الوفد :17/1/2009 بين أحداث غزة وجريمة إسرائيل.. وذكري المقاومة المصرية الشجاعة في منطقة قناة السويس عامي 50 1951 عشت ذكري عظيمة تقارن بين المقاومة المصرية ضد قوات الاحتلال الانجليزي لمصر.. والمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين. وإذا كان الاحتلال البريطاني لمصر استمر 74 عاما إلا أنه بفضل وحدة النضال المصري »لكل المصريين« تحقق استقلال الوطن بالكامل.. وعادت مصر دولة حرة مستقلة.. كذلك فإن الاحتلال الصهيوني لفلسطين الذي بدأ رسميا منذ عام 1948، ولكنه استمر حتي الآن ولمدة 61 عاما دون ان يتحقق حلم الاستقلال والدولة الحرة بسبب الانقسامات الرهيبة بين كل أطرافها.. وتعدد فصائل المقاومة، ومشاربها واتجاهاتها. ** وبين معركة الاسماعيلية في مثل هذه الأيام من عام 1952 ومعركة غزة عوامل عديدة.. وقد تخيلت نفسي أمس جالسا في قاعة الاحتفالات بمقر كلية الشرطة القديم بالعباسية التي تعودت أن اشهد فيها احتفال وزارة الداخلية بعيد الشرطة كل عام.. إذ ضرب شعب مصر بكل فئاته مثلا رائعا في الوحدة الوطنية تجاه قوات الاحتلال.. كان الجنرال ارسكين قائد القوات البريطانية قد كلف البريجادير إكسهام بمحاصرة مبني قوات بلوك النظام »الشرطة« في الإسماعيلية وضربه حتي لو تهدم علي كل من فيه.. كان الهدف هو »كسر« المقاومة الوطنية المصرية في أعز ماتملك وهي قوات الشرطة، إذ كانت وزارة الداخلية برئاسة وزيرها فؤاد سراج الدين تسهل نقل الاسلحة للفدائيين من كل الفئات.. وتوصل لهم الذخيرة والمؤن ليزدادوا شراسة في مقاومة جيش الاحتلال: وكانت المقاومة المصرية تضم طلبة الجامعات والمدارس.. والمثقفين والعمال.. فضلا عن متطوعين من القوات المسلحة المصرية بأسلحتهم.. ** كان هدف جيش الاحتلال هو ضرب رمز المقاومة المصرية ممثلة في جنود وضباط الشرطة.. وكان الهدف هو تدمير مقر هذه القوات، التي هي رمز المقاومة المصرية كلها.. حتي تنكسر مقاومة المصريين.. واستخدم جيش الاحتلال كل ما يملك من اسلحة وعتاد وفي مقدمتها دبابات السنتوريون أثقل وأعنف سلاح عسكري أيامها.. واستخدم ايضا مدافع الهاون والفيكرز ومدافع الماكينة والرشاشات والبرن.. ولم تكن قوات الشرطة المصرية تملك اكثر من بنادق مارك 4 ولي أنفيلد وكل ذخيرتها خزنة بها 5 طلقات وطلقة في الماسورة!! وبضع طلقات. ** وفي مقابل الانقسام الفلسطيني في غزة.. والضفة تجلت الوحدة الوطنية في الاسماعيلية.. كان الاهالي والشباب من كل بقاع مصر يتسابقون لتقديم العون والمساعدة لرجال الشرطة الصامدين داخل المقر.. ويعملون علي إخلاء الجرحي وتقديم الطعام. كانت معركة تجلت فيها كل مظاهر وحدة النضال المصري ضد الاحتلال.. ولم تتوقف المعركة إلا بعد أن انتهت ذخيرة القوات المصرية.. وبعد أن دمرت مدفعية المحتل الغادر مبني بلوك النظام الذي اصبح هو مقر محافظة الاسماعيلية.. ** وبسبب هذا الصمود النادر من قوات الشرطة المصرية خرجت هذه القوات مرفوعة الرؤوس والهامات واضطر ضباط وجنود الاحتلال ان يرفعوا أيديهم بالتحية والاحترام لكل من بقي علي قيد الحياة من القوة المصرية.. وبسبب هذه المعركة العظيمة التي تجلت فيها وحدة النضال المصري نحتفل كل عام بذكري غالية نتذكر فيها الشهداء والذين ضحوا.. كما نتذكر أهمية »وحدة النضال« الذي أثمر في النهاية استقلال الوطن.. أما في فلسطين فلا أحد ينكر أن الانقسامات بين فصائل النضال أعادت القضية كلها إلي نقطة الصفر.. إلي حتي ما قبل 15 مايو 1948. ** تذكرت تلك المقارنة الواجبة، وأنا أتخيل نفسي جالسا في قاعة الاحتفالات بكلية الشرطة بالعباسية الذي تأجل الاحتفال فيها بعيد الشرطة يوم 25 يناير.. ولكن موعدنا ان شاء الله يوم الاربعاء الموافق 4 فبراير 2009 لنحتفل معا نحن كل المصريين بعيد الشرطة الذي يمثل رمزا لوحدة نضال لن ننساها.. فهل يعي كل الاخوة الفلسطينيين هذا الدرس من شقيقتهم الكبري مصر، ومن الشعب الذي قدم لهم ما لم يقدمه أي شعب آخر للقضية؟!