نعم أؤكد أنه كان خطابا تاريخيا بالفعل والذي استشهد فيه الرئيس الأمريكي باراك اوباما بالكثير من الآيات القرآنية ونصوص الإنجيل والتوراة وقاطعه الحاضرون بقاعة الإحتفالات الكبري بجامعة القاهرة بالتصفيق 30 مرة . لم يكن الخطاب رسالة للعالم الإسلامي فقط كما كان متوقعا بل رسالة للعالم كله يعلن فيه عن بداية جديدة في العلاقات بين الولاياتالمتحدة وبين العالم الإسلامي بشكل خاص وبقية دول العالم بشكل عام تقوم علي أساس المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل ولاتقوم علي أساس التعامل من قبل الولاياتالمتحدة بطريقة إستخدام الحذاء مع كل من يخالفها كما كان يؤمن سابقه . وعندما تناول قضية الشرق الاوسط بالتحديد وهذا ماسوف اتناوله قالها صراحة أن الصلات بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل معروفة وهذه الصلات لايمكن زعزعتها ولم يعد ممكنا ايضا بعد الآن أن تدير الولاياتالمتحدة ظهرها عن تحقيق الشعب الفلسطيني لطموحاته وأولها إقامة دولته المستقلة وقال أوباما أن الفلسطينيين والإسرائيليين شعبان لديهما طموحات مشروعة ولكل منهما تاريخ مؤلم يجعل التسوية الآن امرا ضروريا ولهذا يجب التركيز علي حل الدولتين اللتين يعيش فيهما الإثنان في امان وسلام ، وقال ان إقامة الدولة الفلسطينية يصب في مصلحة الفلسطينيين والإسرائيليين والولاياتالمتحدة والعالم ايضا . وعلي الجانب الآخر اكد أوباما ان الولاياتالمتحدةالامريكية لاتقبل استمرار المستوطنات الإسرائيلية لأنها تنتهك الإتفاقيات المسبقة وقال بحزم : لقد حان الوقت لتوقف هذه المستوطنات . أقول أنه خطاب تاريخي لأنه غير من شكل الولاياتالمتحدةالأمريكية امام العالم ، واعلن فيه أنه يريد ان يتعامل مع مختلف الدول من منطلق الاحترام المتبادل وأراد ان يعلن انه سيتعامل مع قضية الشرق الأوسط علي أساس الواقع الذي يتيح لشعبي إسرائيل وفلسطين أن يعيشا علي ارض واحدة خاصة وأن المبادرة العربية تتفق وهذا التوجه علي اساس إنسحاب إسرائيل من الاراضي المحتلة مقابل موافقة الدول العربية علي تطبيع العلاقات مع إسرائيل والاعتراف بها 0 ونحن لاننكر ان خطاب اوباما ستكون له ردود أفعال متباينة فالسلطة الفلسطينية رحبت بخطاب الرئيس الامريكي الموجه للعالم الإسلامي والذي كرر فيه قيام دولة فلسطينية ووصفته بأنه " بداية جيدة " وصحيحة يجب البناء عليها فورا ، لكن علي المقابل الآخر نظرت حركة حماس إلي هذا الخطاب علي ان فيه كثيرا من المتناقضات ودغدغة للعواطف ومليئا بالمجاملات وكان معنيا بشكل كبير جدا بتجميل وجه امريكا امام العالم 0 وفي نفس الوقت انتقد بعض المسئولين من اليمين الإسرائيلي خطاب اوباما مشددين بصورة خاصة علي ماتضمنه بشأن ضرورة وقف الإستيطان حتي أن وزير العلوم الإسرائيلي دانيال هيرشكوفيتز من حزب البيت اليهودي قال أن علاقتنا مع الأمريكيين تقوم علي الصداقة وليس علي الرضوخ وعلينا ان نقول للامريكيين فيما يتعلق بالنمو الطبيعي في المستوطنات أن عليهم ألا يتخطوا الحدود 0 كما قال رئيس حزب البيت اليهودي زيفولون أورليف أن هذا الخطاب يبعث لدينا مخاوف من إعادة النظر في التوازن القائم بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل وقال " لدي إنطباع مؤلم باننا ننساق علي تراجع في الالتزامات الامريكية التقليدية حيال امن اسرائيل ومستقبلها وإستقلالها0 وقد أظهر إستطلاع " مؤشر الحرب والسلام " الاكاديمي الشهري ان غالبية الإسرائيلين يعتبرون ان اوباما منحاز للفلسطينيين وليس بالإمكان الاعتماد عليه لكنهم انقسموا علي موضوعي الإستيطان وحل الدولتين كما نشر موقع " يدوعوت احرونوت " الالكتروني نتائج الاستطلاع الذي يتم إجراؤه في جامعة تل أبيب وأظهر ان 55٪ من الإسرائيليين يعتبرون أن أوباما منحاز للفلسطينيين بينما قال 60٪ أنه لايمكن الاعتماد علي أوباما في الأخذ بالحسبان الحفاظ علي المصالح الإسرائيلية في إطار جهوده لتحسين العلاقات بين الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامي. ومع عشرات ردود الأفعال الأخري التي تؤكد تفاوت ردود الأفعال مابين مؤيد ومعارض لما طرحه باراك اوباما وبين متشكك ومتشائم في إمكانية تنفيذ ماطرحه ، وبين جديته في تنفيذ ماقاله من توجهات أقول لننتظر ونمد يدنا إليه ولنساعده في تنفيذ مايتفق وآمالنا في حل مشكلة الشرق الاوسط وان يبدأ الفلسطينيون في اغتنام هذه الفرصة بحكومة واحدة متفق عليها تبدأ في طرح تصوراتها في حل القضية حتي لانفاجأ بعد بذلك أن المشكلة ليست في الإسرائيليين بل هي في الفلسطينيين أنفسهم الذين لايعرفون ماذا يريدون لان كل فريق له رأي ومطالب عكس مطالب الطرف الآخر 0أقول هذا قبل أن تنقضي الأيام ولانستغل وجود مثل هذه الروح التي قد لاتكون عند رئيس امريكي آخر إذا ضاعت هذه الفرصة. * اخبار اليوم