على الرغم من الإعاقة التي تعاني منها، والتي أقعدتها على الكرسي المتحرك الذي لا تفارقه، إلا أن طموحاتها بلا حدود، فهي تقوم بنشاط بارز في مختلف مناحي الحياة خدمة للمعاقين. فهي البرلمانية الأولى في العالم من ذوي الاحتياجات الخاصة. إنها البحرينية منيرة عيسى بن هندي، التي طبع جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة قبلة على رأسها يوم دخولها بكرسيها مجلس الشورى. (مرايا البيان) أجرت معها هذا اللقاء ، وعن نفسها تقول: أنا إنسانة عصرتني التجربة، وجعلت مني إنسانة مرهفة متعايشة مع ظروف مجتمعها، ربما الإعاقة هي التي رسمت الابتسامة على شفاهي. من هم ذوي الاحتياجات الخاصة في نظرك؟ كل إنسان في الحياة هو من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكلنا ذوو احتياجات خاصة، ولكن هناك فوارق كل حسب ظروفه. الاحتياجات هذه قد تكون آنية كالمرأة الحامل مثلاً. بالنسبة لي أستحسن مصطلح ذوي الإعاقة التي اعتبرها مفخرة لي. كيف كانت نظرة المجتمع لك وأنت مقعدة؟ عرفني المجتمع وتعايشت معه، لأن أسرتي آمنت بي وشجعتني، حتى أنني لا أشعر بأني معاقة، لأنني قد تفوقت على من هم غير معاقين، ولهم رجلان ويدان في التفكير والعلم والمعرفة جعلت المجتمع يحترمني، ومن قال إنني سليمة، و أريد أن أبدل رجلي بأرجل صناعية. متى بدأت عملك التطوعي؟ منذ أن كنت صغيرة وأنا أشاهد أمي تؤمن بالعطاء وخدمة المجتمع، وهي سيدة معروفة في المجتمع البحريني، كما تعلمت من والدي حب العمل الاجتماعي والتآلف والتكاتف بين (فرجان) المحرق آنذاك، وما زالت أسرتي تؤمن بأن الثروة الحقيقية في الحياة هي الانخراط في العمل التطوعي وخدمة أفراد المجتمع. هل هناك شيء في داخلك لا يعرفه المجتمع؟ أنا كتاب مفتوح ولا يوجد شيء في حياتي خفي عن الناس، وإذا كانت الإعاقة عيب فأقول «أهلاً بها»، الإعاقة جعلتني مرآة في المجتمع ينظرون إلي أني طموحة رغم أني مقعدة على كرسي متحرك. هل توقعت أن يتم تعيينك عضوة شورى؟ أنا لم أسع يوماً لأن أكون على مقاعد مجلس الشورى، ولكنني عملت بصدق وإيمان نابع من القلب، ترجمته على الواقع، من خلال حبي لوطني وقيادتي وخدمة أبناء شعبي من المعاقين في خلال المراكز الخاصة بهم. كرسي الشورى سينتهي، ولكن عطائي مستمر، سواءً كنت عضوة بمجلس الشورى أو خارجه. هل كان لعائلتك فضل في وصولك لكرسي الشورى؟ أبداً لم يكن لهم فضل في وصولي لمنصبي كعضوة في مجلس الشورى، بل أنهم فوجئوا بالخبر عندما أخبرتهم، على الرغم من أن أخي محافظ مدينة المحرق، وأخي الثاني مستشار لجلالة الملك للشؤون الرياضية. هل كان لإعاقتك دور في وصولك لمجلس الشورى؟ أنا أقول إن القيادة السياسية إذا ما شعرت أن شخصاً أثبت نفسه في المجتمع، فإنها حتماً ستثق به وتكرمه في منصب يخدم من خلاله وطنه الذي أعطاه الكثير، وإن كان معاقاً، وأتذكر في هذا المقام كلمة والد جلالة الملك، الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمة الله عليه، عندما قال لي في أحد المحافل «أنت النفط الحقيقي لهذا الوطن». صفي لنا شعورك عندما قبل الملك رأسك؟ لم أتوقع أن يقبل ملك رأسي في يوم من الأيام، ولكن ملكنا أعطاه الله الإلهام ليفعل ذلك. وهذه اكبر فرحة لي وكانت لتكفيني، إذا ما قيل لي أنك لن تكوني عضوة في مجلس الشورى، وأنا إلى الآن إذا ما شعرت بالإحباط في أي أمر أقوم بإعادة ذلك المنظر الذي لن أنساه ما حييت، حتى يرفع معنوياتي ويجددها. هناك الكثير من المعاقين في دول العالم يراسلونني، ويقولون لي إنهم عندما سمعوا أن ملك قبل رأس معاقة، اخذوا في البحث عن البحرين والتعرف عليها حيث إن الرجل الأول في البلد يقدر دور المعاقين إلى هذا الحد، وإذا ما تم تقدير المعاق في بلده فان دول العالم بالطبع ستقدره وتحترمه. ما طموح منيرة بعد عضوية مجلس الشورى؟ أطمح أن أمسح دمعة كل طفل معاق، وأن استبدلها بشمعة تنير له طريقه في الحياة، وأدعو الله أن يعطيني القوة والأمل بأن أكون السبب في مواصلة المعاقين حياتهم، وأن يكونوا فاعلين في المجتمع ويخدموا وطنهم، الذي أعطاهم ولم يبخل عليهم. ما هي الانجازات التي قمت بها بمجلس الشورى؟ قدمت عدة أسئلة إلى وزير الصحة ووزير البلديات ووزير الإسكان لتوفير الخدمات، وتسهيل جميع أمور المعاقين وتذليل العقبات التي تواجههم، وأنا الآن اعمل على تعديل قانون المعاقين ليتماشى وراحة المعاقين في مختلف المجالات. هل أنت مع تقليص صلاحيات مجلس الشورى؟ أنا استغرب دعوة البعض لتقليص صلاحيات أعضاء مجلس الشورى الذين يناقشون قضايا تهم الوطن دون كلل أو ملل، إذاً لماذا يتم تقليص صلاحياتهم. فالكل في الأخير همه الأول هو صالح البحرين وشعبها. ألم تفكري في ترشيح نفسك لمجلس النواب؟ الحياة هي البرلمان. وأنا أشعر بالراحة إذا خدمت مجتمعي وقضيتي في إعانة المعاقين من خلال المؤسسات المهتمة برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، لذا لا أفكر في أن أرشح نفسي لدخول المعترك النيابي. وأرى أنني أستطيع أن أعطي أكثر من خلال عضويتي في مجلس الشورى. هل من كلمة أخيرة تقولينها؟ الإنسان يجب أن يحترم عطاءه سواءً قل أو كثر هذا العطاء، لأنه بالطبع سيساهم في عملية التطور في بناء الوطن، كما يجب احترام المعاق رغم الفوارق الفردية، أقول في الختام «أعطوا المعاق الحرية ليبدع في خدمة الوطن». إضاءة منيرة عيسى بن هندي، ولدت في المحرق، عزباء. حاصلة على دبلوم علم نفس (القاهرة)، ودبلوم برامج رياض أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة (القاهرة)، ودبلوم تربية خاصة معهد كرتاس (القاهرة)، الى جانب العديد من الدورات التدريبية في المجالات الإدارية. شغلت العديد من المناصب مثل مسؤولة وحدة الخدمات التأهيلية بوزارة التنمية، ومدير عام رياض الأطفال وحضانات الإعاقة، وعضو مجلس الشورى. مشاركة في عضوية عدد من الجمعيات منها: نائب رئيس المنظمة العربية للمعاقين، رئيسة المركز البحريني للحراك الدولي، عضو مجلس أمناء المؤسسة الوطنية لخدمات المعاقين، عضو الجمعية الخليجية للإعاقة، عضو اللجنة الوطنية لتفعيل العقد العربي للمعاقين.