شكا عدد كبير من الأهالي من تزايد ظاهرة سكن العزاب وتعدد العائلات في شقة واحدة في دبي في الآونة الأخيرة، بشكل لافت للنظر، وخاصة بعد اكتشاف العديد من المخالفات، منها وجود اكثر من 20 فرداً داخل غرفة واحدة، اضافة الى عدد من الغرف مقسمة بالخشب الى كرفانات حتى تستوعب عدداً كبيراً من العزاب، وصنع حجرات من الخشب تفتقر الى أبسط قواعد الأمن والسلامة، الأمر الذي ينذر بحدوث مشكلات في حالة نشوب حريق في هذه الأماكن المزدحمة، وهو ما تطلب اتخاذ إجراءات قانونية صارمة وحازمة ضد هذه الظاهرة، وإبعادها عن الأحياء السكنية للعائلات . وطالبوا بلدية دبي بتفعيل الضوابط والمعايير التي تحكم مواصفات سكن العزاب وعدم أقامتهم في أماكن العائلات بسبب ما يحدث من تصرفات غير لائقة خادشة للحياء وعدم مراعاتهم العادات والتقاليد . عن حجم وعدد المخالفات اكد المهندس حسين لوتاه المدير العام لبلدية دبي انه تم ضبط 15 الفاً و531 مخالفة خلال العام الماضي كما تم مخالفة 4200 فيلا و450 عزبة مخالفة، وقطع الخدمات عن 5 آلاف مسكن، فيما دعا عمر عبد الرحمن رئيس قسم تفتيش المباني في بلدية دبي مالكي البيوت السكنية الى الالتزام بقانون الايجارات وعدم تأجير مساكنهم في المناطق العائلية لشركات لتحويلها الى سكن عزاب . ما هي جهود البلدية لمواجهة هذة المخالفات، وكيف ينظر أفراد المجتمع لمثل هذة التجاوزات التي تشكل خروجا عن المالوف وماهي الحلول الوقائية لتلك الظواهر؟ التحقيق التالي يجيب عن هذه الاسئلة . تقول ميرفت موسى موظفة إن شكاوى المواطنين في الراشدية لم تنقطع من وجود العزاب، والأسر تخشى على أبنائها وعلى منازلها من هذا الوجود المكثف . ورغم هذه الشكاوى، الا ان البلدية لا تتحرك . ويؤكد علي محمد ان كثيراً من المشاكل تواجه بعض الجنسيات تحت سقف واحد، حيث تتصارع الغالبية منهم على قضاء حاجاتهم وقد يتطور الأمر الى مشادات كلامية احيانا تنتهي بقتل، اضافة الى أننا كعرب ومسلمين محافظون بطبيعتنا وهذا الأمر يتنافى مع عاداتنا وتقاليدنا، ونحن نواجه مواقف بعضها يسبب الكثير من الحرج، وطالب الجهات المختصة بضرورة وضع حد لهذه الظاهرة، خاصة أن التجاوزات التي تصدر من العزاب قد بلغت ذروتها . تقول أم فهد “ربة منزل”، إنها شاهدت أحدهم يخرج من مسكنه ليتحدث في الهاتف المتحرك ويتفوه بألفاظ نابية وبصوت عال، كما أن مشهد اللباس غير المحتشم لهم أصبح مشهداً اعتيادياً بالنسبة لبعض الفتيات . ويقول علي ابراهيم إنه غادر الدولة قبل شهر للدراسة وقام بتأجير منزل شعبي يمتلكه لأحد الاشخاص، إلا أنه فوجئ لدى عودته الشهر الماضي أن المستثمر قام بتأجير المنزل لآخر قام بدوره أيضاً بتأجيره لمستثمر ثالث، من أجل الحصول على إيجار أعلى وفائدة أكبر، اضافة الى حدوث حرائق نتيجة تقسيم الغرف الى كرفانات بالخشب . ورفضت مروة اسماعيل “سكرتيرة” هذا القرار الذي ليس في مصلحة البعض، خاصة ان غلاء الايجارات يجعل اكثر من أسرة تقيم في منزل واحد، فيما طالبت درة بنت عبد الغفار “موظفة باحد البنوك” بتوفير البديل وارغام اصحاب الشركات بتوفير سكن مناسب لعمالها وموظفيها خاصة أصحاب