علقت جريدة"السفير" اللبنانية على نتائج الإنتخابات النيابية التي جرت بالأمس قائلة:- لعل أكثر المتفائلين في الموالاة وأكثر المتشائمين في المعارضة ما كانوا يتوقعون مثل هذه الحصيلة التي ستخصع ابتداءً من اليوم الى قراءة دقيقة، وخصوصاً من قبل الفريق الخاسر، لمعرفة اسبابها وتداعياتها اللاحقة، لا سيما ان النتائج جاءت مخالفة للكثير من التوقعات والتقديرات التي كانت تملكها المعارضة. وارجعت ذلك إلى ان قوى الموالاة تمكنت من رفع نسبة المشاركة بصورة قياسية لصالحها، ويبدو ان المغتربين شكلوا ما يشبة «القوة الضاربة» التي نجحت في إحداث الفارق النوعي مع المعارضة، كما ان «الصوت السني» شارك بطاقته القصوى في العملية الانتخابية وبالتالي ساهم مساهمة فعالة في حسم المعركة في العديد من الدوائر، وخصوصاً في دائرتي زحلة والبقاع الغربي راشيا. ونجاح خطاب الموالاة في دغدغة مشاعر شريحة واسعة من الناخبين، خاصة المترددين في الساحة المسيحية بعدما استخدم في لعبة الدعاية والتسويق شعارات براقة، الأمر الذي ينبغي ان يحرض المعارضة على إجراء مراجعة نقدية لطريقة خوضها الانتخابات ولكيفية ترويج أفكارها، بغية تحديد مكامن الخلل والحلقة المفقودة في حملتها الانتخابية. ورصدت جريدة"النهار" عدة عناوين بارزة للحدث الانتخابي امس يمكن اجمالها ببضعة تحولات لافتة، أولها "الحضور" القوي والطاغي للموقف الاخير للبطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الذي اعتبره المراقبون "عراب" الموجة المسيحية التي صبت لمصلحة قوى 14 آذار والمستقلين. والتحول الثاني تمثل في الاقبال القياسي على الانتخابات في المناطق ذات الغالبية المسيحية وخصوصا في جبل لبنان، الامر الذي رفع النسبة الاجمالية للمقترعين الى 54,08 في المئة، وهي نسبة غير مسبوقة منذ انتهاء الحرب عام 1990، كما أوضح وزير الداخلية زياد بارود. والتحول الثالث تمثل في مواجهة واسعة بين "بلوكات" انتخابية كبيرة. ففي جبيل أشارت المعطيات الى مشاركة شيعية كاسحة في الانتخابات استنفرها "حزب الله" تحديدا لمصلحة لائحة عون، وكذلك في دائرتي بعبدا وجزين، مما كفل لمرشحي عون الفوز. وساهم استنفار مماثل للناخبين الارمن في المتن مع حلفاء عون في احتفاظه بخمسة مقاعد مبدئيا. فيما حقق تحالف المستقلين و14 آذار خرقين لمصلحة النائب ميشال المر والمرشح سامي الجميل. وتعود جريدة "السفير لتطرح عدة أسئلة صعبة طرحتها تلك النتيجة ومن بين هذه الأسئلة: كيف ستتعامل المعارضة مع خسارتها وهل ستتقبلها بروح رياضية وتعترف بتبعاتها على المستويين السياسي والدستوري؟ كيف سيتعاطى فريق 14 آذار مع فوزه، وهل سيكون متواضعاً في التعبير عنه، وبأي طريقة سيصرفه في السياسة، في ضوء تجربته السابقة ودروسها؟ أي حكومة ستولد من رحم الانتخابات، وهل ستتمسك المعارضة بمطلب الثلث الضامن وستصر الموالاة على رفض منحها إياه، وبالتالي هل نقف منذ الآن على عتبة أزمة حكم جديدة؟ من سيكون رئيس الحكومة المقبلة: سعد الحريري الذي انتظر طويلاً هذه اللحظة ليدخل الى السرايا من بوابتها العريضة ام الرئيس فؤاد السنيورة الذي اكتسب للمرة الأولى شرعية شعبية من خلال فوزه في صيدا وربما ما زال يحظى بغطاء إقليمي ودولي لدور متجدد؟ أم نجيب ميقاتي الذي يمكن أن يشكل بانضمامه الى الكتلة الوسطية بيضة القبان بين الكتلتين الموالية والمعارضة؟ اي وضعية ستكون لرئيس الجمهورية بدءاً من 8حزيران وهو الذي خسر معركتي جبيل وكسروان، برسوب ناظم الخوري ومنصور غانم البون، والأهم انه خسر ثقة المعارضة؟ وأي موقع سيحصل عليه في معادلة الحكومة المقبلة، في ظل دعوة بعض اقطاب 14 آذار الى منحه هو الثلث الضامن، وهل يستجاب الى دعوة العماد عون الى جعل هذا الاقتراح جزءاً لا يتجزأ من الدستور؟ اين دمشقوالرياض وطهران من الخارطة النيابية والسياسية التي افرزتها صناديق الاقتراع وكيف ستتعامل هذه العواصم مع النتائج وخاصة الرياضودمشق؟ هل يمكن أن يكون مشروع الكتلة الوسطية هو المخرج، وهل من الممكن أن يكون انضمام الرئيس نبيه بري اليه مع حليفه وصديقه وليد جنبلاط هو المخرج، وهل من الممكن أن ينضم اليهم آخرون من الموالاة والمعارضة وما بينهما، ليصبحوا هم الأكثرية الوازنة في المجلس النيابي الجديد؟