قيادي بمستقبل وطن: تحركات الإخوان ضد السفارات المصرية محاولة بائسة ومشبوهة    مصر القومي: الاعتداء على السفارات المصرية امتداد لمخططات الإخوان لتشويه صورة الدولة    اليوم.. البابا تواضروس يترأس قداس تدشين كنيسة القديس مارمينا العجائبي بالإسكندرية    طالبة STEM تفقد حلم الطب بعد تلاعب زميلتها في موقع التنسيق    الموت يغيب عميد القضاء العرفي الشيخ يحيى الغول الشهير ب "حكيم سيناء" بعد صراع مع المرض    «تعليم أسوان» تعلن عن فرص عمل للمعلمين بنظام الحصة.. الشروط والأوراق المطلوبة    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعى" "AI Everything الشرق الأوسط وإفريقيا" فى فبراير المقبل    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    «المركزي لمتبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم بالشرقية    الغربية: حملات نظافة مستمرة ليلا ونهارا في 12 مركزا ومدينة لضمان بيئة نظيفة وحضارية    وزير التربية والتعليم يزور مدرسة «كوازاه» الفنية الصناعية في طوكيو    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    "عربية النواب": المجاعة في غزة جريمة إبادة متعمدة تستدعي تحركًا عاجلًا    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    وزير خارجية باكستان يبدأ زيارة إلى بنجلاديش    موعد مباراة أرسنال ضد ليدز يونايتد اليوم والقنوات الناقلة    "قصص متفوتكش".. رسالة غامضة من زوجة النني الأولى.. ومقاضاة مدرب الأهلي السابق بسبب العمولات    ماذا ينتظر كهربا حال إتمام انتقاله لصفوف القادسية الكويتي؟    50 ألف مشجع لمباراة مصر وإثيوبيا في تصفيات كأس العالم    هبات رياح وارتفاع حرارة ورطوبة.. تعرف على طقس مطروح اليوم السبت    "سقط في الترعة".. مصرع شخص بحادث انقلاب دراجة بخارية ببني سويف    وزارة النقل تناشد المواطنين عدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه أثناء غلقها    أدرك خطواتي جيدا.. شيرين عبدالوهاب تصدر بيانا عن محاميها وتطمئن جمهورها    وفاة سهير مجدي .. وفيفي عبده تنعيها    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. أجندة الإجازات الرسمية المتبقية للموظفين    كيف تكون مستجابا للدعاء؟.. واعظة بالأزهر توضح    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدّمت 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يوما    فحص وصرف العلاج ل247 مواطنا ضمن قافلة بقرية البرث في شمال سيناء    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لمدينة الحوامدية بالجيزة    محافظ أسوان يتفقد وحدة صحة أسرة العوينية بمركز إدفو    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    ظهر أحد طرفيها عاريا.. النيابة تحقق في مشاجرة بمدينة نصر    «الصحة»: 6 حالات وفاة وإصابة 24 آخرين في حادث غرق الطلاب بالإسكندرية    نور القلوب يضىء المنصورة.. 4 من ذوى البصيرة يبدعون فى مسابقة دولة التلاوة    رغم تبرئة ساحة ترامب جزئيا.. جارديان: تصريحات ماكسويل تفشل فى تهدئة مؤيديه    محاضرة فنية وتدريبات خططية في مران الأهلي استعدادًا للمحلة    محافظ أسوان يتابع معدلات الإنجاز بمشروع محطة النصراب بإدفو    61 شهيدا برصاص الاحتلال فى غزة خلال 24 ساعة.. وعدد الضحايا يرتفع ل62622    8 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    الشرقية تتحرك لإنقاذ السكان من عقارات الموت الآيلة للسقوط (صور)    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    صراع الأجيال وتجديد الدماء    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    محافظ الجيزة يشدد علي التعامل الفوري مع أي متغيرات مكانية يتم رصدها واتخاذ الإجراءات القانونية    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    مستشفى الأهلى.. 6 لاعبين خارج الخدمة فى مباراة غزل المحلة بسبب الإصابة    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    إعلام فلسطينى: مصابون من منتظرى المساعدات شمال رفح الفلسطينية    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مساجين لبنان‏..‏نجوم علي المسرح
نشر في أخبار مصر يوم 10 - 02 - 2009

لطالما أثارت السجون وما يجري داخلها، «شهية» الكتاب والمخرجين، لما تخبئه من حكايات وقصص تنتظر من ينشرها.