الأجور المتدنية . ويوضح محمد السيد أن ارتفاع الايجارات في الإمارات دفع المقيمين للعيش في سكن مشترك مع اصدقاء او زملاء وترحيل عائلاتهم إلى بلدانهم، حيث اثبتت الاحصائيات ان نسبة الذكور وصلت 75% في المائة من مجموع المقيمين . وأكد المهندس حسين ناصر لوتاه مدير عام بلدية دبي ان البلدية ضبطت 15 الفا و531 مخالفة خلال العام الماضي في عدد المباني المخالفة، كما تم قطع الخدمات عن اكثر من 5 آلاف مسكن يقيم بها عزاب، او تقطنها أكثر من أسرة، ومخالفة 4200 فيلا و450 عزبة مخالفة في مناطق ند الشبا والقوز والعوير والخوانيج ووادي العمردي، كما أرسلت نحو 5000 رسالة إلى هيئة كهرباء ومياه دبي لقطع الخدمات عن مساكن ومبان مخالفة . كما تلقت 2875 بلاغا فيما بلغ عدد الشكاوى 44 عبر مراكز الاتصال المختلفة . وكشف أن عدد الإنذارات التي وجهتها البلدية لأصحاب المباني المخالفة لأنظمة وقانون المباني والبناء بإمارة دبي بلغت العام الماضي أكثر من 15 ألف وإنذار، وأن عدد رسائل القطع التي تم توجيهها لهيئة كهرباء ومياه دبي لقطع الخدمات عن المخالفين بلغت 5 آلاف رسالة . وبلغ عدد الغرامات التي حررها قسم تفتيش المباني خلال العام الماضي 1528 غرامة تراوحت قيمتها بين 500 درهم و50 ألفاً، وأن عدد التقارير الفنية التي أصدرها القسم خلال الفترة نفسها بلغ 17 ألفاً و383 تقريبا، وأن عدد البلاغات الواردة للقسم من قبل الجمهور هي 2875 بلاغا، فيما بلغ عدد الشكاوى 44 شكوى تتعلق بمخالفات ارتكبها أصحاب المباني، والمعاملات التي نفذها القسم خلال السنة الماضي بلغت 51 ألفا و220 معاملة، وأن عدد المساكن المخالفة بإسكان العزاب، والتي تم رصدها وتحرير مخالفة بحق مالكيها بلغ 1199 في مختلف مناطق دبي السكنية . وعدد المساكن المخالفة بإسكان أكثر من أسرة في منزل واحد والتي تم رصدها وتحرير مخالفات بحق مالكيها بلغ 3 آلاف مسكن . وقال لوتاه إن المناطق التي كثرت فيها المساكن المخالفة هي جميرا “1”، الجافلية، البدع، الراشدية، أبوهيل، الوحيد، وأن البلدية تقوم بالعديد من الحملات التفتيشية على جميع المناطق في دبي ولا تتهاون في توقيع الغرامات على أصحاب المباني المخالفة . بدوره أكد عمر عبد الرحمن رئيس قسم تفتيش المباني في بلدية دبي ان البلدية ستقوم باتخاذ الجزاءات الصارمة من غرامات وايقاف معاملات، وذلك بالتعاون مع الدوائر والمؤسسات الحكومية الاخرى عملا باحكام الأمر المحلي رقم (3) لسنه 1999 بشأن تنظيم أعمال البناء في امارة دبي . وقال عند التفتيش على أحد الشقق وجدنا 20 فردا في الغرفة، وقيمة إيجار الغرفة الواحدة يتراوح بين ألفين و4 آلاف درهم للسرير الواحد، كما تم ضبط عدد من الغرف مقسمة بالخشب إلى “كرفانات” حتى تستوعب عدداً كبيراً من العزاب، وان هذا التقسيم بالخشب من أخطر المخالفات لأنه مادة سريعة الاشتعال، مما يتسبب في كثير من الحرائق التي لا يمكن السيطرة عليها، الأمر الذي يؤدي إلى إزهاق كثير من الأرواح البريئة . ودعا المواطنين مالكي المنازل السكنية إلى الالتزام بقانون الإيجارات وعدم تأجير مساكنهم في المناطق السكنية لشركات لتحويلها إلى