أعاد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الثلاثاء دعوته لفكرة إنشاء حكومة اقتصادية حقيقية خاصة بمنطقة اليورو، على ضوء الأزمة المالية العالمية رغم التحفظات التي أبدتها ألمانيا. وقال ساركوزي الثلاثاء "على البنك المركزي الأوروبي أن يكون مستقلا، كما يجب على مؤسسة النقد في فرانكفورت التي تدير العملة الأوروبية الموحدة أن تتمكن من التحاور مع حكومة اقتصادية". وأضاف في كلمة ألقاها أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورج حول الدروس التي يجب استخلاصها من الأزمة المالية العالمية "من المستحيل أن تستمر منطقة اليورو دون حكومة اقتصادية واضحة المعالم". وأوضح أن اجتماع وزراء المالية وحده غير كافٍ عندما تأخذ الأزمات مثل هذه الأبعاد، موضحا أن رؤساء الدول والحكومات وحدهم يتمتعون بشرعية ديمقراطية. وأعلن ساركوزي الدعوة قريبا إلى قمة أوروبية استثنائية للتحضير للاجتماعات العالمية التي ستعقد حول إعادة تشكيل النظام المالي العالمي، قائلا "سيتسنى لي أن اقترح على شركائي رؤساء الدول والحكومات عقد اجتماع للتحضير لهذه القمم" التي وافقت الولاياتالمتحدة على مبدأ عقدها في عطلة نهاية الأسبوع الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2008. من جهة أخرى اقترح الرئيس الفرنسي أن تطرح أوروبا فكرة إعادة تشكيل الرأسمالية العالمية، مضيفا أن ما جرى ليس إدانة لاقتصاد السوق بل خيانة لقيم الرأسمالية. وأشار ساركوزي أن الحل الأبسط أمام القمم العالمية سيكمن في إشراك القوى الاقتصادية الناشئة الكبرى الخمس ومنها الصين والهند مع دول مجموعة الثماني الصناعية. وهذه الحكومة الاقتصادية -التي لا تزال معالمها غير واضحة- فكرة تدعمها منذ سنوات فرنسا التي تدعو إلى توجيه سياسي لمنطقة اليورو حيال نفوذ البنك المركزي الأوروبي "المؤسسة الفيدرالية الوحيدة للدول التي تتعامل بالعملة الأوروبية الموحدة". وكانت باريس حاولت مرة أولى عرض هذه الفكرة إلى الواجهة في ربيع 2008 قبل توليها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في يوليو/تموز 2008 من خلال الدعوة إلى قمة لرؤساء دول منطقة اليورو. لكنها اضطرت إلى التراجع عن هذه الفكرة بسبب معارضة ألمانيا التي تشتبه أن باريس تريد إعادة النظر في استقلالية البنك المركزي الأوروبي المتهم بانتظام أن شغله الشاغل هو مكافحة التضخم والحفاظ على معدلات فائدة مرتفعة. وأعطت الأزمة المالية الرئيس ساركوزي ذريعة جديدة لتطبيقها وعقدت قمة رؤساء دول وحكومات منطقة اليورو (15 بلدا) في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2008 في باريس لوضع خطة إنقاذ منسقة للمصارف. ووضعت هذه الخطة التي صادقت عليها لاحقا دول الاتحاد الأوروبي ال27، ساركوزي في موقع قوة أمام المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل التي ترددت في الانضمام إلى حل أوروبي لمواجهة الأزمة. (أ ف ب)