ولطالما شغلت معتقلات التعذيب على اختلاف أنواعها، هموم المبدعين، روائيين وفنانين. أفلام عدة دخلت عالم السجون وفضحت ما يرتكب داخلها من مآسٍ يومية وساهم بعض هذه الأفلام في اغلاق بضعة سجون.
وقد يكون الفيلمان الأميركي «الهروب من الكتراز» (Escape From Alcatraz) للمخرج دون سيغل، والبرازيلي «كارانديرو» (Carandiru) للمخرج هكتور بابنكو، من أبرز الأفلام التي نقلت واقع الحياة اليومية، الأليمة داخل السجون، ورصدت حركات التمرد والعصيان وراء قضبانها.
ومع تطور الفنون البصرية التي شهده عصرنا الحديث أضحى العلاج بالدراما من أهم الوسائل في السجون الغربيّة، وهو أسلوب متطور في التعامل مع السجناء وفي مساعدتهم على الانخراط مجدداً في المجتمع، ما يشجعهم على التفكير بإيجابية وإظهار مواهبهم الدفينة، وقتل الرتابة، وفتح آفاق أوسع امامهم.
في تجربة فريدة، تعتبر الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، قدّمت المخرجة اللبنانية زينا دكاش في إحدى قاعات سجن رومية (شمال بيروت)، مسرحية عنوانها «12 لبناني غاضب»، كان «أبطالها» 45 سجيناً، وحضر العرض الأول جمع من نواب ووزراء وعسكريين وديبلوماسيين، وسفراء وشخصيات قضائية واجتماعية وإعلامية. رجال الأمن انتشروا على «ضفتي» الطريق المؤدية الى السجن.
تفتيش وأسئلة وإجراءات مشددة واجتياز حواجز عدّة، قبل الوصول الى القاعة. أن تشاهد عرضاً مسرحياً في سجن يضم 4000 سجين، وكان بني ليستوعب فقط 1050 سجيناً، أمر ليس بالسهل. العرض المقتبس عن نص للكاتب الأميركي رجينالد روز(1920-2002) يروي التجاذبات والاختبارات التي تمر بها هيئة محلفين مؤلفة من 12 شخصاً، للحكم على شاب (19 سنة) متهم بقتل والده وما اذا كان يستحق حكم الإعدام شنقاً. السجناء - الممثلون أعدوا النص ومثلوه، وألفوا الأغنيات والموسيقى، وابتدعوا سينوغرافيا تناسب أفكارهم (أقوال عن الحكمة والعدالة لغاندي وأبراهام لينكولن)، وأشرفوا على الإضاءة، وصمموا رقصة على موسيقى غربية، اضافة الى تأليفهم نشيداً وطنياً خاصاً بهم: «وطني حبيبي ياعالي النسب، بتعرف كيف تسامح وبتعرف الغضب».
تعرض المسرحية في شكل مقنع تارة، واستفزازي تارة اخرى، أحوال الضعف والغضب والاختلاف والتحيزات الشخصية والأحكام المسبقة واللامبالاة والخوف وسواها مما يؤثر في المحلفين وتنعكس على قدرتهم في اتخاذ القرار المناسب. تتشابه مسرحية «12 لبناني غاضب» في مقاطع ما، مع مسرحية « فيلم اميركي طويل» لزياد الرحباني من حيث تقطيع المشاهد وبناء الشخصيات، وفي الحوارات ونبرات الصوت، وطرحها مشكلات في قالب كوميدي، انما لاذع ومنتقد. تخلل العمل عرض لبعض السير الذاتية للسجناء، وقد روى أحد المحكومين في قضية اغتصاب، كيف حرره السجن من مشكلاته النفسية وإدمانه، وجعله شخصاً واعياً يتخذ قرارات سليمة ويتحمل المسؤولية.
