أكد رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف أن مصر تحرص على مساعدة المهاجرين في المحافظة على هوايتهم الثقافية وتعزيز روابطهم للوطن خاصة الاجيال الناشئة وتشجيعهم في الوقت نفسه على التكيف والاندماج بشكل ايجابي وفعال في المجتمعات التي يقيمون فيها . جاء ذلك خلال كلمته في افتتاح مؤتمر أبناء الوطن في الخارج الذي بدأت فعاليته "الاثنين" ، وتنظمه وزارة القوى العاملة والهجرة تحت عنوان "الرعاية والتواصل والتنمية" والذى يستمر ثلاثة أيام . وقال نظيف ان التمييز ضد المهاجرين هو أكبر عقبه تحول دون انخراطهم في المجتمع المستقبل للعمالة والمساهمة في بنائه وتقدمه..لافتا الى أنه إذا ما تعرض المهاجرون الى التهميش والتجاهل تحولوا لقنابل موقوته تهدد التماسك الاجتماعى وتحول دون تقدم المجتمع ورخائه . وقال رئيس الوزراء ان المؤتمر يكتسب أهمية خاصة لتزامنه مع الأزمة المالية والإقتصادية العالمية التى كان من بين تأثيراتها السلبية إفلاس العديد من البنوك والمشروعات وإرتفاع معدلات البطالة فى كثير من الدول..وإشعال العنصرية ومشاعر الكراهية نحو العمال المهاجرين فى بعض المجتمعات..حيث يكون المهاجرون أكثر الفئات الضعيفة تعرضا للاستغلال وإنتهاك حقوقهم القانونية والإنسانية الأساسية. وأضاف ان هذه الظاهرة ترجع إلى أسباب إقتصادية وعنصرية وثقافية وإجتماعية. ولكن الأمر المؤسف حقاأن الأحزاب والحركات اليمينية المتطرفة تغذي هذه المشاعر بغرض تحقيق مكاسب سياسية داخلية حتى وإن كان فى ذلك تهديد للتماسك الإجتماعى.. ويزيد الأمر تعقيدا أن بعض الساسة يجارون تلك الحركات المتطرفة. ونبه إلى أن غياب إستراتيجية واضحة للهجرة أدى إلى تضاؤل قدرتنا فى السنوات الأخيرة على تلبية إحتياجات أسواق العمل الخارجية..بما فيها أسواق الدول الخليجية بسبب تراجع جودة التعليم وعدم استيعاب أو التدريب على التقنيات الجديدة فى الإنتاج..مما أدى إلى إحلال العمالة الآسيوية محل المصرية فى كثير من الدول الخليجية لرخصها وارتفاع مستوى تعليمها ومهاراتها..ومن ثم فقد إنخفض نصيب العمالة المصرية بالنسبة للعمالة الوافدة فى دول الخليج خلال الفترة من 1975 - 1995 من 72 % إلى 31 % على الرغم من المزايا النسبية التى تتمتع بها العمالة المصرية مثل وحدة اللغة والثقافة والقرب الجغرافى. وأضاف:أن تكوين عمالة عالية المهارة يستغرق مابين 15 و20 عاما ..وهذا يظهر حجم الجهد المطلوب لتعويض ماخسرته مصر فى أسواق العمل العربية..مؤكدا أن الهجرة أصبحت جزءا من النظام الدولى المعاصر .. وشرطا جوهريا لاستمرار الرخاء الاقتصادى فى بعض الدول,بل وبقاءها..وأن الطلب على المهاجرين سيستمر لسنوات طويلة قادمة..وأن العالم المتقدم يركز حاليا على إجتذاب ذوى المهارات والمؤهلات العالية والخبرات النادرة من أجل المنافسة الدولية. ولفت إلى أن مصر وقعت عددا من الإتفاقيات الدولية والثنائية لحماية حقوق العمالة المهاجرة وتسهيل إنتقالها بطرقة قانونية عبر الحدود..منبها إلى بعض التطورات السلبية التى شهدها العالم فى السنوات الأخيرة مثل تصاعد العمليات الإرهابية وتعاقب الأزمات الإقتصادية وأحيانا بسبب الخلافات السياسية. وأعرب رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد نظيف عن أسفه لتغليب مجتمعات استقبال العمالة للاعتبارات الأمنية فى السنوات الأخيرة مما أعاق التدفق النظامى للهجرة, وأدى إلى ازدهار الهجرة غير القانونية..وقال "كان لحوادث الإرهاب المتعاقبة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 دور كبير فى تغذية هذا الاتجاه..وباتت الهجرة بصفة عامة تخضع لضوابط تعسفية بسبب الخوف من الهجرة غير النظامية التى ترتبط بالجريمة المنظمة والإرهاب الدولى". ولفت إلى أن تحويلات المصريين فى الخارج تمثل فى العقود الأربعة الأخيرة مصدرا مهما من مصادر العملة الصعبة لتحسين ميزان المدفوعات وتمويل مشروعات الإستثمار..ويكفى أن نشير إلى أن التحويلات النقدية الرسمية عام 2008/2007 بلغت 4ر8 بليون دولار..وأنها تضاعفت منذ عام 2000..اضافة الى التحويلات غير الرسمية التى تقدر نسبتها بحوالى 30 % طبقا لتقرير البنك الدولى. وأضاف: لقد بدأ إهتمام الدولة بالهجرة منذ قرابة أربعة عقود..فصدر قانون الهجرة رقم 111 لسنة 1983..ولكن تعذر وضع إستراتيجية قومية للهجرة للاستفادة من الإمكانيات الهائلة لأبناء مصر المغتربين فى خطط التنمية الخمسية..وفى إعتقادى أنه من الخطأ أن يكون همنا الوحيد هو تنمية التحويلات النقدية..بل يجب أن نهتم أيضا بتشجيع الإستثمار ونقل التكنولوجيا والمعارف والعلوم التى إكتسبها أبناؤنا المغتربون وتوظيفها لخدمة خطط التنمية الوطنية . وأشار رئيس الوزراء الى أن نعد العمالة المصرية إعدادا راقيا لإستعادة مكانتها المفقودة والإهتمام بأبناء مصر فى الخارج.. باعتبارهم ثروة قومية يمكن أن تسهم فى نهضة مصر ورخائها إذا ماأحسن إستخدامها.. ويحق لأبناء مصر المغتربين المطالبة بقدر أكبر من الإهتمام..ومن حق مصر أن تتوقع المزيد من مساهمة أبنائها فى الخارج فى دفع عجلة التنمية..ولا شك أن هذا المؤتمر يتيح لنا جميعا فرصة للتشاور حول كيفية تعميق التواصل بين الدولة ومواطنيها فى الخارج , وتوفير الرعاية والحماية والخدمات لهم والتعاون المشترك من أجل التنمية ومن أجل مستقبل أفضل. وأكد أن أبناء مصر فى الخارج يمثلون رصيدا إستراتيجيا مهما لمصر..وإمتدادا عضويا لها فى الخارج..ونحن نكن لهم كل تقدير لما يسهمون به .. ويقدمونه من نماذج مشرفة فى العطاء والإبداع والتفوق..مما جعل مصر ملء سمع وبصر العالم أجمع .. وهم موضع فخرنا وإعتزازنا. وقد شهد الجلسة الافتتاحية للمؤتمر رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد نظيف بالإنابة عن الرئيس حسنى مبارك..كما حضر الافتتاح وزيرة القوى العاملة والهجرة السيدة عائشة عبدالهادى وعدد من الوزراء والمسئولين ووفود لجاليات مصرية من 33 دولة.