عاش المركز الاستشفائي الجامعي الدكتور عبد القادر حساني بسيدي بلعباس، خلال الأيام القليلة الماضية، حادثة فريدة من نوعها تحدث ربما لأول مرة في تاريخ الطب الجزائري، ذلك بعد أن شهدت إحدى قاعات الجراحة التابعة لمصلحة الاستعجالات الطبية، فصول اعتداء من الأستاذ المساعد في جراحة العظام ''ح. ج'' على الجراح المساعد ''ب.ر'' على مرآى من أعين أعضاء فريق طبي مشكل من أكثر من 12 فردا تبعه تشابك عنيف بالأيدي، مما تسبّب في سقوط المريض الذي كان مبرمجا لإخضاعه للجراحة من على الطاولة المخصصة لذات الغرض بعنف وهو تحت تأثير التخدير. علمت جريدة ''الخبر'' الجزائرية من مصادر مسؤولة أن الطبيب الجراح المساعد ضحية الاعتداء، تقدم أمس رسميا بشكوى إلى مصالح الأمن الحضري السادس بسيدي بلعباس، ضد الطبيب المعتدي عليه، بعد أن تحصلت الضحية التي تمارس مهامها منذ أكتوبر 2008 بالمركز الاستشفائي الجامعي لسيدي بلعباس في إطار الخدمة المدنية، على شهادتين مرضيتين تمنعانه من مزاولة العمل خلال 4 و5 أيام كاملة من مصلحتي الطب الشرعي وطب العيون، بالنظر للنزيف الذي تعرّض له أنفه المتورم والجروح التي لحقت بإحدى عينيه. حيثيات القضية تعود إلى الفترة التي استقدم فيها شاب جريح يبلغ من العمر 20 سنة، تم تحويله من المؤسسة الاستشفائية بالمشرية إلى المركز الجامعي لسيدي بلعباس لإخضاعه للجراحة الاستعجالية بالنظر لخطورة وضعه الصحي والكسور المتعددة التي كان يعاني منها. المريض عرض مباشرة على أحد الجراحين بغرض التكفل به، قبل أن يرفض هذا الأخير عملية التحويل لتقوم عائلة الضحية برفع شكوى تتهم فيها الطبيب بعدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر حسب ما أفادت به مصادر مؤكدة ل ''الخبر''. وكانت الحالة الصحية للشاب ''المشراوي'' قد عرفت أثناء ذلك تدهورا مفاجئا، الأمر الذي عجّل بدخوله في غيبوبة تامة قبل أن يبلغ خبره رئيس مصلحة الكسور وتقويم الاعوجاج، الذي عيّن على الفور فريقا طبيا جراحيا للتكفل بإجراء عملية مستعجلة للمريض، يرأسه الجراح الذي رفض في بادئ الأمر عملية تحويل المريض إلى المركز الاستشفائي الجامعي لسيدي بلعباس. وكان من المفترض أن تجري العملية الجراحية صبيحة الأربعاء الفارط بداية من الساعة الثامنة لتتأجل العملية مرة أخرى، بعد أن وقف الجميع على مقاطعة الطبيب الجراح للعملية المبرمجة قبل أن يتدخل جراحين ليحلا محل زميلهما، في محاولة منهما لتجنيبه العقوبة الإدارية التي تسلط عادة على الأطباء المتغيبين عن مثل هاته المواعيد ''رغم أنهما كانا معنيين بتأطير عملية جراحية أخرى وفي نفس التوقيت'' حسب ما تحصلنا عليه من معلومات. وأمام هذه المعطيات الجديدة لم يكن بوسع الطبيب الجراح المساعد، أي ''الضحية''، سوى رفض ما أفرزه تسارع الأحداث داخل قاعة العمليات التي كان يركن بها المريض المعني بالجراحة وهو تحت التخدير، الأمر الذي فجّر الأوضاع بعد إقدام الأستاذ المساعد ''ج.ح'' على توجيه ضربة رأسية عنيفة للطرف الرافض، متسببا له في نزيف حاد وتورم على مستوى الأنف وجروح أخرى على مستوى العين، حسب ما تبيّنه الشهادات المرضية التي تحصّل عليها الضحية. العنف الذي ساد داخل قاعة العمليات عجّل بسقوط عنيف على الأرض لجسم الجريح الشاب، وسط فوضى عارمة قبل تدخل رئيس مصلحة الكسور الذي كان منهمكا في إجراء عملية جراحية أخرى على مستوى قاعة الجراحة التابعة لمصلحة المسالك البولية، التي تحتضن ومنذ مدة عمليات جراحة العظام بسبب عدم جاهزية القاعة الأصلية للكسور التي تعرضت لحريق منذ ثلاثة أشهر. رئيس المصلحة ومباشرة بعد تدخله، عمل على إبعاد المعتدي والمعتدى عليه من القاعة، ''بالنظر لحالتهما التي لم تكن تسمح بالقيام بأي عمل طبي'' حسب مصادرنا. قبل أن يعيّن فريقا آخر من الجراحين للسهر على القيام بالعملية وإنجاحها لإنقاذ المريض من تعقيدات صحية جديدة محتملة، وهو ما تم بالفعل بعد أن باشر الفريق الطبي عمله بداية من الساعة 11 صباحا من نفس اليوم. وكانت الحادثة التي شهدتها مصلحة الكسور وتقويم الاعوجاج بمستشفى سيدي بلعباس الجامعي قد غذت حديث الشارع المحلي، الذي صب في مجمله في الإهمال الذي يواجهه المرضى على مستوى المستشفيات والمصحات في زمن إصلاح المستشفيات حتى وهم على فراش الموت. وتبقى مصلحة الكسور وتقويم الاعوجاج بمستشفى سيدي بلعباس منذ فترة، تعيش جملة من المشاكل وبالتحديد بعد صدور قرار إنهاء مهام رئيس المصلحة السابق البروفيسور بوجلال نور الدين وتعيين الدكتور بن عبد الرحمن خلفا له لإدارة شؤون المصلحة، الأمر الذي نتج عنه طفو صراعات بين كتلتين عكّر صفو الأجواء وأثّر على سير الخدمات المقدمة داخل مصلحة الكسور ذات الأهمية البالغة بالمركز الاستشفائي الجامعي لسيدي بلعباس. وكان رئيس المصلحة المستقدم من المؤسسة الاستشفائية المختصة في جراحة العظام ببن عكنون والمعيّن من قبل الوزارة الوصية، قد تعرّض هو الآخر لاعتداء من جراح آخر عجّل بلجوء الضحية إلى رفع شكوى إلى مصالح الأمن.