منذ ما يقارب القرن ومئات الدراسات والأبحاث الطبية تشير إلى علاقة وطيدة بين أمراض القلب والأمراض النفسية والضغوطات النفسية الإجتماعية . ويؤكد أحد كبار الباحثين ذلك بقوله ( يُجمع إختصاصي الأمراض النفسية والباطنية وعلم الأمراض ، الذين قاموا بأبحاث لعشرات السنوات على المرضى النفسيين بحتمية الرابطة الوثيقة بين تصلب شرايين القلب وبين الأمراض النفسية والتي كثيراً ما تؤدي إلى الموت المفاجئ ) . وتؤكد الأبحاث : أن الأمراض والضغوطات النفسية تؤدي إلى إحداث خلل في جدران الشرايين عن طريق (الهرمونات الإستنفارية) الناجمة عنها والتي تؤدي الى تصلبها. ان إضطراب القلق بأنواعه ( من رهاب ، وفزع ، ووسواس ، وقلق عام) ، وإضطراب المزاج من إكتئاب ، وهوس إكتئابي ، والفصام العقلي ، أكثر الأمراض النفسية عرضة وخطورة لتصلب شرايين القلب والإصابة بالذبحة الصدرية أو إحتشاء القلب ، وأن الأمراض النفسية تشكل مؤشراً خطيراً ما قبل الإصابة القلبية ، وان المصاب بالقلب ما بعد معاناه نفسية أقل شفاءً وأكثر خطورةً في الإصابة مقارنة مع المرضى الذين لم يعانوا من إضطرابات نفسية مسبقة . أما الأسباب التي تجعل المريض نفسياً أكثر عرضة للإصابة القلبية :- 1. كثيراً ما يُهمل ( المريض نفسياً ) تفقد حالته العضوية خاصة فحص القلب، وإرتفاع ضغط الدم ومستوى دهنيات الدم . 2. كثير من الأعراض النفسية من تكدر المزاج ، والشعور بالكسل ، والإعياء تكون مقدمة للإصابة القلبية فهناك بعض التشابه في الأعراض الأولية لأمراض القلب وبعض الأعراض النفسية . 3. إن طبيعة الحياة ( للمرض النفسي) السلوكية والبيولوجية مختلفة عن الحالة الطبيعية . وهذا النمط يختلف عن الأصحاء ، فطبيعة المرض نفسي تؤدي إلى إهمال الذات من ناحية نمط الغذاء الصحي والميل للعزلة وقلة الحركة ، وإهمال الرياضة ، والتدخين بشراهة ، وتدن في الدافعية والوعي والرغبة للإستماع أو المتابعة لبرامج أو معلومات مفيدة صحياً بخصوص إرتباط عوامل خطرة في إستحثات الإصابات القلبية وغيرها من الأمراض العضوية . فالتدخين بين المرضى النفسيين أكثر إنتشاراً وإستهلاكاً بشراهة مقارنة مع غيرهم ، فنسبة التدخين في حالات القلق والإكتئاب تبلغ (50%) ، والإدمان الكحولي والمخدرات (65%) ، و في حالات الفصام والهوس (80%) مقارنة مع نسبة ( 25 ) من المجتمع ، وان دافعية المريض النفسي لظروفه الإقتصادية أيضاً تنأى به عن البحث والتفقد والوعي الصحي . وللتدخين دور في هذه الحالات النفسية ،ذلك لأن الأمرشبه لا ارادي يضفي نوعا من الشعور بالارتياح وان كان وهمياً . 4. ان مرض القلق العام والفزغ والرهاب ، والكآبة ، والهوس يؤدي إلى إرتفاع ضغط الدم الشرياني. ومن المعروف فسيولوجياً أن ضغط الدم العلوي يتأثر مباشرة بإضطراب المزاج والتوتر ، وأنه كلما زادت حدة المرض كلما زاد هذا الضغط مما يؤثر على فسيولوجية القلب والأوعية الدموية . 5. إن القلق العام ، والفزع ، والرهاب يؤدي إلى إرتفاع الكولسترول الضار في الدم وترسبه في جدران الأوعية الدموية مؤدياً إلى تصلب الشرايين ومنها القلبية . 6. إن الكسل او الخمول وقلة النشاط الجسمي في العديد من الأمراض النفسية عامل آخر في إرتفاع الكولسترول الضار والفرصة للإصابات القلبية . بناءً على التأثيرات العضوية السلبية الناجمة عن الأمراض والضغوطات النفسية للمريض المصاب بالقلب ، والمضاعفات النفسية المعروفة ما بعد الإصابة القلبية من كآبة ،وقلق، ونوبات فزع ، ووسواس ، فإن العناية السليمة الصحية لا تقتصر فقط على الإجراءات الطبية والعقاقير الخاصة بالقلب ، بل تستدعي التدخل العلاجي النفسي وتصويب الضغوطات الإجتماعية الضاغطة نفسياً على المريض ، لتفادي المزيد من المضاعفات ، وتحسين حالته المرضية .