الاهرام :14/4/2009 من منا لايخاف البعبع وأبو رجل مسلوخة؟ هذا ما تربينا عليه وبات من تراثنا الذي غرسه فينا المجتمع, فأصبحنا نخاف من المجهول لأن الأم تدعو لابنها: يكفيك شر المستخبي. ظن الأهل أنهم يحموننا من حماقاتنا فإذا بهم يدمرون أحلامنا فبدلا من أن يغرسوا في نفوسنا الشجاعة وحب الحياة ويعلمونا المغامرة المحسوبة مسخوا شخصياتنا لم يعلمونا السباحة وأخافونا من جنية البحار. بينما نجد الآباء في الغرب يشجعون أبناءهم علي التجول والترحال واكتشاف العالم بأنفسهم فيرتادون الصحاري والبحار ويختلطون بمجتمعات بدائية يشيب شعر رءوسنا إذا فكرنا في السياحة بينهم. الخوف مرض سلوكي عمقه نظامنا التربوي فبدلا من أن تكون المدرسة هي من يربي ويصلح أضافت لحياتنا مخاوف جديدة تبدأ بعصا المعلم التي ورثها من فلكة سيدنا في كتاب القرية وتنتهي بالامتحانات المرعبة حيث لايسمح مجتمعنا بالفشل ولا يتسامح معه. مطلوب أن نخاف في بعض الأحيان بحدود بحساب وعندها يكون الحوف دافعا لا عائقا لأنه إذا أردنا ألا نخفق فعلينا بالعمل أما الخوف المرضي فهو بلا سبب وهو ما ينتشر في مجتمعنا. رحلتنا مع الخوف طويلة وشاقة ومرهقة تجعلنا عاجزين عن اتخاذ القرار نتأرجح بين الخيارات ننساق مع القطيع نخاف الفقر فنمد أيدينا إلي ما ليس لنا فنسرق ونرتشي أو نصبح سلبيين تأكل القطة عشاءنا متواكلين علي الغير, نهرب من تحمل المسئولية منكبين علي ذواتنا نعيش بوجهين وجه يلبس قناع الشجاعة المزيفة وفي داخلنا نرتعد رعبا خشية أن نحصد الألم. نحتاج لمن يمد يده لينقذنا من مخاوفنا ويعالج الفوبيا في نفوسنا وهذا لن يتأتي إلا باصلاح دور المدرسة لجعلها مصنع الرجال فتبني شخصيتنا علي أسس صحيحة وعندها لن نخاف الامتحان مادمنا اجتهدنا وذاكرنا ولا نخشي البحر إذا تعلمنا السباحة ولن نعرف الافلاس إذا كانت ثروتنا في ذواتنا وعندها نكتسب مهارات المغامرة المحسوبة المبنية علي العلم والمعرفة التي تنتهي عادة بالفوز والنجاح. وفي رحاب المجتمع الديمقراطي يضمن كل منا حقوقه, فالعلاقة بين الحاكم والمحكوم تقوم علي الاحترام المتبادل ولأن الديمقراطية تضمن لكل منا حقوقه, فلماذا حينئذ نخاف من أقسام الشرطة ونهرب من كمين المرور مادام هناك قضاء يعيد إلينا الحقوق؟! لن ينهض مجتمعنا بأناس يخافون اليوم ويخافون الغد ويرهبون الموت وييأسون من الحياة.