اخبار اليوم 6/12/2008 بدأت حركة حماس في الاسبوع الماضي، سلسلة من اللقاءات التشاورية مع ممثلين للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، لتقييم ما اسفر عنه تطبيق اتفاق التهدئة الذي عقد في 91 يونيو الماضي وتنتهي مدته بعد اقل من اسبوعين خلال الشهور الستة الماضية، بهدف التوصل إلي توافق وطني فلسطيني أو بمعني ادق غزاوي بشأن تجديده لفترة اخري، أو الاعلان عن استئناف القتال. وحتي الان فان الاتجاه الغالب داخل الفصائل الفلسطينية الرئيسية، ينحو إلي رفض تمديد العمل باتفاق التهدئة لمدة اخري، وهو الموقف الذي أعلنته كل من »الجبهة الشعبية«، و »الجبهة الشعبية/القيادة العامة«، اللذين رفضا الاجتماع مع قادة حماس، بينما شاركت »الجبهة الديمقراطية« و»حركة الجهاد« في المشاورات واتخذت في نهايتها الموقف نفسه وهو رفض التهدئة. والمبررات التي تستند هذه الفصائل اليها في رفض استمرار التهدئة، بعضها شكلي، أو تنظيمي، يرتبط بما اسمته »الجبهة الشعبية«، بالاسلوب غير اللائق الذي تتعامل به »حركة حماس« مع الفصائل الاخري، وخاصة الرئيسية منها، فقد وافقت هذه الفصائل، علي اتفاق التهدئة علي الرغم من اعتراضها عليه من حيث المبدأ تقديرا للصالح العام، وفي اطار تفاهم علي ان تشارك في ادارة الصراع إلا ان حركة حماس ما كادت تحصل علي موافقتها علي التهدئة حتي عزلتها عن ادارة الامور في غزة، واستغلت هذه التهدئة للانفراد باقرار السياسات والهيمنة علي المجتمع كله، وادارة العلاقات الوطنية بما في ذلك الصراع مع العدو بطريقة تسلطية وخاطئة. في الجانب الموضوعي من الاعتراضات تذهب هذه الفصائل إلي ان تقييم تجربة التهدئة، خلال الشهور الستة الماضية تكشف عن ان اسرائيل كانت المستفيد الوحيد منها، فبينما التزم الطرف الفلسطيني بوقف اطلاق الصواريخ، علي المستوطنات فان اسرائيل لم تفتح المعابر ولم ترفع الحصار ولم توقف الغارات والاجتياحات . والتوصل إلي توافق وطني فلسطيني أو بمعني ادق غزاوي حول موضوع التهدئة، شرط ضروري لنجاحها، اذ باستطاعة اي فصيل لم يوافق عليها، أو حتي عنصر شارد أو غير منضبط من اعضاء هذه الفصائل، ان يفسدها بمجرد اطلاق صاروخ أو صاروخين باتجاه المستوطنات الفلسطينية لترد عليه اسرائيل، بأسلوبها الوحشي وبالاستخدام المفرط للقوة المعروفة عنها،: اغلاق المعابر وتشديد الحصار وشن الغارات الجوية.. واطلاق الصواريخ التي تصطاد الافراد. ولأن الذي يده في الماء، ليس مثل الذي يده في النار، فان حركة حماس التي تحكم غزة اكثر ميلا لتمديد التهدئة، في ضوء الصعوبات البالغة التي تتعرض لها بسبب لجوء اسرائيل، إلي تشديد الحصار علي »غزة« مما يضع حكومتها في موقف شديد الحرج امام اهالي القطاع، التي تدرك انهم سوف يحملونها في النهاية المسئولية عن كل ما يحيق بهم من متاعب يومية، نتيجة لنقص الضرورات الاساسية لاستمرار حياتهم، من الغذاء إلي الوقود ومن العلاج إلي التنقل بسبب عجزها عن اتباع سياسات مرنة، تكفل لهم الحد الادني منها في الوقت الذي فشلت فيه كل محاولاتها الاعلامية لالقاء تبعة ذلك علي اطراف اخري. ومع ان الحكومة المصرية كانت قد نقلت منذ اسبوعين في اعقاب التصعيد الذي اسفر عن انهيار التهدئة طلبا من حكومة غزة وافقت عليه الفصائل الاخري في غزة إلي اسرائيل، باستعدادها للعودة للالتزام بالتهدئة، مقابل فتح المعابر التجارية وافقت عليه حكومة تل ابيب إلا انه لم يستمرإلا ليوم واحد انهارت بعده التهدئة مرة اخري.. ولعل ذلك هو الذي جعل الادارة المصرية لا تبدو متحمسة بالقدر الكافي في الوقت الراهن للتدخل في الحوار الدائر بين الفصائل الفلسطينية حول تجديد التهدئة.. في انتظار ان يتوصل الاطراف إلي توافق فيما بينهم، والأمل ألا تدفعها قلة الادب ونقص التهذيب اللتان يتميز بهما اعلام حماس لان ترفع يدها عن الامر كله. لقد كانت التهدئة طبقا للرؤية المصرية خطوة اولي تقود إلي خطوة ثانية هي الحوار بين كل الفصائل الفلسطينية، وبعض حكومة غزة وحكومة رام الله، للتوصل إلي مشتركات وطنية، حول الحد الادني الذي يقبل الفلسطينيون في هذه المرحلة أن يصطفوا حوله، .ولا شيء يدعو للدهشة في ان يكون حرص »حماس« علي استمرار التهدئة مع اسرائيل، اكثر من حرصها علي استئناف الحوار مع فتح وبقية الفصائل الفلسطينية لان التهدئة تحتفظ لها بالسلطة في غزة في حين ان الحوار قد ينتهي إلي توافق يؤدي الي تحرير فلسطين وما يهمها هو »السلطة«.. وليس »التحرير«.