بعد أن كشفت الاحتجاجات السلمية الضخمة زيف التأييد الشعبي للنظام الخميني ووريثه، وتحت سقف متشقق من التماسك الداخلي، أجرت القوة الجوية الإيرانية مناورة جديدة لاستخدام المقذوفات الموجهة ضد السفن وتحليق طائرات قيل ان مداها يتجاوز ثلاثة آلاف كيلومتر ولا تكشفها أجهزة الرادار، فما الغاية من ذلك؟ وما فوائدها إيرانياً فيما تواجه إيران شجباً دولياً لتصديها لمن حاولوا التعبير عن آرائهم بنشاطات سلمية؟ نقاط حساسة • كان بالإمكان إجراء المناورات الجوية في مناطق خارج الخليج وبحر عمان، وتحويلها حتى لو كانت مقررة مسبقاً الى بحر قزوين شمالاً، تخفيفاً لسياسة الاستفزاز التي تكررت كثيراً خلال الأعوام القليلة الماضية، وتجنباً لزيادة القلق الإقليمي، فيما تحتاج إيران اليوم الى التهدئة على كل الجبهات، بدل التصعيد من خلال التلويح بالقوة بطريقة وأخرى. • الكشف عن مشاركة طائرات شبح مزعومة، يثير هو الآخر قلقاً، لأن هذا النوع من السلاح يعتبر سلاحاً هجومياً، أكثر مما يمكن تصنيفه كسلاح دفاعي، ويفقد الصفة الأخيرة عندما يجري تسليط الضوء على المدى الطويل للطائرة. فطائرة بهذا المدى لا بد ان تكون قاصفة أكثر مما تكون طائرة اعتراض جوي، لأن طائرات الاعتراض تحتاج الى تقليل الحمولة من الوقود الى الحد الأدنى لتأمين قدرة مناورة مناسبة لها. والمعروف أن معظم الطائرات المقاتلة الحديثة لا يمكنها الطيران بهذا المدى الطويل من دون إعادة التزود بالوقود جواً، بما في ذلك المقاتلات الإسرائيلية. • وتثير المناورات حساسية أكبر إذا ما ربطت باتهامات إيرانية لدول ووسائل إعلام غربية وعربية في التدخل في ما يجري من أحداث الانتخابات، وكأن خروج الملايين من الإيرانيين الى الشوارع لم يحصل إلا تأثراً بدعايات خارجية وحرب نفسية، وهذا يعكس اتجاهين: الأول تطعم المثقفين الإيرانيين بثقافة التسامح والحرية الغربية، وهو جانب إيجابي، والثاني التلويح بنقل أحداث الداخل الى الخارج من خلال سياسة صنع الخصوم وإحراج قيادات المحتجين. مبالغات ضارة منذ زمن الشاه، كانت إيران تمتلك مقذوفات موجهة ضد السفن ولا تزال عاملة، وليس منطقياً ولا ممكناً أن تكون صناعاتها المحلية قد تجاوزت قدرات تلك الأسلحة تكنولوجياً. كما ان المدى الطويل للطائرات المعلن لا يعني الشيء الكثير لأنها لا تحتاج لقطع مثل هذه المسافة لمعالجة أهداف عميقة في المنطقة، بما في ذلك المواقع الإسرائيلية. ويستحيل التفكير بنجاح عملية جوية إيرانية تتطلب التجاوز على أجواء عدة دول للوصول الى أهداف أعمق من دون كشفها تحت أي ظرف. ومثل هذه المبالغات تضر إيران ولا تفيدها، فالغرب إذا ما كان مستهدفاً بالمناورات، يعرف بدقة سعة الفجوة التكنولوجية بين أسلحته ومعداته وبين ما لدى القوة الجوية الإيرانية. فالأفضل لهم تهدئة اللعب وعدم المس بهواجس أمن العالم والمنطقة، أما دعايات الحرب ووهم القوة فلم يعد يخيف أحداً بعد أن ظهرت هشاشة بيت النظام الحاكم في إيران.