سكن عزاب، مؤكداً أن عقود الإيجار كافة يجب أن تكون مصدقة من قبل بلدية دبي، لضمان حقوق طرفي العقد . وأشار إلى أن الحملات التفتيشية المفاجئة التي نفذها قسم تفتيش المباني التابع إلى جميع المناطق السكنية كشفت عن استغلال منزل في إحدى المناطق السكنية، ليكون مجمعاً سكنياً يضم ست عائلات وأكثر من 30 عازباً من جنسيات مختلفة من الجنسين، إضافة إلى وجود حواجز تقسّم المنزل إلى غرف عديدة، وتفتقر لأدنى درجات ومعايير الصحة والسلامة من جميع النواحي، واستخدمت المخازن في المنزل كسكن للعمال . وإلغاء جميع الإضافات غير المرخص لها، ودفع جميع الغرامات المستحقة على المقاول أو المالك، إضافة إلى توقيع تعهّد من قبل المالك يلزمه بعدم تكرار هذه المخالفات سواء بالنسبة للإضافات أو لتعدد الأسر . كما ان مشاركة السكن في الفيلا الواحدة ناتجة عن إضافات في السكن غير مرخص لها، ما يؤدي إلى حدوث ضغط كبير على شبكة الماء والكهرباء، فضلاً عن تزايد كميات النفايات والصرف الصحي، وعدم الالتزام بأبسط شروط النظافة العامة في هذه الفلل . ومن خلال الحملات التفتيشية، أكد عبد الرحمن أنه لا توجد فيلا تسكن فيها أسر متعددة، إلا وتكون غير خاضعة لأي من الشروط الصحية التي فرضتها البلدية وتم نقل العزاب إلى المناطق المخصصة لسكن العزاب والعمال في المناطق الصناعية . آثار اقتصادية يرى جاسم ابراهيم خبير اقتصادي ضرورة الالتزام بالقوانين، لأن فكرة انشاء مواقع سكنية للعمالة الوافدة ستكون له آثار اقتصادية سلبية مباشرة وغير مباشرة مثل الكلفة الاقتصادية والاعتبارات الأمنية والاجتماعية، ولا يعتبر ذلك حلاً جزرياً للمشكلة بل انه حل مؤقت ثمنه أكبر من مردوده ويفترض ان تتم معالجة المشكلة بتسهيل اقامة عائلات العزاب بدلا من دفعهم نحو المزيد من الانفصال عن المجتمع . وأشار الى ان المجمعات التي ينوون تنفيذها لسكن العزاب غير مجدية بل تدمر ما تبقى من شبح عائلاتهم والمفترض التشجيع على توطين عائلات العمالة، ورفع مستوى معيشتهم بدلا من دفعهم نحو المزيد من الانفصال عن المجتمع . وان هذا الاسلوب في المعالجة سيخلق وضعا اجتماعيا له عواقب وخيمة على المدى الطويل، وان هذا القرار غير صائب ويأتي في أفق تنموي ضيق جدا، ويدمر المجتمع على المدى الطويل . مشكلات اجتماعية يؤكد أستاذ علم الاجتماع علي محمود ان جلب العمال الوافدين دون عائلاتهم سيؤدي إلى مشكلات اجتماعية، ومن أهمها عدم الاستقرار الأسري الذي يؤدي إلى عدم الاتزان الجماعي وعدم اشباع الرغبات، ولذلك نجد كثيرا من العمال يتزوجون عاملات من جنسيات آسيوية وغيرها ولهذا بالتأكيد آثاره الأمنية المعروفة، ما يدفع الذين يعيشون في هذه المناطق إلى اقتناء الأسلحة خشية تصاعد الأزمات والمشكلات . وأي عامل قادم إلى الامارات في المقام الأول إنسان من حقه علينا الاستقرار، وألا نعزله في تجمعات، خاصة حتى لا يكون الوضع أشبه بقنابل موقوتة . وعلى رغم ان الاحتكاك مع هذه العمالة ينتج سلوكيات غريبة إلا ان الحل المتمثل في عزل العمال عن المجتمع في سكن خاص، حل بعيد عن الانسانية فهؤلاء بشر لهم حاجاتهم مثلما لنا حاجاتنا . =