في لقاء مهم مع الدكتور محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمكتبه في فينيسيا تقدم الاستاذ مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين بتوجيه بعض الاسئلة لسيادته, حيث تناول من خلالها القضايا الساخنة ذات الصلة بالملفات النووية علي المستوي الدولي عامة والبرنامج النووي المصري خاصة, ومن ابرز هذه الاسئلة, هل هناك تشاور بين المصريين وخبراء الوكالة الدولية خطوة بخطوة في اعادة تخطيط البرنامج النووي المصري لتوليد الكهرباء من خلال محطتين يتم تشغيلهما قبل عام2018 ؟ فكانت اجابته بأن هذا صحيح, ولكن كان لديه بعض التحفظات المهمة في هذا الصدد الأول: انه كان ينبغي علي الدولة ان تعطي الاولوية المطلقة لبناء كوادر بشرية جديدة تستطيع إدارة هذه المحطات, وتوفير كل ضمانات الأمان والقدرة علي صيانتها وتطويرها حيث إن الكوادر المتخصصة في ذلك المجال محدودة نظرا لتسرب الخبرات المصرية إلي الخارج عقب وقف البرنامج النووي المصري في منتصف الستينيات. الثاني: يتعلق بالمبالغ الباهظة التي سوف تتكبدها الدولة مقابل الخدمات الاستشارية لدراسة وتقييم العروض العالمية المقدمة لبناء تلك المحطات, وفي الأغلب سوف تضطر مصر إلي قبول تقييم الاستشاريين العالميين علي وضعها لعدم توافر كوادر مصرية قادرة علي التقييم والتقويم, ومن ثم أوصي سيادته بضرورة اهتمام المشرفين والقائمين علي البرنامج النووي المصري ببناء الكوادر البشرية والمنوط بها اكتساب التكنولوجيا النووية, والعمل علي توظيفها وتنميتها وتطويرها, ومن هذا المنطلق وربما يكون ضروريا اننا في حاجة ماسة إلي نظرة شاملة وموضوعية لاعداد وتنمية عقول مصرية من العلماء والباحثين في هذا الميدان, وتوفير البنية الاساسية من الكوادر البشرية اللازمة للتعامل مع تقنيات الطاقة النووية, وتهيئة المناخ الملائم لهم علي جميع المستويات العلمية والتنفيذية والاجتماعية, علي ان يسير هذا الاتجاه علي التوازي مع بناء المحطات النووية والمزمع انشاؤها بمصر والتي ستستغرق اكثر من9 سنوات, ومن ثم أود ان اشير إلي بعض المقترحات التي تسير في اتجاه التحفيز والدفع للحصول في النهاية علي كوادر قادرة علي إدارة تلك المحطات النووية في حينه علي النحو التالي: ينبغي استحداث أقسام وشعب جديدة ذات الصلة بالطاقة النووية بالكليات المعنية والمراكز البحثية المتخصصة مثل أقسام الهندسة النووية في جميع كليات الهندسة بالجامعات المصرية علي غرار ذات القسم بكلية هندسة الاسكندرية لتخريج خبرات, واعداد كوادر رفيعة المستوي في مجال بناء وتشغيل محطات ومفاعلات نووية, والالمام بابعاد الهندسة النووية وبكل فروعها وتخصصاتها الصناعية, وعلي نفس السياق يمكن انشاء شعبة منبثقة من اقسام الجيولوجيا بكليات العلوم والجهات البحثية المناظرة تضم علماء يتم توظيف قدراتهم ومهاراتهم نحو استكشاف الرواسب المعدنية الذرية بالمناطق المستهدفة بمصر, ودراسة خصائص هذه الرواسب وتحليلها وتقويمها للحصول علي الخامات النووية اللازمة لتشغيل المحطات النووية, مع تجهيز واعداد تلك الاقسام والشعب علي قدم وساق وتوفير جميع الامكانات المعملية والبحثية من احدث الاجهزة والمعدات والكيماويات, وتوفير المخصصات المالية اللازمة لتغطية جميع احتياجات الباحثين ومطالبهم التدريبية والاستشارية التكنولوجية في ذات المجال لاكسابهم مهارات وقدرات بحثية عالية لتحقيق الانجازات المرموقة في مجال الطاقة النووية. العمل علي حث وتشجيع الباحثين نحو الالتحاق في مجال الكيمياء النووية والاشعاعية والفيزياء النووية أقسام الكيمياء والفيزياء بكليات العلوم والاقسام المناظرة لهما بالمراكز البحثية المتخصصة للوصول إلي كيفية التعامل مع النظائر المشعة بما يشملها علي سبيل المثال لا الحصر عملية تخصيب اليورانيوم ودمج الدايتريوم لتوليد الطاقة الانشطارية والاندماجية, مع اكتساب مهارات وخبرات في كيفية الاستخدام الأمثل للطاقة النووية في الاغراض السلمية في توليد الكهرباء وفي مجالات الصناعة والزراعة والعلاج وما شابه ذلك. تشجيع وتحفيز العقول المصرية التي تعمل في مجال الطاقة النووية والمهاجرة إلي الخارج علي العودة إلي ارض الوطن واستجماع قدراتهم العلمية والفكرية اللازمة لتنفيذ هذا البرنامج لكي نحقق في النهاية نهضة عالمية في جميع التخصصات النووية لإدارة البرنامج النووي المصري. ينبغي ان يبرز دور الدولة نحو تطويع البحث العلمي بالاقسام المعنية بالجامعات المصرية والمؤسسات البحثية وتشجيع التعاون مع الدول المتقدمة في هذا المجال, والعمل علي توفير بعثات خارجية وقنوات اتصال ومهمات علمية بالخارج. علي الجانب الآخر فان الفاعلية المرجوة من التعليم الجيد والبحث العلمي الراقي لا ولن تتحقق إلا اذا التحما بالتدريب المناسب والمتميز, ولذا بات من الضروري تأسيس برامج واضحة واهداف محددة للتدريب مع ربطه بصلب العملية التعليمية والبحث العلمي, ومن ثم يمكن تنفيذ البرامج التدريبية علي المستوي المحلي, حيث ان مصر تمتلك مفاعلين للابحاث النووية الأول في انشاص والثاني المفاعل الارجنتيني, وعلي الجانب الآخر يمكن ايفاد الكوادر المعنية بالتدريب إلي الدول المتقدمة في هذا المجال خاصة الدول التي سيقع عليها الاختيار في انشاء المحطات النووية بمصر. *الأهرام