لم يعد للذين يعانون الفقر سوي شهوة الحلم وتمني الخلاص من الاحتياج, فقادتهم رغبة التمتع برفاهية النجوم وسيارات الأثرياء الفارهة إلي البحث عن الذهب ومساخيط الفراعين في تلال القري. وهكذا انتشرت في قري كثيرة في الدلتا نقلا عن الصعيد حكايات بلغت قوة الأسطورة عن هذه الآثار المدفونة تحت بيوتهم. وفي قري كثيرة أضاع العديد من الطامعين في الكنز الأموال والجهد والعمر, وتهدم العديد من البيوت علي رءوس أصحابها نتيجة لعمق الحفر الذي يصل أحيانا إلي عشرين مترا والمياه الجوفية التي باتت تهدد أغلب قري الدلتا في غياب أو تجاهل الجهات المسئولة عن هذه الكارثة والمصيبة الحالية هي ان عددا من الأسر أصبحوا يشاركون الكلاب الضالة وقطط الشوارع بعد أن تشققت حوائط منازلهم وباتت تحت وقع الانهيار في أي لحظة لأي هزة بسيطة حتي ولو كانت بمرور سيارة نقل ثقيل حتي إن أهالي قرية بلقس بمركز قليوب يحمدون ربهم علي ضيق شوارعهم مما يمنع مرور السيارات فيها ولكنهم علي أي حال يعيشون في الشارع ومنهم عم خليل يوسف هذا المسن البالغ من العمر74 عاما الذي يعيش هو وعائلته المكونة من ثلاث أسر في الشارع ومعه أصحاب عدد آخر من البيوت الملاصقة لبيته فضلا عن آ خرين لم يتركوا بيوتهم رغم ظهور تشققات وشروخ وميل لبعض الحوائط.. لكن لماذا حدثت هذه الشروخ التي طردتهم خارج جدران بيوتهم؟ السبب هو قيام أصحاب البيت القديم المهجور الملاصق لهم من الخلف ومساحته كبيرة بحفر أنفاق يصل عمق بعضها إلي17 مترا سعيا للوصول إلي باب السرداب الذي سيفتح لهم علي الكنز كما يتوهمون يقول خليل يوسف: بدأت الشروخ في منزلي منذ عشرة أيام وقتها اكتشفنا سبب وجود العديد من الأشخاص ليلا في المنزل الخلفي.ويضيف جاره محمد سلامة: كنا نشعر بأصوات الحفر وتزامن ذلك مع انتشار شائعات في القرية تؤكد قيام حسنين سيد حسنين صاحب المنزل الخلفي بالبحث عن الآثار, وفي احدي الليالي شاهدناهم من أسطح منازلنا فنهرناهم وطاردناهم بالقاء الحجارة عليهم حتي هربوا ولكن الأخطر هو امتلاء هذه الأنفاق والحفر بالمياه السطحية وتسربها إلي اساسات المنازل المحيطة بهذا البيت مما أحدث شروخا في العديد منها كما في منزل المواطن عبدالعزيز يوسف حيث يبدو بوضوح الفراغ تحت أرضية حجراته عندما دق البعض من المرافقين بأرجلهم علي الأرض.ويؤكد أحد الأهالي ظهور هذه الشروخ في فترات متقاربة واستطلع بعض الشباب الأمر من فوق اسطح المنازل المحيطة فشاهدوا بعض الأشخاص وهم صبيح وصابر خليل وحسنين بكري يقومون بردم ما حفروه بعد انكشاف أمرهم, ويؤكد جمال شكر مستنكرا سلبية الجهات الحكومية في معالجة الأمر حتي ان رئيس المجلس المحلي عندما أبلغناه وحضر وعاين الحفر طالب السكان باخلاء منازلهم دون ايجاد بديل, وهكذا يعيش الناس في الشارع رجالا ونساء وأطفالا. ومازالت الشروخ تظهر في حوائط البيوت الأخري تباعا كما في منزل أحمد حلمي حسن مقيم شعائر الذي تقول زوجته لم يمض علي بناء المنزل أكثر من شهر وتكلف40 ألف جنيه.