يبدو أن ظاهرة الاختفاء أصبحت سمة, فبعد اختفاء الرغيف لفترة ها هو الرصيف يختفي في ظروف أكثر غموضا مما دفعني لاكتشاف أسباب هذا الاختفاء وهل يمكن أن يعود الرصيف كما عاد الرغيف؟ في البداية تبين أن أسباب اختفاء الرصيف كثيرة, من بينها معارض السيارات التي احتلت الأرصفة بسيارات لا حصر لها, والمقاهي التي افترشت الأرصفة بمقاعد ومناضد. بسؤال المواطنين قالت هبة إسماعيل: هل تتصور أنني أفضل أن أسير في وسط الشارع معرضة حياتي للخطر بين سيارات الميكروباص أو سائقي الموتوسكيلات التي تمر بين السيارات, لكن لا حيلة لي, فلا توجد أرصفة تحمينا, هذا فضلا عن أنني أركن سيارتي بعيدا عن جهة عملي, إذ أنني أرفض أن أركن سيارتي( صفا ثانيا) خشية الغرامات المرورية, وحماية لسيارتي من الكلبشة, أو اصطدام سيارة بها, بالإضافة إلي أن أبي علمني الالتزام, وكان يردد دائما أن اختفاء شعار القيادة فن وذوق أوجد نوعا من أنواع الفوضي الدائمة. ويضيف المهندس محمد رأفت أن السيارات احتلت الأرصفة بعد أن ظهرت الأبراج التي انتشرت وبدون جراجات, خاصة في الأماكن الراقية التي يصل ثمن الشقة فيها إلي أكثر من مليون جنيه, وبالطبع فإن قاطني هذه الشقق يملكون بدل السيارة الواحدة اثنتين وثلاث سيارات, كما أن متوسط الشقق يصل إلي40 شقة, وبحسبة بسيطة نجد أن العمارة الواحدة بها أكثر من مائة سيارة, هذا بخلاف أن تكون في هذه العمارة شركة أو عيادة, أو من يتردد علي الشركة أو العيادة, وهكذا نجد أن الموضوع معقد للغاية. أرصفة للتأجير! الأغرب من ذلك, كما تقول المهندسة رانيا: أعمل بمكتب هندسي, وصممت أنا وزوجي أكثر من عشرين تصميما لعمارات معظمها بحي المهندسين, وكان عملنا ينتهي بالتصميم واستخراج التراخيص, وبالطبع لم نقم بإعداد رسم لعمارة بدون جراج, لكننا نكتشف بالمصادفة بعد أن تسكن العمارة أن الجراج اختفي في ظروف غامضة, وأن واجهة العمارة تحولت إلي محال, والجراج إلي مخازن لهذه المحال, وبالطبع تحتل السيارات أرصفة, ليس الشارع الذي يقع فيه العقار فقط, بل وأرصفة الشوارع المجاورة, ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد, بل هناك( صف ثان) يغلق الشوارع بالكامل فتتحول بقدرة قادر إلي جراج وتظهر فئة من السياس المتسولين, ورأس مال كل منهم فوطة والسلام, والأكثر من ذلك أن المحافظة احتلت الأرصفة, وأقامت فيها جراجات علي أن يكون الانتظار بالساعة, وبإيصال صادر من الأحياء التابعة للمحافظات, وبالتحديد في المنطقة المحصورة بين نادي الجزيرة وحتي مبني اتحاد كرة القدم بشارع الجبلاية, لأنه في هذه المنطقة هناك أكثر من بنك, والمترددون علي تلك البنوك يؤجر لهم الرصيف بالكامل. أخيرا.. إذا كان الرغيف قد اختفي بسبب الاعتماد علي استيراد القمح, فهل سنسعي إلي استيراد رصيف للمشاة؟!