اضاف المذيع الاميركي الشهير دايفيد ليترمان «مشهدا جديدا» على برنامجه الحواري late show الذي يقدمه على فضائية سي بي اس وتنقله للمشاهد العربي فضائية «ام بي سي فور» والمشهد هو لقطة لحذاء يقذف في وجه بعض الرؤساء الاميركيين السابقين اثناء القاء كلماتهم ضمن فقرة تحمل عنوان «لحظات عظيمة في خطابات رئاسية» ويلاحظ ان الحذاء لا يقذف في وجه كل الرؤساء وخصوصا المحبوبين منهم لدى الشعب الاميركي مثل الرئيسين الراحلين رونالد ريغن وجون كنيدي – أو غيرهما – حيث يجري اختيار فقرة مهمة من احد خطاباتهما لعرضها من باب المقارنة مع الرئيس «الفصيح» المنتهية ولايته جورج دبليو بوش الذي يتعرض للنقد اثناء أو بعد كل «خطاب» رئاسي يلقيه حيث تهرب منه الكلمات فلا يجد ما يقوله.. فيثير الضحك لدى من يصغي اليه. حرية النقد والتقليد وهذا البرنامج ليس الوحيد من برامج «التوك شو» الاميركية التي تتناول بسهامها ودبابيسها بصورة دائمة الرئيس بوش الذي يعتبر من اكثر الرؤساء الاميركيين اثارة للجدل لكثرة ما يشكله من متناقضات في سياسته المتخبطة وفي شخصيته المتقلبة. وهناك شبه اجماع من قبل كتاب تلك البرامج ومقدميها على غرابة شخصية الرئيس «المغادر» وهذا ما يظهر بوضوح فيما يقدمونه من فقرات ضاحكة ومنتقدة لسلوكه ومواقفه وارائه وتصريحاته لتصبح مادة كوميدية بامتياز وتجعل من الرئيس ممثلا هزليا أو مهرجا من دون ان يحسب هذا المذيع أو ذاك ادنى حساب لاي رقابة أو موانع أو قيود على حريته في قول ما يشاء، وهناك استضافات لاشخاص تميزوا في تقليد الرئيس بوش وملامح وجهه وطريقة نطقه لكلمات محددة.. ومن ابرز هؤلاء واكثرهم ظرفا فرانك كاليندو. تابوهات رسمية وهذا المشهد الذي اضافه دايفيد ليترمان جاء بعد الحادثة الشهيرة التي تعرض لها الرئيس بوش اثناء قذفه بحذاء الصحافي العراقي المعتقل حاليا منتظر الزيدي خلال زيارته الوداعية للعراق ويبدو انه سوف يستمر (المشهد وليس الرئيس) ضمن تلك الفقرة التي يعري من خلالها ليترمان مواقف الرؤساء وقدراتهم الخطابية ومدى تأثيرهم على الشعب الاميركي وقناعاته.. ويبدو ايضا ان تلك اللقطة العربية المبتدعة (حذاء الزيدي) اصبحت من ضمن تقاليد العمل التلفزيوني لبعض برامج التوك شو الاميركية.. لانها مادة غنية لاضحاك جمهور تلك البرامج داخل الاستديوهات أو خارجها. يحدث ذلك في اميركا أو عبر شاشات فضائية كثيرة من بينها ال«سي بي اس» وال«اي بي سي» وال«سي ان ان» و«فوكس» وغيرها.. اما عندنا فالمسألة مختلفة تماما على صعيد الصورة «المشهد» أو التعليق نتيجة قيود وموانع وحسابات مرئية أو مخفية.. ان لم نقل مخيفة.. اذ لا يملك المذيع كل الحرية في انتقاد الرئيس الاميركي – اي رئيس – الا فيما ندر، هذا بالنسبة للفضائيات الخاصة أو اكثرها.. اما الفضائيات الرسمية فالمسألة لديها مختلفة تماما لكثرة ما يحكمها من تابوهات وقوانين لا تعد ولا تحصى. لياقة الرئيس ومهارته الغريب في الامر ان اميركا تنتقد رؤساءها بجميع الاساليب والصور ولا يخشى معد البرنامج أو مقدمه ان يفقد وظيفته أو موقعه أو حياته – احيانا – بينما يمنع على الواقعين تحت سيطرة وهيمنة بوش وتوابعه «في الشرق الاوسط» رفع الصوت ولو قليلا أو اعادة اللقطة الشهيرة لحذاء منتظر الزيدي الساقط فوق رأسه من باب التندر أو التهكم.. لذلك جرت مناقشة الموضوع من زوايا عديدة من بينها الاعجاب بلياقة بوش ومهارته في تفادي الحذاء أو مناقشة كل ما له علاقة بالحذاء وليس بعمق ما تعنيه الضربة من قهر وما تحمله من رمزية.. حتى لا يساء الفهم ويتهم القائمون على برامج التوك شو العربية بانهم يتعرضون لرؤساء دول مما يعرضهم للمساءلة أو المحاكمة أو السجن.. في الوقت الذي يتباهى فيه مذيعو اميركا ومذيعاتها بما يقدمونه من انتقادات لاذاعة أو مسلية وممتعة عبر برامجهم لرؤسائهم حيث تزداد شعبيتهم وايضا ملايينهم من دون ادنى خوف على حياتهم أو مستقبلهم.. علما بان هناك رؤساء يحسبون ألف حساب لهذا المذيع الشهير أو ذاك حين يلتقونه وليس العكس وهو ما يحدث عندنا. فكرة التندر دايفيد ليترمان احد اشهر مقدمي برامج التوك شو وصاحب برنامج late show الشهير على محطة ال«سي بي اس» هو احد اهم الاعلاميين الذين ابتدعوا فكرة التندر على الرؤساء ونجح في حشد جماهيري كبير له ولبرنامجه من دون ان يشعر ولو بلحظة ارباك حقيقية سواء خلف كواليس البرنامج.. أو على الهواء مباشرة!