بعد إستقراء الأبحاث الطبية حول العلاقة بين الضغوطات الإجتماعية وعلاقتها بأمراض تصلب الشرايين تؤكد جميع الإبحاث العلاقة الطردية بين هذه الضغوطات وإصابات الشرايين بسبب إستنفارها لهرمونات عصبية تؤدي إلى إحداث إعتلال في جدران الأوعية الدموية. وإرتفاع نسبة الكولسترول الضار ( LDL ) في الدم ، وإرتفاع ضغط الدم الشرياني ، والتي بدورها تؤدي الى إحداث تصلب الشرايين ومنها الشرايين المغذية لعضلة للقلب ، والشرايين الدماغية. وقد أثبتت الدراسات أن كلما زاد عدد وحدة والمدة الزمنية لهذه الضغوطات الإجتماعية، كان الشخص عرضة للإصابة بتصلب الشرايين وحدوث الأمراض الناجمة عنها سواء كانت امراض القلب او تجلطات الدماغ وامراض شبكية العين وضعف الاعصاب الطرفية. وان تحسين وتخفيف وطأة هذه الضغوطات تتناسب بشكل طردي مع تحسن الحالة المرضية للمصابين بتصلب الشرايين . ومن أهم الضغوطات المؤثرة :- 1. طبيعة العمل : العمل الضاغط نفسياً ، والمتصف بالتوتر وعدم الإستقرار : مثل العمل طويل الأمد ، والذي يحتاج إلى مجهود عضلي ، أو نفسي شديد ( مراقبة الأجهزة الدقيقة والحساسة ، او تحتاج إلى اليقظة العالية والإستنفار ) ، اوالعمل الروتيني ، اوإختلال قدرة الشخص على إتقان العمل والتحكم به ، او وجود الفرد في جو عملي غير مرغوب فيه ،او شعور العامل بالغبن وقلة الحوافز المالية والإجتماعية والمادية ، اوقناعته بوجوده في عمل أقل من كفاءته ومؤهلاته العملية ، اوتدن القدرة على الإنسجام مع رفاق العمل إجتماعياً ونفسياً ووجود العامل في ظروف ادارية وتسلطية او قمعية . 2. تدني وجود الدعم الإجتماعي الكافي للتخفيف من المعاناته النفسية ، مثل قلة وجود الأصدقاء ، وقلة الإحتكاك الإجتماعي ( مع العائلة ، والأقارب ، والجيران ، والزملاء ، والعزلة الإجتماعية)، وقلة وجود المؤسسات الاجتماعية الداعمة . 3. الظروف الزوجية والعائلية مثل الطلاق ، أو الانفصال ، أو إضطراب الإرتباط العاطفي مع الزوجة والابناء ، والنزاعات الزوجية . 4. الشعور بنقص الأمن الإجتماعي : ان شعور الفرد بتدني الأمن الإجتماعي يشكل ضاغطاً نفسياً على حاضره ومستقبله يؤدي إلى الشعور الدائم بالتوتر وعدم الإرتياح مما يؤدي الى إختلال الهرمونات العصبية وبالتالي إختلال الاوعية الدموية على المدى البعيد و تصلّبها . ومن العوامل المهمة لإستقرار الأمن الإجتماعي :- توازن الدخل الإقتصادي مع متطلبات الفرد بحيث تفوق الحاجات الأساسية لحياته الزوجية والعائلية والمتطلبات الإجتماعية، وأية مشاريع حياتية مستقبلية . ووجود نظام التوازن في السلم الوظيفي بين كفاءة الفرد وطبيعة العمل، وتوفر الحوافز لعطائه الفكري والعملي والعلمي ، والشعور بالأمان في تثمين مدى عطاءه في عمله من المؤسسات المسؤولة عنه ، وغياب تدخل عوامل العلاقات الشخصية ، والتسلط ، والقمع الإداري وتوفر الحرية والعدالة لمشاركته في القرارات . ووجود القوانين التي من شأنها حمايته ورعايته صحياً ، وإجتماعياً ، واقتصادياً، وعلى قدر كافٍ من الثقة بتطبيقها على أرض الواقع . 5- نمط الحياة والثقافة الإجتماعية : ان كثيراً من الأنماط و الثقافات الإجتماعية السلبية تكون وليدة لظروف نفسية محيطة يعيشها الفرد ، أو تكون سبباً في حصول إحباطات نفسية تؤثر على نفسيته وسلوكياته، وبالتالي زيادة في حدة التوتر النفسي ومضاعفاته العضوية ، فمثلا النمط الغدائي (الغذاء العشوائي غير المتزن - البدانة أو نقص التغذية السليمة ، وإنتشار عادة التدخين ، أو تناول الكحول ، وقلة التمارين الرياضية ، وقلة مزاولة الترويح عن النفس والسياحة ، ورفاهية الفرد ما بعد العمل ، كل ذلك ذو صلة عالية بإختلال التوازن النفسي ، وإحداث التوترالذي يؤدي الى اصابة الشرايين الدموية مباشرة ، و إرتفاع الكولسترول الضار ، وسكر الدم والضغط الشرياني ، ومن ثم إختلال الاوعية الدموية وحدوث تصلب الشرايين . وللوعي الصحي والثقافة الصحية أهمية كبيرة كأحد العوامل التي قد تؤثر إيجابياً أو سلبيا على حياة الفرد ، فحينما تكون ايجابية تنعكس على أهمية المعالجة الطبية والحرص على الإقدام والإلتزام بالفحوصات الطبية الدورية والأخذ بتوجيهات الأطباء والالتزام بالعلاج وأخذ أعراض المرض محمل الجد ، مما يؤدي إلى تحسن حالته المرضية وتدني في حالة الضغوطات النفسية ، والعكس صحيح . مستشار الأمراض النفسية والعصبية