كل المفردات التي يمكن تخيلها في تراث العيش في الصحراء اجتمعت هنا في تناغم وانسجام وشكلت ما يشبه بانوراما حية لحياة البدو الرُحّل. أنت هنا في هذا (المتجر/ المعرض) الذي ألفه، كما تؤلف الأعمال الفنية، شابان مصريان فتحا أبوابهما للعالم كما فتحا عيونهما على أسواقه العاملة في ميدان هذه المفردات التراثية الصحراوية. أنت هنا أمام مشغولات نسجية تتضمن السجاد، البسط، الأغطية.. وأمام عباءات تراثية، أغطية رؤوس، صناعات فخارية، جلود، أدوات موسيقية، أحجار كريمة، نحاسيات، سلال، سروج، معادن وغيرها. لاحظ الشابان الشريكان طارق شتا وهشام الجزار أن كثيراً من الناس مازالوا يعيشون على استشعار عبق الماضي الجميل، ويحلمون باقتناء ما يذكرهم به عبر السعي لاقتناء قطع أو أشياء تذكرهم به. كما أدركا أن غالبية هؤلاء الناس لا تهتم بهذه القطع فقط للكسب أو الاستثمار المادي وإنما الأمر يتعلق بشكل وثيق بالقيمة الفنية للعمل الذي قد يستغرق إنجازه شهورا، إلى جانب قيمته الجمالية ودلالاته الإنسانية..ومن هنا قام الشابان بإعادة إنتاج هذه الأشغال اليدوية والترويج لها، وبيعها في الأسواق المحلية وحول العالم. لقد قرر طارق وهشام تطويع العولمة لخدمة إبداعات الزمن الجميل، فأنشآ كيانا تجاريا يرتكز على التصدير الإلكتروني عبر الإنترنت لهذه الإبداعات. يقول هشام إن العمل بدأ في البداية على فكرة تأسيس اسم تجاري عالمي سهل يمكن تداوله من كل اللغات من دون عناء، ويكون مرادفا للبساطة والتميز، فتم الاتفاق على اسم «يدوي» ليصير علامة متداولة معروفة على مستوى العالم. ويدل الاسم على أشغال تبدعها أنامل الحرفيين المصريين التي تتفنن في إبداع لا يعرف الحدود. ونجح طارق وهشام في التسويق للمشروع ومنتجاته، فاتصلا ب «مشترين مفترضين» حتى قبل تأسيس الشركة، وتمكنا من كسب شريك لهما من الولاياتالمتحدة الأميركية، لتصير واحدة من الأسواق الرئيسة لتجارتهما. - خامات الأصالة: وعن الخامات التي يتم استخدامها في تصنيع منتجات «يدوي» يشير هشام إلى استخدام أصواف الخراف التي تربى في منطقة «سيوة» بالصحراء الغربية لجمهورية مصر العربية، ومنها يتم تصنيع بعض الثياب والعباءات والبطاطين والمفروشات والوسائد، فضلا عن الخيام. كما يتم المزج بين الصوف والحرير في صناعة السجاد و«الكليم»، ويستخدم الجلد في صناعة البوفات «شلته»، أيضاً تستخدم بعض أنواع الأحجار الكريمة والكوك في صناعة «السبح» التي يتم تنفيذ شراشيبها من الفضة المشغول يدويا أيضا. تستخدم «يدوي» أيضاً زجاج «البيركس» في صناعة الأواني الزجاجية، وتُصَنّع هذه المنتجات في قرية «ميت نما» بمحافظة القليوبية شمال العاصمة المصرية، وهي تمتاز منتجاتها بقدرتها العالية على تحمل الحرارة، فضلا عن ألوانها المتنوعة. أما المصنوعات الفخارية، فتجلب طينتها من أسوانجنوب مصر، ويتم تنفيذها في عدة قرى في صعيد مصر، بينما تصنع السلال البدوية من جريد وسعف النخل في منطقة الفيوم. وهناك أيضاً أوان وأطباق خشبية يتم تصنيعها في قرية «حجازة» بمحافظة قنا في صعيد مصر، بينما يستخدم المرمر و«الألاباستر»، وعظام الحيوانات والعاج والياقوت والمرجان في صناعة التحف وإكسسوارات الزينة. ألوان متنوعة وردا على سؤال حول ما إذا كانت هذه الأشغال مرتبطة بالموضة بطريقة ما، يوضح هشام أن لهذه الأشغال سمات محددة بشكل عام في الشكل والألوان تدل على مصدرها أو هويتها. ويشير إلى إنتاج بعض القطع المختلفة أو الخارجة عما هو مألوف باستخدام ألوان ونقوش جديدة أو غير تقليدية. وعن أبرز موضات الأزياء البدوية والألوان التي تميزها وتطريزاتها يوضح «الجزار» أن الألوان يغلب عليها الأحمر والأسود والبرتقالي والذهبي، وتتضمن إكسسوارات فضية وتطريزاً باستخدام خيوط متباينة بين الذهب والفضة وغيرهما. وتصنع هذه الملابس عادة من الأقمشة القطنية و«الفسكوز». ويشير هشام إلى مشاركة «يدوي»، التي تعتبر أول شركة تأخذ الأيزو في الصناعات اليدوية عن التصميم والتصدير وتعبئة المنتجات في أغسطس 2007، في العديد من المعارض العالمية، ومنها معرض ambiente في فرانكفورت في ألمانيا الذي يعتبر من أكبر معارض الصناعات اليدوية عالميا. انتشار ومنافسة وينفي هشام وجود صعوبات في التعامل مع الزبائن عبر الإنترنت، أو عوائق في الاستعلام عن الموقع أو أسعار وأصناف المنتجات المختلفة، موضحاً أن الأسعار «لُقطة» وصورها تتوفر على الموقع بشكل واضح، إذ يتم إخطار العملاء بها مباشرة. ويلفت إلى أن البيع يتم على نطاق الشركات والتجار وليس الأفراد، مؤكدا على ثبات سعر المنتجات في مختلف بلدان العالم. وهو يعلل حدوث فوارق في الأسعار بين بلد وآخر فيعود للبائع الذي يتولى تسويق هذه المنتجات في البلد الذي يقيم فيه التاجر. وتنتشر منتجات «يدوي» في أسواق الولاياتالمتحدة الأميركية وألمانيا واليابان وبريطانيا وأستراليا والمكسيك وتايلاند وكندا، وهناك اتجاه للانتشار في الأسواق العربية خلال المرحلة المقبلة. ويعترف هشام بوجود منافسة قوية لمنتجات «يدوي» في الصين وتركيا والمكسيك، فضلا عن بعض المنافسين المصريين الذين ينتجون منتجات مشابهة لمنتجات «يدوي». ويكشف أن خطة قد وُضعت لمواجهة هذه المنافسة تتضمن تقديم تصاميم حديثة، تضع مقاييس جودة عالية، تلبية فورية لمتطلبات الزبائن، الحفاظ على علاقات تجارية طويلة المدى مع الشركاء.