نفس الأمر حدث في منزل سلامة أبوالنيل الذي زوج ابنه فيه منذ ستة أشهر. أما ماجد هاشم فيقول: حدثت شروخ كبيرة في منزلي وميل في بعض الحوائط وهو نفس ما حدث في المنزل المقابل وفي محل حلاقة عماد أحمد الشيخ حتي مسجد العمري لم تسلم أرضيته من الحفر تحتها مما يهدد بهبوطها. وحسب تأكيدات العديد من الأهالي ل تحقيقات الأهرام باتساع نطاق الحفر للبحث عن الآثار فإن المنازل التي يبدأ الحفر منها وصل عددها إلي ثمانية منازل وأغلبها قديم ومهجور أثرت بالطبع علي المنازل والبيوت المجاورة وهناك أخري لا يعرف أحد شيئا عما يحدث بداخلها. وتنتشر الاشاعات بقوة عن الجن في القرية ووصول البعض إلي مكامن عدد من الكنوز فظهرت عليهم علامات الغني ومنهم من كان يعيش في عشة من الخوص وأصبح الآن بمساعدة هذا الجن يمتلك150 فدانا وآخر باع آثارا ب55 مليون جنيه, وثالث ورابع وهكذا ويروج البعض من سارقي الآثار والباحثين عنها عن علاقاتهم بعدد من كبار المسئولين وتعاملهم في الآثار التي يشاع عن توافرها بكثرة لأن القرية التي يبلغ عدد سكانها17 ألف نسمة موغلة في القدم وبها ثلاث ربوات أو كما يسميها الأهالي دحديرة ترتفع علي سطح الأرض بعدة أمتار. ويقول جمال شكر تنتشر الاشاعات مؤكدة أن علي رأس كل دحديرة كنزا متواصلة مع حكايات قديمة من أيام الجدات عن عائلات اغتنت من الآثار. فمنهم من وجد رأس جمل من الذهب, وهو ما يذكرني بنفس الحكاية وقد سمعتها أيضا في قرية نمرة البصل بالمحلة الكبري عن الجمل الذهب الذي وجده أحدهم أمام مقام الشيخ مبارك علي رأس التل ونفس حكاية السرداب الموجود أسفل التل الذي يصل بين هذه القرية ومدينة سخا بطول11 كيلو مترا.ويقال إن احدي الجدات دلفت إلي السرداب في صباها فوجدت غرفا عديدة علي الجانبين, بالإضافة إلي ذلك فإن اساطير بلقس تحكي عن وجود المارد أو الرصد علي أول السرداب الذي إن تغلبت عليه فتحت لك أبواب الكنز في دحديرة درب الأيشوني, ولا بأس بكل هذه الأساطير والخرافات التي طالت عقول أغلب الفقراء في ريف مصر الذين داعبت خيالاتهم رفاهية الحياة كما يرونها علي شاشات التلفاز, نقول: لا بأس طالما لم تخرج عن حيز الحكاية ولكن أن تصل إلي هدم البيوت علي رؤوس أصحابها وتشريدهم فهو ما يجب أن تلتفت اليه الأجهزة المعنية التي وجدناها غائبة لا يعنيها من الأمر شيء. فكل ما حدث حسب كلام الأهالي ومنهم خضر هاشم إسماعيل هو تحرير المحضر رقم1980 إد اري قليوب بتاريخ2008/4/16 وتم القبض علي بعض من قاموا بالحفر وأمرت النيابة بحبسهم4 أيام ثم أفرج عنهم. أما إبراهيم آدم رئيس الوحدة المحلية فانه يؤكد أن بالقرية خفراء للآثار وللابلاغ عن الشروع في هدم أو بناء أي منزل ولا يتم البناء إلا بعد الموافقة من هيئة الآثار,( وهو كلام جميل ولكن ما حدث عكس ذلك ملحوظة من عندنا) ويضيف آدم: جاءت لجنة من مجلس المدينة لتقييم الوضع وأبلغت الشرطة والآثار ومازلنا في انتظار التقرير النهائي. أما السيد شحتة الأخرس رئيس مدينة قليوب فقد أكد ل تحقيقات الأهرام نفس الكلام وأضاف ان لجنة الآثار أكدت وجود حفر تم ردمه ولكن ماذا عن الذين خرجوا من بيوتهم إلي الشوارع؟ فقال بالحرف: إن عليهم أن يتقدموا بطلبات وسوف نرسل لهم مندوبي الشئون الاجتماعية( يقصد التضامن الاجتماعي) لبحث طالباتهم وإذا ثبتت صحة كلامهم فسيحصلون علي خيمة مؤقتة إلي حين بناء وحدات سكنية! وإلي هنا انتهي كلام شحته الأخرس, وبعد فما رأي المحافظ المستشار عدلي حسين والمسئولين في الحكومة؟ وهل ينتظر هؤلاء البؤساء حتي يتم بناء الوحدات السكنية؟ وماذا سيفعلون في أمطار الشتاء القادم؟! وما هو دور نواب الشعب في البرلمان ولماذا لم يتحرك أحد منهم لمساعدة ناخبيهم؟! سامح خليل يوسف يقول: عندما ذهبنا إلي نائب الشوري قال: انتو عارفين قسم الشرطة روحوا بلغوا!..