وافق مجلس الشعب علي قانون زيادة تمثيل المرأة في البرلمان, هذا القانون تأخر نتيجة لأسباب تتقدمها الظروف الاجتماعية السيئة التي مرت بها المرأة, والتي جعلتها ضحية سواء في القرية أو المدينة, ففي القرية تتحول مشاركتها الإيجابية للرجل إلي نوع من الاستغلال, حيث تعتبر بروليتاريا له في إطار الاقتصاد الريفي خاصة في المستويات الفقيرة منذ ولادتها حتي وفاتها, ففي طفولتها تلبي حاجات والديها داخل البيت وخارجه, وفي صباها ترعي إخوتها الصغار في البيت, وتحمل الطعام للكبار في الحقل, وفي نضجها تتولي الأعمال التي كانت تقوم بها الأم, حتي إذا بلغت الثامنة عشرة تتزوج ليحصل أبوها علي مهرها, أو يرسلها للمدينة للعمل خادمة ويستولي علي كل أجرها, يضاف إلي هذا الاستغلال محنة وضعها الاجتماعي المتخلف, حيث ينظر إلي دورها علي أنه بيولوجي بحث, أي دور الولادة فقط, فتتحدد قيمتها بإنجاب الأطفال, وتكتسب مكانتها في المحيط الاجتماعي علي أساس أنها أم, فالمرأة العاقر ينظر إليها الناس نظرتهم إلي البيت الخراب أو الأرض اليباب اللقمة حرام فيها, وإذا أنجبت فأمومتها مشروطة بإنجاب الذكور, والتي لا تنجب إلا الإناث تصبح في مركز إجتماعي حرج إذ يحق لزوجها أن يطلقها أو يتزوج بغيرها تنجب له ذكورا, وكأن المرأة مسئولة وحدها عن الإنجاب ونوعه... والمرأة في هذه الأحوال السيئة لا تملك من أمر نفسها شيئا, حتي اسمها, فتنتسب إلي أبيها أو أخيها قبل الزواج, أو إلي زوجها أو ابنها بعد الزواج, ويتحدث عنها زوجها ولا يذكر اسمها لأن الاسم عورة في رأيه فيقول الجماعة أو العيال في البيت, وإذا كانت في الطريق تمشي بجوار الحائط, وإن أمكن في داخلها, ولا تحملق في وجوه الرجال, وإلا تندب في عينها رصاصة. والمرأة في المدينة خاصة المستويات الراقية تكاد تكون ضحية كأختها الريفية, بتأثير الافكار الأجنبية الوافدة, حتي إن بعضهن يفهمن العصرية فهما خاطئا, علي أنها في لبس الكعب العالي وإطاعة أحدث صيحات الموضة, وقص الشعر أو نفشه أو صبغه, واستعمال العتر الباريسي الخانق وليست في معناها الحقيقي, وهو أن تنضج المرأة عقليا مع نضجها الجسماني, حتي أصبح ما حققته المرأة من حرية في خطر, حين تبدو المرأة في صور غير مقبولة, كالمرأة المسترجلة, والزوجة اللامبالية, والأم القاسية, والمطلقة المنفلتة والفتاة المستهترة, ويصبح السؤال: ماذا صنعت المرأة بحريتها بعد تحررها؟ يضاف إلي ذلك الثقافات الاجنبية الوافدة قديمها وحديثها, تلك التي تأثر بها الرجل, وعانت منها المرأة, ومن هذه الثقافات القديمة قول أرسطو: المرأة رجل لم يتم تكوينه, والشجاعة في الرجل أن يأمر فيطاع, وفي المرأة أن تؤمر فتطيع أو قول أستاذه أفلاطون: الفاسدون والذين كانت حياتهم شرا يتحولون إلي نساء بعد ميلاد جديد.. أو قول أستاذ الاثنين سقراط: المرأة مصدر كل شر, تجنب حب المرأة, ولا تخف من كراهية الرجل. أو قول المفكرين المحدثين مثل الشاعر الفرنسي بودلير: كثيرا ما أتعجب من ترك المرأة تدخل الكنيسة إذ ماذا تقول للرب! أو الفليسوف الألماني شوبنهور: المرأة إنسان يجب عزله تماما عن المجتمع لشرها أو الكاتبة الفرنسية سيمون دي بوفوار: منذ بلوغي العشرين حاولت أن أجمع بين مزايا الجنسين الرجل والمرأة حتي لا أتعذب بأنوثتي أو الثقافة الانجلوسكسونية التي يفاخر أهلها بتحرر المرأة, والتي من بين مفرداتها: المديح للرجل والذم للمرأة أو في اللغة الإنجليزية: الكلمة التي بمعني أعزب يقصد بها الرجل الذي اقتنع من تلقاء نفسه أن يتفادي المرأة, والعزباء التي يقصد بها الفتاة العجوز العانس التي قضت العمر كله في البحث عن رجل... إلي آخر ما عبرت عنه هذه الأفكار والثقافات الوافدة, والتي في جوهرها إهانة للمرأة. ولهذا ولغيره من صور نقول إن قانون زيادة مقاعد تمثيل المرأة في البرلمان يعتبر إجراء عادلا ومنصفا يتناسب مع مشاركتها الإيجابية, ويدعم دورها السياسي, ويمنع قول لا تظلموا المرأة لأنها لم تعد صفرا. *الأهرام