المصرى اليوم 16/9/2008 ما الذي يدفع رجل أعمال ناجحًا يمتلك المليارات من الجنيهات أن يقتل أو يحرض علي القتل، مثلما فعل أو اتهم به هشام طلعت مصطفي! سؤال أسمعه كثيرًا، يردده الجميع دون أن يصل أحد إلي الإجابة! هل الحب، أو الفشل فيه، يمكن أن يدفع إنسانًا إلي هذه الجريمة؟.. هل القلب الذي ينبض ويرتعش شوقًا، يطرد النوم من الجفون، ويجعل الإنسان رقيقًا ذائبًا متألمًا، يمكن أن يتبلد فجأة، وتسكنه القسوة فيغتال حياة من تغزل فيها، بكي بين يديها، وتوسل إليها أن تقبله زوجًا؟! هشام طلعت مصطفي، من أسرة طيبة، شريفة، مكافحة، صنعت تاريخها الاقتصادي بالعرق والدموع، فما الذي حدث لهذا الابن؟ هل هي السلطة التي جاءت بها الثروة، أصابته بالغرور، وجعلته يشعر بأنه رجل مختلف، لا تستعصي عليه امرأة، ولا يجرؤ القانون علي الاقتراب منه، وعندما أيقن أنها لم تكن تحبه، وأخذت منه من المال والسلطة أكثر بكثير مما منحت، شعر بالإهانة، فأبي أن تظل شاهدة علي هزيمة رجولته؟.. هذا الفحل الذي تطارده الحسناوات، فيتمنع عليهن، أو ينتقي منهن من يشاء ليتزوجها، وقرر أن ينتقم منها بإنهاء حياتها؟! يمكن تفهم غضب هشام أو انتقامه، لكن أن يصل الأمر إلي هذا الحد من العنف والوحشية واللاإنسانية غير معقول؟ هل يتحول الإنسان منا فجأة إلي قاتل، وهل القتل غريزة إنسانية كامنة، يفجرها الجهل أو الغضب، أم الثروة والسلطة؟ هل هشام واحد من المصريين، الذين ملأت قلوبهم القسوة، فأصبحنا نقرأ عنهم كل يوم عشرات من جرائم القتل؟ هل هناك علاقة بين الاتهام بالقتل الموجه إلي هشام ومحسن السكري، وبين هذا الأستاذ الجامعي، الطبيب الشهير محمد غريب، الذي يمتلك ثروة تقدر ب 70 مليون جنيه، ولكنه قتل بكل وحشية تاجر أجهزة كهربائية، لأنه تأخر في سداد ديون قيمتها 70 ألف جنيه؟ قتل الرجل في نهار رمضان، قد يقتل الإنسان خطأ، أو غضبًا، أو في حالة دفاع عن النفس، كل منا في لحظة قد يتعرض لذلك، لكن أن يقتل، ويمزق الجثة، ويحرق الرأس واليدين، وينتظر من الظهيرة حتي يسمع أذان المغرب، ليوزع أجزاء الجثة علي أحياء القاهرة، يا الله.. ما كل هذه القسوة، وهذه القلوب الميتة؟ ما الذي حدث للمصريين، أهل الشهامة والمروءة، الشعب المتدين بالفطرة؟!.. أصبحنا قساة علي أنفسنا وعلي الآخرين، نسرق، نكذب، نتحدث عن الدين ولا نمارس التدين، نرتشي كل صباح، ثم نقتل بكل يسر، ونغسل أسناننا بمعجون الشرف، لنخرج علي شاشات التلفاز، نناضل ونتحدث عن الفضيلة ونشيد بهذا الوطن العظيم! التركيبة النفسية للمصريين تتبدل وتتحول من سيئ إلي أسوأ، فلو لم نقف أمام أنفسنا لندرس ونفهم ما الذي يحدث لنا وبنا، قل علي مصر - التي كانت عظيمة بشعبها - السلام!!