لم يكن السجين - الممثل، يقدم مشهداً تمثيلياً، انما اعترافاً بالذنب والخطيئة. مشهد حقيقي كما غالبية مشاهد المسرحية تعبر عن الندم والتوبة. فالمغتصب قدّم في نهاية المشهد اعتذاراً من الضحية وتمنى ان تسامحه. لكنه طرح أسئلة جوهرية مثل: سيسامحه المجتمع؟ هل سيبقى مجرماً بعد توبته؟ هل سيمحو الناس من ذاكرتهم ما كانه قبل السجن، وما صاره بعده؟ يحاول النص القوي والمتماسك والمؤثر أن يعرض اشكالية ما بعد الخروج من السجن، ويرصد خوف السجناء من رد فعل المجتمع تجاههم، وكيف سيتعاملون معه. ساعدت المسرحية السجناء على التخلص من الرتابة اليومية والتفكير الجدي في المواهب والأفكار التي يملكونها وهي في حاجة فقط الى من يقودها أو ينظمها اذا صح التعبير.
يقول الروائي الأوروغوايي كارلوس ليسكانو في روايته «عربة المجانين»: «للسجناء البائسين شغف باستثمار الوقت، لا بد من القيام بشيء ايجابي، شيء يهب الحياة، لئلا يتحجر المرء ويستسلم لمشيئة الجلاد». هذا ما شعر به السجناء تماماً، فعملوا بجد وجهد مضاعف، ليقدموا عملاً مسرحياً نقدياً محترفاً. وليس في الأمر مبالغة حين يوصف العرض بالمحترف، لما قدّم من مشاهد مقنعة بعيداً من التصنع، وبغية ايصال الأفكار بلا أخطاء تذكر. كان السجناء - الممثلون ، ينتقدون اوضاعهم ضمنياً، ويلمحون الى مشكلاتهم في طريقة غير مباشرة، محتجين بطريقة سلمية، مستغلين وجود حشد كبير من المسؤولين والنواب والوزراء. وقد تكون هذه الزيارة الى السجن المهمل تاريخية، وتطرح أسئلة عدّة، لا سيما بعد كل ما شاهده المسؤولون.
هل ستنتج من ذلك سياسة جديدة في اصلاح السجون تراعي أبسط شروط الحياة، وتمنح السجناء حقوقهم، وتخفف من عذاباتهم، أم أنها رحلة ممتعة شاهدوا خلالها عرضاً شيقاً، ينتهي لدى اجتيازهم بوابة السجن؟ الأغاني التي قدمت في العرض، عبّرت عن واقع السجناء وتميزت بكلماتها السهلة والرصينة، وقد أظهرت براعة السجين الذي سمى نفسه المهاجر، اذ كتب ولحّن معظم أغاني المسرحية (9 أغنيات). وطرح العرض أيضاً مسألة سيطرة فئة على اخرى في السجن، والتفاوت في مستوى المعيشة، وكيف أن بعض اللبنانيين يستغلون سجناء من جنسيات غريبة. المشهد الراقص الذي قُدّم، كان عنيفاً بحركاته وانفعالاته ووجوهه الغاضبة، وبدا متلائماً مع القاعة ذات الجدران المتشققة.
أخرج الممثلون من خلال الرقص على انغام صاخبة، الطاقة التي يختزنونها داخلهم، فجاءت الحركات غاية في الزخم والتركيز ورافقتها صرخات كانوا يطلقونها بين حركة وأخرى. والعرض الذي امتد نحو ساعتين، شهد ضحكا وبكاءً ودموعاً وفرحاً وسلاماً داخلياً وثقة بالنفس لدى السجناء، ولوحظت العلاقة الطيبة بينهم وبين المسؤولين عنهم، أقلّه خلال العرض. انتهى العرض، دخل السجناء - الممثلون لتحية الحضور، مشوا في شكل دائري، انحنوا للجمهور فرحين بالتصفيق الحاد. تمنوا لو يبقون يدورون والحضور يصفق. أما التحذير فكان: «يمنع خروج المدنيين قبل السجناء».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.