بالنسبة إلى منظمة يتهمها متشككون بأنها بلا قلب فان الاتحاد الأوروبي له من القلوب الكثير، حتى انه لا يعرف ماذا يفعل بها. فمن الناحية الجغرافية، تخترق القارة الأوروبية آسيا عبر حدود غير واضحة. وهذه الخاصية تسمح لبعض الدول في أوروبا بالادعاء بأنها قلبها، غالبا لأسباب مختلفة. ومن بين الدول التي تتنافس على هذا الموقع (القلب)، سلوفاكيا التي يدفع بعض الجغرافيين بأنها تقع - على وجه التحديد - في منتصف الطريق بين طرفي القارة. وتشير عشرات المواقع الالكترونية الى تلك الدولة - العضو الجديد في الاتحاد الأوروبي- باعتبارها «قلب أوروبا». ويثير موقع سلوفاكيا في نفوس السلوفاك مشاعر الفخر بأنهم زرعوا في قلب أوروبا يقينا. بيد أن هذا الزعم يواجه منافسة من جارات سلوفاكيا. فكل من براغ وبودابست تروج لنفسها بقوة باعتبارها «قلب أوروبا» الثقافي والجغرافي أيضا. ومن المعروف أن المؤرخ البريطاني نورمان ديفيس عنون كتابه الصادر عام 1984 عن تاريخ بولندا «قلب أوروبا». وفي عام 2006 كتب الكاتب المتخصص في شؤون السياحة والمؤرخ بارت نابراداليك يقول ان فيينا تستحق أن ينظر اليها بوصفها «قلب أوروبا الحقيقي». وفسر الأمر، قائلا ان سكان فيينا «ألمان عذبو الصوت ذوو لمسة جاذبية ايطالية يعشقون الحياة مثل الفرنسيين وعاطفيون مثل السلوفاك». بيد أن مواطني وسط أوروبا يواجهون تحديا من جانب أبناء شواطئ بحر البلطيق. ففي عام 2000 قدر خبراء من المعهد الجغرافي الفرنسي القومي أن مركز أوروبا يقع في ليتوانيا. وأدى هذا الاعلان الى ادعاء الليتوانيين أن بلادهم هي قلب القارة، لكنه أثار دعوات مضادة من جانب الجارتين بولندا وبيلاروسيا (روسياالبيضاء). وفي أبريل عام 2005 أعلن الرئيس الأوكراني فيكتور يوشينكو أن «أوكرانيا هي قلب أوروبا .. أبلغوني من فضلكم كيف يمكن لأوروبا أن تعيش بلا قلبها». وربما كان هذا من قبيل الكلام الدعائي الأجوف لكنه أحد المفاتيح الأساسية في فهم السبب في رغبة عدد كبير من الدول الأوروبية أن ينظر اليها بوصفها قلب أوروبا. وثمة شيء مشترك يجمع بين كل أولئك الذين يرفعون هذه المزاعم وهو أنهم قد تعرضوا للهيمنة، وفي بعض الحالات حكموا بشكل مباشر من جانب موسكو حتى انهيار الاتحاد السوفيتي. وهذه الهيمنة تركتهم في حاجة ملحة لإثبات أنهم «أوروبيون حقيقيون». وأنهم أعضاء حقيقيون في النادي الغربي. وهكذا فان البولنديين والليتوانيين يصرون بشدة على أنهم من وسط وليس شرق أوروبا. والاستونيون يصرون على أنهم اسكندنافيون. فيما يشير التشيك الى أن عاصمتهم أقرب الى الغرب أكثر من فيينا. وربما يدفع بعض المتشككين بان الزعم بالانتماء إلى قلب أوروبا انما يعبر بشكل اكبر عن مشاعر بلد ما بأكثر مما يعبر عن مشاعر أوروبية. ومع ازدياد عدد الدول التي ترفع هذه المزاعم - حيث وصفت سلوفينيا نفسها في يناير الماضي بأنها «قلب أوروبا الجديد» - يبرز سؤال تتعين الاجابة عليه، وهو: ما اذا كان الحماس يكشف بقدر أكبر عن قوة أوروبا المستمرة، أم ينم عن مشاعر تشكك تعتمل في صدور أبناء تلك الدول؟!