فجأة ومن دون سابق انذار وجد خمسة مواطنين حصلوا على الجنسية اخيراً انفسهم قد عادوا الى المربع رقم واحد من جديد. ولان مثل هذه القرارات السيادية لا ترفق معها توضيحات وتفسيرات فقد جاء ذلك متوافقاً مع امكانات الحكومة التي تتكلم عندما لا يكون للكلام حاجة، وتصمت عندما يكون الكلام لزاما عليها، هل سحبت الجنسية لان اجراءات منحها كانت غير سليمة؟ او سحبت ضمن صفقة التخلص من استجواب رئيس الحكومة؟ الجواب الاكيد غير معروف. الحكومة لم تهنأ كثيراً بأولى وأهم ثمرات قرار اسقاط الجنسية وتشكيل لجنة «تبرير» مصروفات الرئيس، وهي اعلان نهاية استجواب رئيس الحكومة، حيث انفتح عليها باب الاستنكارات من جميع الاتجاهات.. الكل غاضب من طريقة سحب الجنسية، والبعض وجدها فرصة للسير في الطريق نفسه لتحقيق المكاسب نفسها ولكن بمنح الجنسية وليس اسقاطها، وبعض آخر وجد ضالته في تمرير ما يريد من مطالبات كانت الحكومة ترفضها حتى وقت قريب، وخلاصة القول ان ابداعات ادارة الازمات في الحكومة الاصلاحية نجحت في اغلاق باب مشكلة وفي المقابل فتحت ابواب مشاكل اخرى. قضية ورأيان استضافت هذا الاسبوع كلا من رئيس الحمعية الكويتية لحقوق الانسان المحامي علي البغلي، والزميلة الكاتبة من جريدة الوطن عزيزة المفرج للحديث حول قضية سحب الجنسية وصوابية هذا الاجراء. علي البغلي – رئيس جمعية حقوق الإنسان إذا كانت عملية المنح صعبة فإن السحب أصعب • ما رايكم في جمعية حقوق الانسان بقرار الحكومة سحب جنسية مجموعة من المواطنين؟ نحن نستغرب هذا القرار الذي اتخذته الحكومة، بناء على ضغوطات نيابية. الا وهي استجواب النائب احمد المليفي لرئيس الحكومة، والسؤال على اي اساس منحت الجنسية لهؤلاء الاشخاص ثم سحبت منهم؟ ونحن كلنا ثقة بان الجنسية ليست منحة او هدية، انما هي حق قانوني، اذا توافرت الاشتراطات القانونية تمنح الجنسية بعد تمحيص وتدقيق لان مسألة نيل الجنسية الكويتية صعبة جدا. فاذا كانت عملية المنح صعبة، فان عملية السحب اصعب، وهي لم تمنح على ايام لجان الجنسية التي كانت تكتفي بشهادة الشهود التقاة، ولكنها منحت في هذا الوقت الذي توجد فيه مؤسسات وقوانين ومعلومات، وعليه فقد شكل خبر سحب الجنسية بناء على مجرد ضغوط من نائب واحد فقط صدمة كبيرة، وهو ما يدل على ان النائب المليفي لديه معلومات اكثر من حكومة دولة الكويت ووزارة داخليتها ولجان جناسيها. وهذا فقط لو نظرنا الى الموضوع من الناحيتين السياسية والقانونية. اما لو نظرنا لهذه القضية من الناحية الانسانية، فهذه مأساة ليس بعدها مأساة، هؤلاء الاشخاص منحت لهم الجنسية واستقرت اوضاعهم، وتأتي الحكومة بجرة قلم وتسقط الجنسية عنهم، وبرأيي ان الحكومة جعلت من نفسها اضحوكة، وهذا دليل على تخبطها، وقد كنا من كبار المساندين للحكومة والمطالبين بمنحها فرصة للعمل، ولكننا الآن مضطرون لاعادة النظر في موقفنا لان حكومة تتخذ مثل هذا القرار تستحق ما يأتيها. صندوق «باندورا» • ما التبعات السياسية لقرار الحكومة باسقاط الجنسية عن مجموعة من المواطنين؟ وما الذي دفعها اليه؟ نحن نعرف النائب احمد المليفي انه شخص متعقل ومؤدب ومتعلم ومن اهل الكويت المعروفين، ولكن نوابا آخرين سيكون شغلهم الشاغل اختراع قضايا لابتزاز الحكومة بالمطالبات القانونية وغير القانونية. لان الحكومة فتحت على نفسها باب شر مستطير او صندوق (باندورا) ستخرج منه كل المشاكل والشرور. ومن اجل التخلص من استجواب المليفي واسكاته، اصبحت الحكومة ملكية اكثر من الملك، حيث ذهبت مجموعة من الاشخاص ضحية لهذا الاستجواب واسقطت جنسياتهم. الطريق مغلق • لمن يلجأ المتضررون من هذا القرار السيادي؟ مع شديد الاسف هناك مادة غير دستورية (تعبنا)، ونحن نتحدث عنها، وهي المادة الاولى من الفقرة الخامسة من قانون المحكمة الادارية، التي تمنع على المحاكم النظر في مواضيع الجنسية، وكذلك الابعاد ودور العبادة، وبالتالي الطريق مغلق، فيما عدا لجنة الشكاوى والعرائض في مجلس الامة. عزيزة المفرج – كاتبة لا أرى أعمالاً جليلة تستحق منح الجنسية عليها • ما رأيك بقرار الحكومة سحب الجنسية من مجموعة من المواطنين؟ ما نعرفه هو أن اللجنة المركزية دقيقة في عملها قبل أن تقرر من يستحق ومن لا يستحق، ولكن هناك بعض الأسماء تم ادخالها في كشوفات التجنيس بعيداً عن عمل اللجنة المركزية، وربما تكون هي تسببت بالمشكلة الأخيرة لأنها لم تخضع للاجراءات نفسها التي مرت بها الأسماء الأخرى. وقد وجدت اللجنة المركزية لهذا العمل لكي لا نقع في أي اشكالات. لأن عملية سحب الجنسية بهذه الطريقة توحي بعدم الثقة بالإجراءات المتبعة. ومن الطبيعي ان الرغبات الفردية بمنح الجنسية لأشخاص معينين والتي لا تخضع لفحوصات اللجنة يشوبها الخطأ وهذا وارد، وهنا تقع الحكومة في خطأين خطأ في منح الجنسية وخطأ في سحبها، وهناك من ينتظر من الحكومة الوقوع في مثل هذه الأخطاء كي يطعن بالاجراءات كلها. بند غامض • ما رأيك بمنح الجنسية على أساس الأعمال الجليلة؟ المشكلة أساسية في تعريف مفهوم الأعمال الجليلة، ما هي الأعمال الجليلة؟ وهناك من يستغل حالة الاتساع في هذا المفهوم لمنح الجنسية لغير مستحقيها تحت هذا البند، وهناك مسؤولون يتدخلون من أجل أشخاص معينين بحجة الأعمال الجليلة. ان بند الأعمال الجليلة غامض ويحتاج إلى تحديد أكثر ووضوح أكثر لأنني شخصياً لا أرى الآن أعمالا جليلة تستحق الجنسية. مشكلة في الدراسة • برأيك هل عملية اسقاط الجنسية تمت ضمن صفقة بين الحكومة والنائب أحمد المليفي؟ عملية الاسقاط تمت إما بناء على طلب من النائب أحمد المليفي وإما ان عملية تجنيس من اسقطت عنهم الجنسية فيها خطأ، ولكني اعتقد أن العامل الأول كان هو الأقرب إلى الصحة، ومن الخطأ ان يقع الظلم على أشخاص بناء على اتفاق سياسي، وطالما انك اعطيتهم الجنسية بناء على مرسوم فلابد من احترام ذلك المرسوم، واذا لم تكن هناك رغبة في المنح فمن الأساس كان يجب عدم اعطائهم الجنسية. نحن في الكويت لدينا مشكلة في دراسة المواضيع المهمة فلو أخذ مثل هذا الموضوع حقه من الدراسة فلا مجال بعده للتراجع، ولكن لأن المعالجة تتم سلق بيض يحدث هذا التراجع، وأنا أخشى الا يقوم استجواب جديد.. يكون ثمن تجاوزه متعلقا بأمور الجنسية.