بعد تسعة أيام فقط من إعادة انتخابه بأغلبية ساحقة رئيسا لاكبر دولة فى العالم من حيث تعداد السكان ذات الأغلبية المسلمة ظهر الرئيس الاندونيسى سوسيلو بامبانج يودويونو Susilo Bambang Yudhoyono في بيان بثه التلفزيون الوطني وقد انتابته نوبه عاطفية نادرة فهذا الجنرال السابق المعتدل المعروف فى اندونيسيا حمل صورة لنفسه ولكنها لم تكن ملصق عادى ضمن حملة انتخابية فقد اعلن يودويونو البالغ من العمر 59 عاما وقد بح صوته أن الارهابيين الملثمين المدججين بالسلاح كانوا يستخدمون وجهه باعتباره الهدف. فورة يودويونو العاطفية غامضة محيرة لكنها إشارة إلى الشخصيات السياسية التي قد تريد الحاق الضرر به وجاءت بعد ساعات فقط من تفجير اثنين من الانتحاريين لاحمالهم المميتة في اثنين من الفنادق الفاخرة في جاكرتا عاصمة البلاد. سبعة من المارة قتلوا في الهجوم الذى وقع في 17 يوليو ومعظمهم من الأجانب والهجوم الذى وضع حد لأربع سنوات من الهدوء للنشاط إلارهابي في إندونيسيا. بعد أيام قليلة من التفجيرات اعلنت الشرطة الاندونيسية ضمنا ان الضربات الارهابية التى استهدفت فندقى الماريوت و ريتز كارلتون قد يكونا من تدبير " نور الدين محمد توب" الماليزي الهارب و الذى يعتقد انه رئيس احد فروع الجماعة الاسلامية - وهى شبكة إرهابية محلية مرتبطة بتنظيم القاعدة- و يعتبر المحاسب نور الدين العقل المدبر لعهد الإرهاب في إندونيسيا فى الفترة من 2002-2005 حينما وقعت اثنين من التفجيرات في منتجع جزيرة بالي وضربت السفارة الاسترالية في جاكرتا كما استهدف انفجار سيارة ملغومة نفس فندق ماريوت الذى استهدف مؤخرا . و قد كان من الواضح ان موجة الهجمات التي اسفرت عن مقتل حوالى 250 شخصا تستهدف الغربيين الذين يفترض أن وجودهم يلطخ رؤية الجماعة الاسلامية المعلنة لخلق خلافة اسلامية في منطقة جنوب شرق آسيا.. احتمال عودة الجماعة الاسلامية لنشاطها يجب أن يثبط عزيمة يودويونووهو الزعيم الذي جعل القضاء على التطرف الإسلامي سمة مميزة لفترة ولايته الأولى. يودويونو اكد على أن هذه الهجمات قد تكون مرتبطة بالرغبة فى احراجه سياسيا ولكنه قال " انه من السابق لأوانه و سيكون الامر غاية فى الحساسية . اذا ما حاول تحويل الانتباه لنفسه" وهنا يقول نيكو هارجانتو Nico Harjanto وهو من كبار الباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في جاكرتا "اذا كان يريد الحديث عن تهديد لنفسه فعليه ان يفعل ذلك في وقت لاحق وليس بعد وقوع الانفجار". يودويونو ذو شعبية جارفة لامكانه اعادة تشكيل الفوضى وجمع 17،000 من الجزر المتفرقة و جعلها مجتمع مستقر ونشط لتصبح اندونيسا بلد ذو آفاق اقتصادية متينة. فبعد 11 عاما فقط من انتقال البلاد من الديكتاتورية الى الديموقراطية برزت اندونيسيا كقوة اقليمية بارزة . وهنا يسال انيس باسويدان Anies Baswedan عميد جامعة بارمادينا Paramadina في جاكرتا " ماذا حدث لعشرات من نشطاء الجماعة الاسلامية الذين أفرج عنهم من السجن في الاشهر الاخيرة بعد قضاء فترة العقوبة؟ اننا لا ندرى ماذا يفعلون. "لا بد أن يكون هناك آلية للرصد لضمان عدم إعادة تجميعهم". تكهنات الشرطة حددت مبدئيا أن أحد الانتحاريين هو نور سعيد (35 عاما) (المعروف أيضا ربما باسم نور حسبى أو نور عزيز) الذى تعلم بمدرسة ( المقيمين ) الداخلية الاسلامية في جاوة الوسطى و التى اخرجت ايضا اثنين من منفذى تفجيرات بالى والرجل الذي فجر نفسه في فندق ماريوت في عام 2003. ونظرا سوء سمعة خريجي المدرسة ينبغي على الحكومة اغلاقها . و لكن نور الهدى اسماعيل رئيس المعهد الدولي لبناء السلام في جاكرتا و الذى تخرج من نفس المدرسة يرى خلاف ذلك حي يقول "انها مثل حوض للأسماك التي يمكن رصدها [من قبل الشرطة)". "ان الامر ذو علاقة بالشخصية أكثر من كون المدرسة أرضا خصبة للارهابيين. فحتى بعض أعضاء البرلمان قد تخرج من هناك." مع الانفجارات التى هزت الأمة جعلتها تدرك أن الإرهاب لم يعد شيئا من الماضي لكن الاتجاه السائد في أوساط سكان جاكرتا هو العزم على الصمود. كما يقول " سياريف Syarif" وهو محاسب في احد المراكز التجارية "الأشياء السيئة يمكن أن تحدث في أي مكان : حوادث السيارات ، والمرض " مضيفا ان "القصف كان سيئا ، ولكن علينا أن نواصل حياتنا". بحلول نهاية عطلة الاسبوع بعد الانفجارات ، عادت المطاعم والحانات لتشغر من جديد في العاصمة الاندونيسية على الرغم من التدابير الأمنية في بعض الاهداف المحتملة مازالت ضعيفة . في أحد فنادق الخمسة نجوم على سبيل المثال فشل الحرس فى التحقق على نحو كاف من وجود قنبلة باحدى سيارات الاجرة حيث كان الكلب يغفو عند نقطة التفتيش. والسؤال الآن هو ما إذا كان المجتمع الأجنبي سيكون فى حالة استرخاء. ففى خلال العام الماضي استفادت اندونيسيا من حالة عدم الاستقرار السياسي في دول الجوار الاقليمي تايلاند وماليزيا فالمستثمرين الأجانب ينظرون مرة واحدة في البلد المضطرب و يبحثون عن موقع بديل لاموالهم . وليس ادل على هذا سوى تسجيل اندونيسيا لنسبة 4.4 ٪ اساس نمو سنوى في الربع الأول من عام 2009 وهو عمل بطولي مثير للإعجاب بشكل خاص نظرا للأزمة الاقتصادية العالمية. لكن تفجيرات 17 يوليو وكذلك الاغتيال الذى وقع قبل اسبوع لموظف استرالي ممن يعملون فى حقل الألغام في مقاطعة بابوا النائية ذكروا العالم بأن الأجانب لا يزالوا مقصد الارهاب في اندونيسيا.