اقتصادياً. ويري وزير الكهرباء الأسبق د. مصطفي كمال صبري أن أهم أسباب تطلّعنا للطاقة النووية كمية التلوث العالية الناتجة عن غاز ثاني أكسيد الكربون الذي ينبعت عن محطات الطاقة الحفرية البترول وهو ما يؤدي إلي ارتفاع درجة حرارة الأرض، إلي جانب عامل الأمن القومي حيث تقع مصر استراتيجياً بجوار إسرائيل التي تمتلك العديد من المفاعلات النووية ذات القدرة العالية مما يساعدها علي تصنيع200قنبلة نووية! ويرجع الوزير الأسبق تأخرنا في المجال النووي إلي »الخوف من أجواء التسيب والإهمال التي قد تنعكس سلباً وتتسبب في كوارث«. ومن المفيد أن نسمع رأي الأمين العام لحزب الخضر المصري السيد/محمد عوض في تعقيبه علي الرأيين السابقين، قائلاً: »المفروض أن هدف المشروع النووي في الضبعة هو تنمية موارد الطاقة. ومصر بمناخها وطبيعتها الجغرافية تسمح بوجود موارد أخري وغزيرة للطاقة وبالتالي فإنه قبل التفكير في إنشاء مفاعل نووي بغرض توليد الكهرباء يجب علينا البحث في مشروعات أخري تكون أكثر أماناً وتنسجم مع ثقافة المجتمع، وقدرته التكنولوجية، وبالتالي فإن حزب الخضر كمبدأ عام ليس ضد استخدام الطاقة النووية في استخداماتها السلمية لكنه ضد إنشاء مفاعل نووي أيا كانت استخداماته داخل مصر. كما أن الحزب يؤمن بأن المتاح لمصر من مصادر أخري للطاقة الآمنة هو الأفضل.. مثل الطاقات المتجددة. الاخبار *